لكن الجبال الشوامخ والصقور الأبية كان لها رأي آخر..
فصبروا وصابروا ورابطوا حتى أمر الله بفرجه القريب..
فكانت نهاية لأروع بداية...
وملحمة ليست كالملاحم .. حتى تخال أنك في أحلام اليقظة
وصدق يا عقل أو لا تصدق...
أقول لها وقد طارت شعاعاً***من الأقدار ويحك لن تراعِ
فإنك لو سألت بقاء يـــــــوم*** على الأجل الذي لك لن تطاعِ
فصبراً في مجال الموت صبراً*** فما نيل الخلود بمستطاعِ
وما ثوب البقاء بثوب عـــــــــزٍّ*** فيطوى عن أخي الخنع اليراعِ
ومن لا يرتبط يسأم ويهرم **** وتسلمه المنون إلى انقطاعِ
ولا خير للمرء في حيـــــــاةٍ*** إذا ما عد من سقط المتاعِ
نعم لا خير في هذه الحياة ... إن لم يكن فيها عزة .. وإباء.. وكبرياء (لكن ليس كبر) ...
لو تفكر العاقل فيما صنعوا وما أقدموا عليه لتعجب واندهش واستغرب.. كيف يرمي من
يخاف على نفسه وخز الشوك أن يلقيها في حتوف الردى...
لغة العقل لا تقبل الإقدام... لكن لغة الروح ولغة العزة التي استلهمناها من ديننا الحنيف .. تأبى إلا الإقدام عند الشدائد ... وترفض الذلة والمهانة...
قوم كانوا يجهلون لغة الأقلام ... لكن لغتهم الأم هي لغة البنادق .. لغة السيوف.. لغة الخناجر..
لقد كانوا أحق بفهم وتطبيق ما قاله الشاعر الجهبذ .. دعبل الخزاعي حين قام منادياً قومه
يا دارَ عَمْرة َ من مُحتلِّها الجَرَعـا هاجتَ لي الهمّ والأحزانَ والوجعـا
بل أيها الراكب المسري على عجل نحو الجزيرة مرتاداً ومنتجعا
أبلغ إياداً وخلل في سراتهم إني أرى الأمر إن لم أعص قد نصعا
مالي أراكم نياماً في بلهلية وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا
ألا تخافون قوماً لا أبا لكم أمشوا إليكم كأمثال الدبا سرعا
في كل يومِ يسنون الحراب لكم لا يهجعون إذا ما غافل هجعا
وأنتم تحرثون الأرض من سفه في كل ناحية تبغون مزدرعا
حتى قال في آخر قصيدته الموسومة..
هذا كتابـي إليكـم والنذيـر لكـم لمن رأى رأيه منكم ومـن سمعـا
لقد بذلت لكـم نصحـي بـلا دخـل فاستيقظوا إن خيرَ العلم مـا نفعـا
لقد استيقظ آبائنا وأجدادنا الأبطال على حروف لم يسمعوها بل وعوها... وقاموا قومة رجل واحد يبغون إما النصر والذود عن الحمى والأعراض ... أو الشهادة
فكان لكل قدره... ونصيبه...
قد لا أكون ممن قرأ تفاصيل تلك المفخرة التي قام بها الأولون والتي عرفت باسم "دقة كسار" ... ولكني مررت على بعض من أخبارهم وكأني أراها رأي العين كما وصفها مجدد التراث كما يحلو لي أن أسميه ... الأخ الفاضل صاحب القلم الرقراق.. والفكر البراق أبو طلال مؤسس هذا الصرح الكبير .. الذي لم يسبقه أحد إليه... فأصبح شيمة من شيمه
ولو لم يكن من حسنات هذا الموقع إلا لم شمل تلك القبيلة العريقة في أنحاء المعمورة سواء في البادية أو الحاضرة.. في المهجر أو في المسقط.. لكان يكفيه فخراً ذلك... فكيف وهو يثريك بثقافاتهم وأشعارهم وأقوالهم وبطولاتهم وتاريخهم الناصع الأغر مع أدبه الشديد بنقل الأخبار وعدم الإساءة لأي قبيلة أخرى..
وللأمانة أنا لست هنا لأهيل المديح لشخص اسمه سالم... بل لفكر سالمِ وعقل راجح وقلم ناجح.. وحسن اختيار فضلاً عن حسن تصرف وإدارة..
قد أطلت وأسهبت.. وحتى لا يعتريكم الملل... أقول لكم إخوتي جميعاً.. وبني جنسي .. وأبناء عمومتي ...أقبلوني أخاً لكم في هذا الصرح.. أتلقى منكم قبل أن أطرح لكم..
وأسمع قبل أن أجيب .. وأستفيد وأسال الله أن أفيد..
تقبلوا تحياتي وإخلاصي لكم..
وسر فنحن في حداك يا - (أبو طلال) - حادي