لقيت الخيل اهتماماً كبيراً، يتناول جميع أحوالها خلال المعركة ودورها فيها ... فالشاعر الجاهلي عنترة بن شداد العبسي يصف أحد خيول الحرب والقتال في قصيدة طويلة وصفاً بديعاً؛ فبعد ما وصف تراكيبه المختلفة المستحبة قال:
سَلِسُ العِنَانِ إلى القتَال فعَينُهقباءُ شاخصةٍ كعين الأحَـولِ
وكـأنّ مِشْيَتَـه إذا نَهْنَهتَـهبالنكلِ مِشيَة شاربٍ مُسْتَعْجِل
فنرى جواداً رائع الخلقة والخُلق معاً .. سلس الانقياد إلى المعركة .. سريع الحركة .. جَمّ النشاط .. وعلى مثل هذا الجواد يقتحم الفارس أعظم المعارك، وينقض على أعدائه انقضاض الصقر (الأجدل) على فريسته .. وهو مطمئن من النصر والفوز..
ويقول دريد بن الصمة:
وحالبُ عودي الحرب بيني وبينهاوحربٌ تَعِلُ الموتَ صرفاً وتَنْهَـلُ
قِرَاها إذا باتـت لـدي مَفَاضَـةوذو خِصَلٍ نَهْد المَراكِـل هيكـل
كَمِيش كتيس الرمل أخلص مَتْنهضَرِيبُ الخلايا والنقيع المعجـل
وكنـت أمـام القـوم أولَ ضـاربٍوطاعنْتُ إذ كان الطعان مُخالسا {3}
ويقول جعفر بن كلاب:
أريغونـي إراغتـكـم فـإنـيوحذفة كالشجا تحت الوريد {4}
ويقول شداد بن معاوية العبسي.. أبو عنترة:
ومن يكن سائلاً عني فإنـيوجروة لا ترود ولا تعار {5}
ويقول عنترة بن شداد:
أقيه بنفسي في الحروب وأتقيبهاديه إني للخلـي وصـول
ويقول أحد بني عامر بن صعصعة:
بني عامـر إن الخيـول وقايـةٌلأنفسكم والموت وقـت مؤجـل
أهينوا لها ما تُكرمون وباشرواصيانتها والصونُ للخيل أجمـل
متي تكرموها يُكْرم المرء نفسهوكل امريء من قومه حيث ينزل
فالشاعر يحث قومه على إكرام خيولهم في السِّلم، لأنها ستردُ هذا الكرم يوم الحربّ، حين تحمى عرضهم ومالهم..
وقد تفنن الشعراء في أوصاف خيولهم وهي في طريقها للقتال .. واهتموا اهتماماً فائقاً بتصوير عَدْوِها .. ووضع حوافرها الصّلبة القوية على الأرض .. وما تفعله بها .. وما يتطاير من غبار ينعقد ويتبلد في الجو كالدُّخان .. وما تسحقه من حصى .. وكيف تجنح بفرسانها من مرتفع إلى ثنية جبل.. كأنها أسراب القطا التي تطير سرّية سرّية..
ونستشف من ذلك .. أن الخيول التي يخرج عليها الفرسان للحرب أو الغارات يجب أن تكون طَمِرة (طويلة القوائم) خفيفة .. ضامرة قوية .. صلبة ضخمة .. مفتولة العضلات .. وعندما تسير إلى الموقعة فهي تُباري الإبل في سرعة عجيبة .. وينافس بعضها بعضاً في السير .. وتجهد نفسها في الجري .. حتى تشعث وتَغْبر وتميل سروجها من شدة العدو .. وهي في عدوها تنتعل جماجم القتلى..
ويصور عنترة بن شداد العبسي هذا المعنى في قوله:
تدُوس على الفوارسِ وهي تَعْدُووقد أخـذتْ جَمَاجِمهـم نعـالاً
ولصهيل الخيل أثناء المعركة تأثيره القوي .. حيث يبعث في نفوس الفِرْسان الحمية والشجاعة والإقدام، كما يملأ قلوب الأعداء رعباً وفزعاً، فتتطاير نفوسهم هلعاً وخوفاً..
يقول عنترة أيضاً:
ألا غنِّيَا لي بالصهيـل فإنـهسماعي ورقراق الدماء نُدامى
وقد لا تصهل الخيل أثناء المعركة بل تصيح كصياح النسور .. إذا اشتدّ أمرُ القِتَال .. وعَظُمت عليها أوجاعها ..
يقول جربية بن الأشيم الفَقْعَسي:
إذا الخيل صاحت صياح النسورحززنا شَرَاسِيفها بالجذم {7}
وقد استخدم العرب الخيل في حروبهم وغاراتهم ذكوراً وإناث .اً. فكانوا يفضلون ذكور الخيل على إناثها في الحرب الطّاحنة .. التي تعتمد على القوة والثبات.. وسبب ذلك أنّ الذكور من الخيل أسرع وأجرأ .. ويقاتل الفرس مع راكبه .. وفيه حدة وشوساً .. وبالمثل كانوا يستحبون إناث الخيل في الغارات والبيات .. ولماِ خفي من أمور الحرب .. كما كانوا يستحبون فحول الخيل في الصّفوف والحصون والسّير والعسكر .. ولِما ظهر من أمور الحرب .. وكانوا يستحبون خِصْيان الخيل في الكمين والطلائع لأنها أصبر وأبقى في الجهد .. وهم لا يفضلون الإناث في الحروب الطّاحنة خشية أن تخذل صاحبها في أحرج الأوقات إذا كانت وديقاً[8] تشتهي الفحل .. لأنها ذات شبق شديد .. وهم يفضلونها في الغارات والبيات لأنها تدفع البول وهي تجري .. والفحل يَحْسر البول (لا يتبول أثناء جريه) .. ولأن الأنثى لا صهيل لها .. فلا يَعْرف العدو خبرهَم حتى يصلوا إليه ..
وقد أشار الشعراء إلى هذا المعنى .. وذكروا تفضيل ذكور الخيل على إناثها في الحروب ..
قال بشامة بن عمرو في هذا المعنى:
وحُشوا الحروب إذا أوقدترِماحاً طوالاً وخيلاً فحولا
[2] والغارة: الخيل المغيرة.. والمسبطرة: الممتدة المنقادة .. والفئام: الجماعة.. والمصبح: المغار عليه في الصبح..
[3] المداعي: من الرماح الغليظ الشديد الذي لا ينثني.. والمذاكي: الخيل التي أتى عليها بعد قروحها سنة أو سنتان.. تخالس: يحاول كل فارس اختلاس الآخر .. أي أخذه على غفلة منه..
[4] أراغ: طلب الأمر على وجه من المُكر والخديعة .. حذفة هي اسم فرسه .. الشجا: الغُصْة والهم..
طبعا اخي الخيل كان لها دور اولي كانت مصفحات اجدادنا العرب والله يعطيك العافيه على الموضوع المميز لاكن اتذكر انه شخص في المنتدى كتب عن الخيل لاكن ما ادري نفس الموضوع ولا يختلف على كل حال ما قصرت