ارتبطت صناعة المخامر في دير الزور بالقمح وخبز التنور الذي اشتهرت به المنطقة حيث كان المخمر قديماً يشكل مادة أساسية في البيت ولا يكاد يخلو منزل من وجوده ولذلك نشطت صناعته في دير الزور وتعد من الصناعات اليدوية التقليدية.
والنموذج الأساسي للمخمر يجب أن يكون مدوراً على شكل رغيف الخبز ويصنع البرواز الأمامي للمخمر وإطاره من خشب الجوز لانه يعطي طراوة ويساعد على اللف بشكل دائري أما غطاء وقاع المخمر فيكونان عادة من خشب الشوح كونه قابلاً للامتصاص مشيراً إلى أنه عند وضع الخبز في القاع يعمل على امتصاص الرطوبة وهي الميزة الأساسية لهذه المخامر لأنه إن لم يكن هناك امتصاص للرطوبة ينتج العفن لذلك لا يمكن استعمال أي نوع من الأخشاب فخشب الصنوبر مثلاً لا يفي بالغرض لامتلاكه نوعا من الزيوت الطيارة التي تساعد على نمو البكتيريا وبالتالي زيادة العفن.
أن المخمر يستعمل إضافة لحفظ الخبز في تحويل الحليب الرائب إلى لبن أي ترويب الحليب أو كما يقال في اللهجة المحلية تخثير اللبن ومن هنا جاءت تسمية المخمر فهي ناتجة عن التخمير أي تحويل الحليب إلى خمائر أنزيمات حيث يقوم المخمر بامتصاص الماء الموجود في اللبن بوساطة الخشب العازل للحرارة والبرودة إذ يحتاج اللبن في الشتاء إلى درجة حرارة 55 درجة مئوية لكي تنمو الخمائر الموجودة في الحليب فيتخثر أما في فصل الصيف فتكون درجة الحرارة منخفضة في داخل المخمر فيحافظ اللبن على برودته.
وسابقاً كان يستعمل المخمر بكثرة وخاصة في الأرياف حيث يباع الحليب بالمخمر بشكل يومي كي لا يفسد ولكن مع وجود وسائط النقل الحديثة قل استعماله فمهما كانت المسافة عن المدينة يبقى الحليب طازجا حيث كان يستغرق نقل الحليب سابقا يوما كاملا بواسطة الحيوانات.
للمخمر أنواعاً وأحجاماً مختلفة تفنن صانعوه في دقته وزخرفته وتعددت أحجامه وأشكاله ليكون أكبره بقطر 100 سم وهو يستعمل لتخثير الحليب والأوسط بقطر 50 سم لوضع رغيف التنور فيه أما الأصغر فيكون قطره 30 سم ويستخدم هذا النوع في حلب البقر لأن الحليب يجب أن يوضع في إناء من الخشب .
إلا أن صناعة المخامر بشكل عام تقلصت بشكل كبير بسبب قلة اليد العاملة والتكلفة المادية للخشب وخاصة خشب الجوز فهو غير متوافر من البيئة المحلية وإنما يأتي من غوطة دمشق.
ويقول حمد العلي أحد المعمرين إن تراجع التنور في دير الزور أدى إلى تراجع استخدام المخامر لكن سابقا لا يكاد يخلو منزل من تنور الخبز وبالتالي يحتاج الأمر إلى مخمر لحفظه أما اليوم وبوجود الأفران الآلية فإن الناس لم يعودوا بحاجة للمخمر كون استهلاكهم للخبز يتم بشكل يومي.
وأبناء الريف لا يزالون يستخدمون المخامر ويشترونها إلى اليوم فهي تكسب الخبز نكهة وطعما مميزاً وتحفظه طرياً وتحافظ على طراوته أكثر من الثلاجة.
وتابع أن هناك علاقة حميمة بين أهالي دير الزور والمخامر الخشبية فهي تذكرهم برائحة التنور ورائحة الأجداد فهو أحد مفردات التراث التقليدي وهي مهنة كغيرها من المهن اليدوية تحاول الصمود والبقاء في ظل التمدن والتطور.
يعطيك العافيه اخ رامي ...موضوع ممتاز ...........فعلا انه من التراث الذي ربما سينساه الجميع يوما بعد ان كثرت الافران والخبز الذي لايكلف سوى خمس امام الفران اتمنى ان لاتنسى ....الشجوه والظرف لان هاي متفوتك تعرفها اكيد...تحياتي
ابن العم العزيز رامي مشكور على ماتجلبه لنا مما غاب عن اعيننا من التراث الذي رافق حياة آبائنا وأجدادنا فترة من الزمن
لدي ملاحظة بسيطة وهي الماده التي يتكون منها المخمر (الحشب ) والسبب في استخدام الخشب هو لان الخشب في حد ذاته ماده عازلة قوية والى الان تستخدم مادة الخشب في العزل
وكما ذكرت فإن القاعدة والغطاء عاده تكونان اسمك من باقي حسم المخمر لانهما اكثر جزئين يتعرضان للظروف الجوية
وعندما يوضع الخبز في المخمر فهو يتعرض لعملية عزل فعندها يحافظ على نفسه
وايضا كان أهلنا يستخدمونه في صناعة الخاثر وبعد ان يخثر اللبن يوضع في المخمر كذلك لحمايته من الحرارة وعندها يحمض اللبن ويفقد وظيفته الاساسية
في حالة اللبن ( الخاثر ) يحتاج الى عزل اكثر حتى يختمر فهنا يقومون بتغطية المخمر بأعطية اضافية لكي تتم عملية العزل بشكل جيد ويتخثر الحليب