تسجيل جديد
اختر لونك المفضل
مجلس القصص والروايات>[دم ّ الغشيــــم ]
 أبوسعدالطائي
 11:24 AM
 23.04.06
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
قصة اليوم من قصص وادي الفرات التي تفيض حكمة ً
أكتبها لكم من الذاكرة مع بعض التصرف 0
قيل أنّ رجلا ً كان أصابه ميل ٌ شديدٌ إلى النوم الطويل وشعور ٍ دائم ٍ بالكسل والملل وتسلل اليأس والقنوط إلى أعماقه فعشعش فيها دون أسبابٍ بيـّنةٍ أو معروفةٍ فصار يشكو حاله إلى النـاس فقال له أحدهم: {يبدو أنّ حظــّـك نائمٌ}0
استغرب الرجل الجواب وسأل :
(وهل تنام الحظـوظ ؟!0)0
فقيل لـه :
(أجـل إنّ لكل واحدٍ من البشر حـظ ٌ فنحن نتصرف مثل ماتفعل تلك الحظـوظ تماماً ولابدّ أن حظـّـك كسول مهمل متبلد وهو الذي جـرّ عليك ما أنت فيه )0
قال الرجل :
( وأين أجد حظـّي وكيف أوقظـه ؟0 )0
فقيل لـه :
( تجد حظــّـك في وادي الحظـوظ ، وهذا الوادي يقع في أرض ٍ بعيدة ٍ تفصلك عنها صحارى وأوديةً وجبالاً وغاباتً وتحتاج إلى سفـر ٍ طويل ٍ لايخلو من مخاطرة ٍ كبيرة ٍ، فإذا وصلت إلى هناك ستجد حظـّـك يغط ّ في نوم ٍ عميق ٍ فأوجعه ضرباً ولا تفلته حتـّى يقسم لك بأن لايعـود إلى النوم أبداً ) 0
وبدأ الرجل سفره قاصداً وادي الحظوظ وبعد أيّـام ٍ صادفه في غابةٍ من الغابات سبـعٌ أصبح جلـدٌ على عظم ٍ لشدّة هزاله يجاور جيفة ً نتنة ً وكان الناس في ذلك الحين يفهمون لغة الحيوان فقال الرجلُ للسبع ِ :
( إي أبو السباع ماهذا الحال الذي أراك عليه، وكيف وصلت إليه ،أتأكل الجيف ويقتلك الجوع ، وأنت ملك الغابة !؟0
فردّ السبع بحزن ٍ شديد ٍ :( إنها علـّـة لم أجد لها دواءً صيّرتني إلى ماترى !0 )0
وبعد أخذ ٍ وردٍّ ودّع الرجلُ السبعَ بعد أن استحلفه أن يسأل حظـه عن دواء علته وسبيل الخلاص من محنته فوعده خيراً0
وتابع الرجل رحلته فمـرّ على فلاح ٍ يتصبب العرق من جبينه يحرث أرضاً لايبدو فيها نبت ٌ ولازرع ٌ وزاد من استغرابه أن الأراضي المجاورة لها تنمو فيه أشجارٌ وزروع ٌ من كل الأصناف نزل الرجلُ ضيفاً على الفلاح ودار بينهم حديث مثل كل ضيف ٍ ومضيفه فقال المضيف : ناشدتك بالملح والزاد الذي بيننا لأن تسأل حظـّـك عن سبب الجدب الذي يصيب أرضي دون غيرها من الجوار وعدم جدوى كدّي وكدحي فيها0
غادر الرجلُ وهو يطمئن الفلاحَ على عدم نسيان وصيته وبعد زمن ٍ وصل إلى مدينة ٍ كبيرة ٍ وافرة المياه كثيرة البساتين جميلة العمران تضاحك أرضها السماء ، لكن أهلها في حزن ٍ وعبوسٍ فلا تكاد ترى فيها مبتسم ٍ وبعد حوار ٍ مع أفراد ٍ من المدينة عرف أنها عاصمة دولتهم وأن حزنهم مراعاة ً لمشاعر ملكهم المحبوب الذي يحزن على ابنته المريضة والتي عجز الطبّ عن شفائها وأبلغوه أن الملك وعد من يشفي ابنته الوحيدة بأن يزوّجه إياها وأن يجعله وريثه على عرش المملكة ولما عرف الناس سرّ رحلة الرجل ولحبهم لملكهم وابنته توسلـّوا إليه أن يسأل حظـّـه عن سبيل الشفاء لها وهذا ما وعد به0
ثم تابع رحلته إلى أن أشرف على وادي الحظــــوظ ، فرأى حظـــوظاً لاتعدّ ولاتحصى تسرح وتمرح وتتقافز بفرح ٍ وسعادةٍ وتنشغل بأعمال ٍ وصنائع ٍ وبعد بحث ٍ طويل ٍ وجــد حظــّــه ، كان حظ ّ الرجل قابعاً في ظلّ صخرةٍ كبيرةٍ ويغط ّ في نوم ٍ عميق ٍ فاض الغيظ ُ بالرجل واستذكر رحلته والعناء الذي لقيه وحاله قبل السفر فصرخ قائلا ً : ... لعنت َ من حظ ..... 0
ثم ّ انهال عليه ضربا ً والحظ ّ مندهشٌ من هول المفآحأة وبعد أن عرف الحقيقية قال الحظ ّ لصاحبه :
[ توقف عن ضربي ولك عليّ عهد ٌ أن لاأعود للنوم أبداً ] 0
ثم ّ سأل الرجلُ حـظـّه عن أسرارالسبع والفلاح وابنة الملك فأرشده إلى الحلول
فتوادعا وهما يتعاهدان على الوفاء 0
شعر الرجل بنشاط ٍ لم يعهده من قبل وغمره الفرح والسرور وامتلأ رأسه بالأحلام والآمال وفي طريق العودة عرّج على المدينة وبشّـر أهلها بأنه جاء ومعه الفـَـرَج ُ0
فأوصلوه إلى القصر وحضـّر الدواء كما وصفه له حظـّه ، فتماثلت الفتاة للشفاء فعـمّ الفرح والسرور أرجاء المملكة ، وتقاطر الأمراء والوجهاء يمطرون الرجل بهدايا وعطايا تفوق الوصف ، ثم أعلن الملك على رؤوس الأشهاد أنـّه يفي بما وعد ، وأنـّه يزوّج ابنته من الرجل الذي نجـح في علاجها ، وأنـّه يجعله خليفة ً له 0
امـّـا الفلاح فقد هرب من المدينة سرّاً وهو يحدث نفسه :
{وما حاجتي إلى هداياهم وعطاياهم ولما اتعب نفسي بالحكم ومشاغله ولما أقبل ابنة الملك زوجة ً قد لاتسعدني ، إنني بغنى عن كل ذلك أجل فقد قــعــد حظـّـي ولا لزوم بعد اليوم لمنّـةٍ من أحد ولن احتاج الناس أبداً }0
ثمّ وصل الرجل إلى الفلاح فأخبره بأنّ أرضه تحتوي على كنز ٍ كبير ٍ ولايحتاج كثير عناءٍ للوصول إليه فقال الفلاح : (أمـّـا وقد كنت السبب في غناي وسعادتي فأقسم عليك أن تقبل مني نصف أرضي بما فيها من كنوز ٍ فتقيم معي أخوة ً لايفرقنا إلا الموت )0
غادر الرجل وهو يضحك من سذاجة الفلاح ،ويقول في نفسه :
{ كنوز أرضك وما حاجتي إليها وقد قــعـــد حظي و.....و.....و }0
وأخيراًوصل الرجل محطته الأخيرة فوجد السبع ، وجده وقد زاد هزاله حتى أنـّـه لم يعد قادراً على المشي ، فناده :
{أبشر يا أبا السباع ، أبشر جئتك بالشفاء }0
ثم دنا من ليسمعه قصة رحلته العجيبة من ألفها إلى يائها ، حدّثه عن المدينة والفلاح وعن العروض التي عرضت عليه 0 فقال السبع متلهفاً إلى معرفة سرّ مرضه وسبيل الشفاء فقال الرجـل :
{ آه... اعذرني يا أبا السباع ، لقد انشغلت عنك في الحديث عن رحلتي ، يا أبا السباع إنّ عـلــّـتـك خطيرة وقد تودي بك إلى موت ٍ قريبٍ وليس لك من شفاء إلا ( دمّ الغشيم ) ، أجل يا أبا السباع هذا هو سبيلك للشفاء } 0
و فـــــجأة ً جثم السبعُ على الرجل ِ فدقّ عنقه ورشف الدم من أوداجه وهويقول :
(((وأين أجد من هو أكثر منك غشامة ً وغباءً ؟؟؟!!!...0)))0

 إبن الفرااات
 12:26 AM
 24.04.06
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم ثبت علينا العقل والدين اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين
ولانصادف مثل هذا الغشيم اللهم آآآآآآآآآآآآآآآمين
الأخ بوسعد يسلموااااا على هذه القصة
 أبوسعدالطائي
 01:37 AM
 25.04.06
حـيّـاك الله أخي ( ابن الفرات )

واعلم رعاك الله أنـه لولا كثرة الغشماء عندنا

لما تكالبت علينا وحوش الأرض 0

 صدى الغربة
 02:14 PM
 30.04.06
الأخ الطائي :
قصتك رائعة تحمل الكثير من العبر والمواعظ وقد صدقت في تعليقك بالقول لولا كثرة الغشماء ( لا أعرف إذا كان الجمع صحيحا ) لما تكالبت علينا وحوش الأرض وأحب أن أضيف هذه القصة عن السذج والحمقى :والتي وردت في كتب الأمثال " أحمق من هبنقة "
هبنقة هو يزيد بن ثروان أحد بني قيس بن ثعلبة بلغ من حمقه أنه ضل له بعير فجعل ينادي : من وجد بعيري فهو له * فقيل له : فلم تنشده ؟
قال : فأين حلاوة الوجدان ؟
ومن حمقه أيضا أنه جعل في عنقه قلادة من ودع ( خرز أبيض في بطن الواحدة شق كشق النواة ) وعظام وخزف فسئل عن ذلك فقال : لأعرف نفسي ولئلا أضل فبات ذات ليلة وأخذ أخوه قلادته فتقلدها فلما أصبح ورأى القلادة في عنق أخيه قال : يا أخي أنت أنا فمن أنا ؟

وله قصص أخرى في الحماقة لا سبيل لذكرها الآن .
 أبوسعدالطائي
 02:15 PM
 10.05.06
حيّاك الله أخي ( صدى الغربة )
ووفقك لكل خير
وسعيدٌ بمرورك الطيب

وبعد : تخطر ببالي كلمات للشاعر أحمد مطر
" يا أرضنا يامهبط الأنبياء ،

قد كان يكفي واحدٌ

لو لم نكن أغبيــاء؛0[/
SIZE]

Up