تميزت ثورة البو كمال ضد الانكليز في البداية بالفردية والعفوية ، إذ لم تكن على موعد مسبق مع الأحداث ، وتمت بدون إعداد أو تنسيق ، وأخذت طابعاًُ عشائرياً ، فكل فئة أخذت تسابق الأخرى لإحراز النصر وتسجيله باسمها ، ولو كان الجهد موحداً لجاءت النتائج أكثر ايجابية ، يضاف الى ذلك كله ضعف مصادر التسليح ، وافتقار الثورة للسلاح الثقيل إلا ماكان يغنم في المعارك ، ويقوم ضباط الشريف بتدريب الناس عليه ، ومن هؤلاء الضباط مصطفى القدسي الذي لا يزال أحفاده في البوكمال حتى هذا التاريخ . وعزز الثورة قيام الضباط العثماني رمضان الشلاش من البو سرايا من العقيدات بدفع مسيرة الثورة ضد الانكليز في كافة أرجاء المحافظة .
وعلى مستوى التفكير بثورة شاملة لمست أثار تحركات بعض الضباط الوطنيين من بقايا الجيش التركي ومن ضباط جيش الشريف ، وقد وضعت بعض المبادئ الفكرية لهذه الثورة فقد كان يجوب المنطقة عجمي السعدون باشا الذي انسحب مع العثمانيين إلى ديار بكر ، وهو من شيوخ السعدون من عرب المنتفك في جنوب العراق ، وسلطان المغير من زبيد الحلة ، ومولود مخلص باشا وعلي العسكري ، وجميل المدفعي ، وعلي الأيوبي ، ويوسف السويدي ، وشخصية من آل الصدر في العراق .
كما كانت الثورة تفتقر إلى الناحية الإعلامية ، ولهذا نلمس قلة المصادر التي تناولتها بالتفصيل ، وقد سبقت المعارك وساطة قام بها ابن هذال من شيوخ العمارات من العنزة بين العقيدات والانكليز ، وقد روى لي والدي المثقف الوحيد الذي كان يتقن التركية والكتابة العربية من البوكمال من العقيدات قصة تلك الوساطة ، وقرأ علي الرسالة التي كان يحتفظ بها وأرسلها الانكليز من العراق إلى الحسون لتجنب المعارك وسفك الدماء .
قال : في بداية شتاء عام 1919 طلب ابن هذال شيخ العمارات مقابلة الشيخ مشرف الدندل في حماد بادية الشام ، وكان العمارات في حالة حرب عشائرية مع العقيدات ، واتفق الطرفان على مكان محدد ويوم محدد ان يجلب كل واحد منهم خمسة وعشرين من الفرسان للحماية فقط .
وباعتباري القارئ الوحيد للرسائل من بين كل الحسون اصطحبني مشرف معه ولم يتجاوز عمري في حينها الثامنة عشرة ، وعندما وصلنا إلى المكان المحدد الواقع في منتصف الطريق بين ديار العمارات وديار العقيدات شاهدنا جمع العمارات ، ووقف الجمعان في مسافتين متباعدتين ، وترجل مشرف الدندل ، كما ترجل ابن هذال ، والتقيا في منتصف المسافة بين الجمعين ، وتعانقا وجلسا في الأرض ساعة من الزمن ، ثم ناداني مشرف الدندل ، وقال إقرأ هذه الرسالة :
الشيخ مشرف ابن دندل شيخ البوكمال من العقيدات
تحية طيبة وبعد
بود قيادة الجيش البريطاني في العراق أن تعزيكم بمقتل أخيكم المرحوم عبد الدندل باسم حكومة التاج البريطاني ، وتأسف لمقتله غير المقصود ، وتعتبر غيابه خسارة لبريطانيا قبل أن يخسره العقيدات ، ولهذا نسوق إليكم جاه الله ، وجاه ابن هذال لحقن الدماء بيينا ونحن على استعداد لدفع الدية من الذهب ، وزن أثقل رجل من رجالكم ، نأمل استجابتكم هذا المطلب والسلام عليكم .
قيادة الجيش البريطاني ــ العراق
وعندما فرغت من قراءة الرسالة ، قال ابن هذال : يامشرف ابن دندل ، اتق الله .. العشائر سلمت وتعبت من محاربة الجيش البريطاني من البصرة حتى البو كمال ، وما هي قدراتك أمام الجيش البريطاني بطائراته ومدرعاته ؟ ! وما كنت يوماً مشفقاً على البريطانيين بمقدار قلقي على العقيدات الذين تريد ذبحهم بمحرقة الجيش البريطاني ، وحربنا العشائرية لاتحول بيننا في مجال تبادل الرأي .. فماذا تقول ؟ وماذا أقول لأصحاب الرسالة ؟ . قال : وبكى مشرف الدندل وأقسم الأيمان المغلطة بأنه سيقتل بكل قطرة من دم عبد الدندل جندياً بريطانياً بعون الله .
وأمام هذا الاصرار تأثر ابن هذال ، وقال : لكم ما تريدون ، وعدنا وعدت بالرسالة .
وفي محاولة أخرى كلف الانكليز عاصي الأحول ــ من وجهاء الحسون ــ بنقل رسالة إلى مشرف الدندل يطلبون فيها الصلح وحقن الدماء . فأصر على القتال والثأر رغم كل المحاولات .
مع تحياتـــــــــــــــــي
المصدر: كتاب شًعبٌ ومدينة على الفرات الاوسط/ لأسعد الفارس
والله كفو رجال من ظهر رجال
الي ما يفرط بدمه ودم خويه
يا ما فرطنا بدماء شهدانا من القدس للعراق للسودان لافغانستان شخذنا
منهم غير المعاهدات الكاذبة
لو كان هذا مبدنا العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم
لما تكالبت علينا الامم
اشكرك على سرد هذه البطولة العقيديه
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت الأبرز:
والله كفو رجال من ظهر رجال
الي ما يفرط بدمه ودم خويه
يا ما فرطنا بدماء شهدانا من القدس للعراق للسودان لافغانستان شخذنا
منهم غير المعاهدات الكاذبة
لو كان هذا مبدنا العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم
لما تكالبت علينا الامم
اشكرك على سرد هذه البطولة العقيديه
السلام عليكم
بنت الابرز
اشكرك على حسك الوطني
وان شاء الله سوف ياتي اليوم الذي ننتصر به على الاعداء والخونه