صنعتها أيادي الثوار .. صور مشرقة لنضالات عشائر الفرات ضد المستعمر الفرنسي
مع دخول المستعمر الفرنسي الأرض السورية انطلقت الثورات في كل أرجاء الوطن وكان لدير الزور دورها الفاعل في محاربة المستعمر البوكمال أول مدينة ترفع علم الاستقلال : في 29 / أيار / 1945 طوقت عشائر البوكمال
المدينة و احتلت السراي و دائرة الاستخبارات و أسرت الحامية الفرنسية و تم تسليمها إلى قائد الموقع سليم الأصيل. ثم قامت برفع العلم السوري فوق دار الحكومة لتكون البوكمال أول مدينة ترفع علم الاستقلال وذلك قبل ( 11 ) شهراً من الاستقلال .
الميادين و دكة السنغال: في عام 1941 و عند قدوم ضابط فرنسي إلى الميادين رشق الثوار سيارته بالحجارة تعبيراً عن استيائهم من استمرار الاحتلال كما امتنعت إحدى القرى عن دفع الضريبة فجاءت من دير الزور قوة فرنسية ترافقها كتيبة سنغالية تقدر بـ(300 ) جندي تمركزت في السراي و صارت تتحرش بالمارة . و في هذه الأثناء استوقفت الجموع الثائرة من أهل المدينة و العكيدات الذين عبروا النهر من ذيبان و الحوايج و الشحيل و البصيرة سيارة قادمة من البوكمال تقل ثلاثة أشخاص أحدهم ضابط فاحتجزوا السيارة و طعنوا السائق بخنجر و جردوهم من أسلحتهم و ألبستهم و جاءت مفرزة من السنغاليين لنجدتهم فقتلوا جميعاً وتم الاستيلاء على أسلحتهم. ثم انطلقوا إلى دائرة الجمارك و استولوا على محتوياتها و استطاع أحد الثوار و يقال إنه ( رثيع السلامة ) من الشحيل أن يقتل الضابط الفرنسي و يستولي على الرشاش الذي لا يزال عند الهفل .كما استطاع حواس الهفل و حسن الجوير اقتحام السجن و إطلاق سراح الطيف الهفل و حرق السجن و الاستيلاء على عدد من البنادق و بالمقابل تم نفي بعض الثوار إلى سلمية و استشهاد الكثير منهم .
مجيء القاوقجي إلى الميادين: في عام 1941 قدمت مجموعة من المجاهدين تقدر بـ( 300 ) مجاهد بقيادة فوزي القاوقجي ممن شاركوا بثورة الكيلاني فاستقبلوا على طريق البوكمال . و قد تمركزت المجموعة مع رشاشاتها و مدافعها في المشتل الزراعي . و قد اتفق الأهالي على تقديم الطعام و الشراب للثوار مجاناً . وخلال هذه المدة كانوا يهاجمون القوات البريطانية في ( حصيبة ) و كان السيد عبد الوهاب الفرحان يرافقهم بسيارته الخاصة . و عند مغادرتهم الميادين و في طريقهم من دير الزور إلى تدمر هاجمتهم طائرة حربية فأصيب القاوقجي بجروح بليغة و استشهد مرافقه الخاص و سائقه .
هجوم البكير على مخفر البصيرة : في عام 1936 و بعد استشهاد كسار اجتمع عدد من الوجهاء في بيت رمضان الشلاش و أقسموا على أن يثوروا ضد الفرنسيين فهجم البكير على مخفر البصيرة و أحرقوا المستندات و استلبوا البواريد * و لما علم الحاكم الفرنسي بالأمر خطط لاغتيال داود الحمادة لأنه كان اليد اليمنى لرمضان. و عند وصوله إلى المشفى وشوشه ذاكر عبادي من دير الزور بما يبيت له الفرنسيون فهرب إلى البصيرة .التي قصفتها الطائرات فاستشهد اثنان من أبناء الشيخ عيسى هما عبد المجيد و حمود و إحدى النساء .
ثورة العنـــابـــزة : في صباح 21 / 10/ 1921 زحف الفرنسيون بقيادة ( لا توريت ) إلى خشام تأديباً للخارجين من عشائر العكيدات و العشائر المحيطة بها تساندهم المدفعية * و لما وصلوا إلى السن ثم جديد عكيدات راحوا يعتقلون الوجهاء و حصلت مقاومة و استشهد عدد من الثوار و قتل أربعة جنود سنغاليين . ثم تابعوا إلى خشام تساندهم إضافة إلى القوات السابقة فصيلة هندسية و خمسة أفواج مشاة و سبعة كواكب خيالة و فصيلة عربات رشاشة و فرق أجنبية ؛ لكن الثوار بقيادة البطل حمود الحمادي كمنوا في خنادقهم و قاتلوا قتال الأبطال * تساندهم النساء بتقديم الذخيرة و إطلاق الهلاهل التي تثير النخوة و الحماس . لقد وجه الثوار صفعة قوية للفرنسيين بالرغم من أسلحتهم البسيطة و عددهم الذي لم يتجاوز ال( 300 ) حتى غدت خشام رمزاً للثورة الفراتية التي امتدت جنوباً لتصل إلى البوكمال . و أمام هذه القوات المدججة و قصف الطائرات تراجع الثوار ليستدرجوا الفرنسيين إلى أرض منبسطة ليصبحوا على مرماهم و حصل لهم ما أرادوا و لم ينج من الموت إلا من فر هارباً أو وقع في الأسر . واستمرت المعركة و كانت غاية الفرنسيين القبض على حمود الحمادي حياً ؛ لكنهم أصيبوا بالخيبة عندما رأوه شهيداً . و يروى أن القائد الفرنسي قد غضب أشد الغضب من الجندي الذي قتل حمود الحمادي . و عندما انتهت المعركة تقدم رقيب سنغالي فقطع رأس حمود لكن احتراماً لصموده قدمت فرقة الجيش الفرنسي السلاح تحية لجثمانه . و قد أسفرت المعركة عن ( 21) رشاشاً و ( 32 ) حصاناً و ( 28) بغلة و ( 15) فرساً و ( 800 ) قتيل . و واصلت القوات الغازية زحفها إلى البصيرة فوجدوها ترفع الأعلام البيضاء فظنوها مستسلمة و لم يعلموا أنها خدعة فمني الفرنسيون بخسائر منها مقتل الملازم ( دي لاتوريت ) و جرح (20 ) جندياً . و مما قيل في الشهيد حمود الحمادي :
حمود ليش توارونه عنده عيال يستافونه
بيت ابن الباشا يهدمونه و يطفــّون النار التسعر
حمود الجاعد باللايح كم ضابط من كفو طايح
تسلم يا ذيب الصوايح و معشّاك بروس العسكر
محاولة إعدام ( أبو الهيال ) : في زمن العثمانيين أعدم الكثير من وجهاء المنطقة . و قد حكم على أبي الهيال بالإعدام و في يوم التنفيذ تجمعت عشيرة البوليل و هجمت على الحملة العثمانية التي كانت بقيادة ضابط عثماني كبير يرافقه ترجمان ديري من بيت الدعيجي و قد تعاطف مع البوليل فأخبر الضابط أن الحملة ستباد عن بكرة أبيها إذا أعدِم أبو الهيال . و قد قاد الثوار يومها رجب الموح و خليف الحسن و هم يرددون هوسة نذكر منها :
يا العصملي إشلك بيه أبو صالح ما نعطيه
بالموازر لا نحميه كل سلاحنا كجك و نختر
رمضان الشلاش : ولد عام 1882 في الشميطية غربي دير الزور و لما بلغ العاشرة سافر إلى استامبول و انتسب إلى مدرسة العشائر و تخرج برتبة ملازم خيال . ثم تنقل في عدة مهام عسكرية بدأها مرافقاً فخرياً للسلطان عبد الحميد و ملازماً في خيالة حلب ثم أرسل إلى طرابلس الغرب لمقارعة الإيطاليين ثم إلى الموصل والجولان . و عين بعد ذلك قائداً للسرية الخامسة في لواء الهجانة بالمدينة المنورة * حيث لعب دوراً هاماً في إذكاء الروح الثورية لدى القبائل العربية . التحق بحاشية فيصل بن الحسين و عين من قبل زيد بن الحسين و ياسين الهاشمي حاكماً على الرقة و الخابور و دير الزور فطلب منه بعض الوجهاء ( العرفي و الفراتي و جلال السيد و الجوهري ) أن يلحق الدير بالحكم العربي . و بدأ يكاتب رؤساء العشائر فشكل جيشاً قوامه ( 500) خيال و راجل و هاجم الإنكليز و دامت المصادمات ثماني ساعات استسلمت بعدها القوات البريطانية . ثم اتجه إلى البوكمال و اصطدم معهم و كسرهم و تتبع فلولهم حتى عانة بالعراق ؛ و بعد أن عادت البوكمال إلى الحكم الإنكليزي عام 1919 هاجمها ثانية و أعيدت دير الزور إثرها إلى الحكم العربي ؛ حتى جعل تشرشل وزير المستعمرات البريطانية يقول : (( إن لبريطانيا العظمى عدوين في الشرق * لينين في الشمال و رمضان الشلاش في الجنوب )) . وقد ساعد الانتصار الذي حققه شلاش على تأجيج الثورة و خاصة في الفرات الأوسط بالعراق و كان له دور بارز في معركة تل عفر .
الشلاش و الفرنسيون : استنجد به الأمير فيصل بعد سايكس بيكو و رفعه إلى رتبة زعيم و كلفه بإشعال الثورة في الفرات في حال دخلت القوات الفرنسية . و لما دخلت فرنسا هاجمها و قتل الكثير من جنودها و استشهد سبعة من الثوار ثم انسحب إلى شرق الأردن حيث حكم عليه بالإعدام . و غادر إلى مكة ليقابل الشريف حسين الذي رفعه إلى أمير لواء و منحه رتبة باشا و وسام النهضة من الدرجة الثانية . وعند قيام ثورة جبل العرب بقيادة سلطان باشا الأطرش قصدها الشلاش و تم تكليفه بإشعال الثورة في بادية تدمر . كما اشترك في قوة الغياث المشكلة عام 1925 التي هاجمت دوما . و بعدها زحف إلى الضمير و يبرود و هاجم النبك ثم توجه إلى جيرود و حمص و حماة لإثارة العشائر هناك .
و أخيراً تم القبض عليه من قبل فرنسا عام 1937 و نفي إلى بيروت إلى أن صدر عفو عن الثوار فعاد إلى الدير ثم استقر في حلب . و في عام 1941 قتل الفرنسيون ابن عمته كسار الجراح فأعلن الثورة مع (15000) فارس و قد استمرت هذه الثورة شهراً لكن تم القبض عليه و نفي إلى بيروت ثانية و بقي فيها حتى عام 1946 و بعد الاستقلال عاد إلى الدير و استقر فيها حتى عام 1961 ثم انتقل إلى دمشق * و هناك أجريت له عملية جراحية توفي على إثرها و دفن في مقبرة ذي الكفل .
ثورة القورية ( 1905 ) : رفض أهل القورية التجنيد مع العثمانيين و حصل صدام بينهم و بين العثمانيين سقط على إثره بعض الشهداء منهم عبد العزيز ( الأعجب ) و راشد و بنيان الوكاع .النســــوريـــة : تقع النسورية في المسلخة ( الجلاء ) على بعد ( 5 ) كم من الفرات و قد جرت فيها معركة عنيفة بين الإنكليز و عشيرة الدميم و من يساندها ( شعيطات و مشاهدة و مجاودة ) و قد انتصر فيها الثوار و تكدست جثث الإنكليز فوق التلال . و في اليوم الثاني عزز الإنكليز قواتهم بقيادة مرخي الذي كان يشهر سيفه و يتأمل بناظوره الثوار وهم يتزاحمون على الموت و قد تمكن خلف النجم من قتله و سلب سيفه الذي لا يزال عند السيد نواف الفارس حتى اليوم . و في اليوم الثالث شن الطيران غاراته على الثوار و أسقط عليهم الدان و قد تمكن المقاتلون من إسقاط طائرتين. فتشتت قوات الإنكليز بعد مقتل قائدها لكن الثوار لحقوا بهم حتى ملؤوا الوادي بجثثهم و قد تم أسر ( 17 ) جندياً ظلوا ستة أشهر عند فارس الجراح الذي أفرج عنهم لأسباب إنسانية . أما تسميتها بالنسورية فيعود إلى أن اجتماع النسور على جثث القتلى حيث ظلت تأكل منها فترة من الزمن .
و جن جنون الإنكليز و قرروا وأد هذه الثورة و لاحقوا الثوار الذين تمركزوا في قرية البحرة فهاجمتهم الطائرات بالقذائف والقنابل حتى سميت هذه السنة بسنة الدان . و قد نجم عن المعركة مقتل أكثر من ( 120 ) ما بين ضابط و جندي و أسر ( 17 ) جندياً و بالمقابل فقد استشهد ( 35) مقاتلاً من الدميم إضافة إلى الشعيطي سناد السهو و آخر من المجاودة . أما غنائم الثوار فكانت ( 10) رشاشات و بواريد كثيرة تبرع بها عبود الفارس للجان الشعبية الفلسطينية عام 1948 . و نتيجة لمعركة النسورية و معارك أخرى انسحبت بريطانيا من البوكمال عام 1919 تجر وراءها أذيال الخيبة و العار .دكة كسار الجراح (1941 ) : يعود سببها البعيد إلى التنسيق الذي حصل بين كسار و القاوقجي إضافة إلى رفض عشائر البوكمال دفع ضريبة الميرة * حيث أقدمت فرنسا على تشكيل قوة قوامها خمس مدرعات و ثلاث سيارات * و نصبت المدافع و الرشاشات فوق تلة مشرفة على المسلخة . أما سببها المباشر فقد كان إثر محاولة جندي سنغالي سلب حلق ذهب من العيوف زوجة كسار فما كان منها إلا أن صرخت : ( الروم يا هلي . وين أخوة ميثة ) فانتخى لها الرجال و تمكن فارس المحمد من قتل صاحب المدفع و الاستيلاء على مدفعه . ثم اشتبكوا ببنادقهم القديمة مع الفرنسيين و قتلوا قائد الحملة و ( 176 ) جندياً آخرين ألقيت جثثهم في الفرات كما أسروا عدداً منهم ظلوا في بيت فارس الجراح فترة طويلة . و قصِفت المسلخة بالطيران و تمكن الثوار من عطب إحدى طائراته لكنها لم تقع إلا في قرية الشعيطات . و استدرج الفرنسيون كسار الجراح و فارس الجراح إلى البوكمال و سجنوهما هناك ولما علم العكيدات بالخبر حاصروا القشلة ( ثكنة المستشار ) فاضطر المستشار إلى التفاوض مع فارس و أقسم له بشرف فرنسا إن هو أبعد عنه هذه الجموع ليطلقنّ سراح كسار . و حاول فارس إبعاد الجموع لكن الذئب الفرنسي قتل كساراً و أجلسه في السيارة و كأنه حي و انطلق به إلى المحطة الثانية للبترول ثم إلى تكية الراوي بدير الزور . و ظلت جثته في التكية ثلاثة أشهر ثم أعيدت إلى المسلخة . و الطريف أن النساء أيضاً شاركن في هذه الثورة بتقديم السلاح و الطعام و الذخيرة و استشهدت إحداهن .
الدندل و الفرنسيون : تذرعت القيادة الفرنسية أن إحدى دورياتها قد تعرضت للاعتداء من قبل عشيرة الحسون و هذا يتطلب دفع ( 50 ) بارودة من مشرف الدندل و الحسون . و بعد أن تداولت عشائر المنطقة الأمر قرروا رفض أي ضريبة* فحضرت دورية يرأسها ( شوفلين ) فعلم بها الثوار و نصبوا لها كميناً و قتلوا عدداً من جنودها. و عند عودتهم من العراق مع القاوقجي بعد صدور العفو عن الوطنيين اصطدموا بالقوات البريطانية و شنوا هجوماً عليها . أما دحام الدندل فقد شارك في هذا الهجوم كما شارك في إجماع مقهى السراي عام 1946 بدير الزور و قتل الفرنسي الذي أطلق عليهم رشقات نارية من منزل الكولونيل الفرنسي ( شوتيل ) .
منقول من جريدة الفرات
حمـــــيد النجــــم
الخميس/16/4/2009
مـــــــــــوضـــوع رائـــــــــــع
لانه يعرف الي مايعرف البوكمال
انها تاريخ بالبطولات وهذا الي اتمنى انه الكل يعرفه عن البوكمال وبصراحة يحز بخاطري لمى اشوف مسلسل سوري يتكلم عن الثوار وماينذكر فيه ثورا البوكمال او دير الزور بصراحة انقهر
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
يعطيك العافيه اخوي احمد واحب اشكرك على هذا الموضوع الجميل والرائع الان البوكمال تقريبا منسيه مثل هذي المواضيع تشجع على المعرفه مشكور وما قصرت
وتقبل مروري
حسين السالم
ابو شهاب مشكور وماقصرت دير الزور والبوكمال لها تاريخ حافل بالبطولات وبطرد الفرنسيين وانها اول مدينه ترفع العلم الاستقلال وانا مع الغريب يعني ليش مايذكرونا بالمسلسلات يعني بس الشام كانت محتله دير الزور كانت محتله والفرسان والثوار هم اللي حرروها والحين نسو البوكمال ونسو الدير ولا يذكرونا عموما كلاام حلوووو ويعطيك العافيه تقبل مروري