بالأمس جلسنا شلة و بدأنا بإسترجاع ذكريات الطفولة و ما فيها من صور لا تزال خالدة في أذهاننا و خصوصا ما يذكرنا ببلدنا الأم في هذه الغربة المقيتة
تذكر من كان في الغربة منذ نعومة أظافره الترف و عيشة الرغد و المكيفات و حليب النيدو و أجلكم الله ( الحفاظات ) بامبرز هههههه إلخ إلخ
أما من كان في القرى فقد هاجت سجيته فقال
أنا عشت أفضل منكم بكثير قلنا له كيف قال
ولدت في بيتنا و لم تكشف أمي على دكتور بل أتت عجوز من عجائز العرية تدعى ( الصرارة ) و هي من ولدت أمي و كثير من نساء القرية قلنا له هذا و الله حق لا نجادل به
ثم بعد أن أصبح عمري ستة أشهر بدأت أمي ترضعني ( الخليطة ) قلنا و ما الخليطة قال
هي عبارة عن ( شاي و خاثر ) تخلط بـ ( الممية ) الرضاعة و تعطا للرضيع ليشربها كلها
قلنا له و هل كانت ذات مفعول قوي كالنيدو قال ( ماتولون انتو عيال النيدو واحدكم مافيه حيل يشيل حالو شوف الخليطة اشسوت فيني ) الحق يقال أنه أصلبنا عودا و أعرضنا منكبا ماشاء الله
المهم سأله أحد الشباب المترفين ( شنو كنت تلعب يوم كبرت ) قال
العب احنا العب عندا كثيرة
1 _ رعي الغنم آخذ هالجم نعجة و أهد بيهن بحدا هالحيالات و أنادي جم واحد من هالربع الرعيان و نقعد نلعب طرة كتبة و لا قلل ولا شرطة حرامية إلا ما تشبع الغنم و تاكل حتى زرع الجيران و ما نحس إلا الفلاح يكش بالغنم
2 - رعي البقر ناخذ هالبقرات طبعا نكون مجموعة لا بأس بها و نهدهن بهالصراة ( مستنقع ) و يظلن يرعن بهالزل و حنا نصيد طيور يا عصافير يا شجرج ( أنثى الغراب ) يا عقعق ( الغراب ) و نوبات نصيد السمان و لا الدراجي ما ينصاد إلا بالكسري ( الشوزن ) سألناه ما هي أدوات الصيد عندكم قال
النشابة + الفخاخ + المفقاس ) سألناه ما المفقاس فقال المفقاس عود يغرس بالأرض و يوضع عليه دودة من دود الأرض الذي يأكله طيور السمان فتأتي السمانة المسكينة لتأكله و لكنها تمسك به و هو يصنع بطريقة غاية بالصعوبة يصعب على أولاد النيدو معرفة طريقته هذه فائدة الخليطة وكل هذه الأدوات لتصنع من أشياء بسيطة
و أحيانا نرعى البقر في الحويجة ( جزيرة بنصف الفرات ملئ بالأشجار ) و نحن نصطاد السمك
بماذا بالفالة ( آلة حديدية لها ثلاثة أسنان كالعصا الذي يحملها الشيطان في أفلام الكرتون ) أو بالشبك و الدارج بالفرات هو الشبك
3 - نحوش جما ( كمأ فقع ) نطلع على الضهرة ( البرية ) عيلة بليلة وقت الربيع و نتلقط هالفقع و تشوفنا متكاونين ( متشاجرين ) على جما صغيير مثل الدودة المهم إنه ناتج مجهودي المضني بالبحث عنه
4 - اذا لم يكن هذا و لا ذاك فيكون الصراع على الفلاحة نكرب ( نحرث ) الأرض الفلانية سألناه شنو يعني الفلانية ليش في غير أرض و حدة قال
أهووووو على عيال النيدو اللي ما يعرفون شيء في أرض إسمها ( الموح أو الحاوي أو البكرة أو عب الزل أو أبو ردون إلخ إلخ ) أسماء كثيرة قلنا له صح لسانك
المهم نكرب هاي و نجلي ذيج و نعادل هاي و نسقي الغيدانية و نحصد الفوقاني و هلم جرة
بعد كل ما قاله سألنا وانتم ماذا كنتم تفعلون
إختصرنا الحديث بقولنا ( أكل و مرعى و قلت صنعى ) فقال لنا يعني ( ب.....يم )
هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههه
الآن علمنا و ندمنا أن ما أضعناه في طفولتنا كان شيء أثمن من الرخاء و الرغد الذي كنا نعيشه
والله يا أصدقاء أن كل من أضاع تلك الأيام و لم يعشها والله أنه ليندم على ما أضاعه من جمال و حلاوة و زرع روح التحدي و الإصرار في نفسه
أعزائي
في كل موضوع أكتبه أجد البعض قد فسر ما يريد دون الأخذ بالعبرة
مما جعلني أتوقف عن الكتابة
عندما أتحدث عن صورة من صور بلادي أتحدث للعبرة و التذكر الطيبين دون أن أجرح أو يدور بخلدي أي سوء تجاه من أتحدث عنهم
وإذا لاحظتم أجعل نفسي في موقع النقد و الآخر في قمة المدح لأني أصغر من أن أقيم أحد