معنى كلمة (التركمان)
------------------------------
أستخدم تعبير التركمان مرادف للغز * ولعل هذا التعبير شائع وتعمم عندما بلغت لسلاجقة الأوائل مبلغ القوة والسيادة . وردت لفظة التركمان في كتاب (تاريخ سيستان) لمؤلف مجهول من القرن الخامس . ويبدو ان هذا الكتاب ألف بأقلام ثلاث مؤلفين وفي ثلاث فترات . وأن كلمة التركمان لها علاقتها بدخول السلاجقة إلى منطقة سيستان وذلك عام 428هـ / 1026م، وهنا يقصد المؤلف بالتركمان جماعات السلاجقة .
وردت اللفظة في تاريخ أبن الفضل البهيقي (ت 470/ 1077) مع الإشارة إلى السلاجقة فيدعوهم المؤلف مرة بالتركمان وأحيانا فرق بينهم وبين السلاجقة . وكذلك يشير إليهم بالتركمان السلاجقة وفي مواضع أخرى يكتفي بالقول بالسلاجقة . ومن المحتمل أن المؤلف ميز مجموعة معينة من التركمان (الغز) قادهم من جماعات التركمان الآخرين الذين جاء قسم منهم قبل السلاجقة نحو جهة المغرب وآخرون تدفقوا نحو هذه البلاد بعد الحملات السلجوقية .
وفي كتاب (زين الأخبار) للغرديزي من القرن الخامس عشر (الحادي عشر) يسمى المؤلف جماعات السلاجقة بالتركمان فتجده يسمي (جغري بك داود) بـ (داود التركماني) ومرة أخرى يذكره (داود) مجرداً من أي لقب كما يسمي (طغرل بك) بـ (طغرل التركماني) أو طغرل وحده دون أن يلحق به لقباً ما * فيبدوأ ان هذا التعريف شاع بقيام السلاجقة الأوائل وأستخدم فيما بعد لدلالة على جميع قبائل الغز سواء كانوا أتباع السلاجقة أو غيرهم .
وهناك مؤلفون فرقوا بين التركمان والغز . ولعل سبب في ذلك كما يقول (مينورسكي) : أن السلاجقة استحسنوا لأتباعهم تعريفاً معيناً ليميزوا أنفسهم من القبائل الغزية الأخرى الذين حملوا على مناطق الغرب قبل السلاجقة * كذلك ليميزوا أنفسهم من القبائل المناهضة لهم والقبائل التي ألقت فيما بعد القبض السلطان سنجر (513-552/1119-1157م) واحتفظت به أسيرا عندهم من 1153 إلى نهاية 1156م. كذلك ورد تعبير التركمان في كتاب مشهور تناول قبائل الترك * ذلك كتاب (طبائع الحيوان) * ألفه المروزي حوالي 514هـ /1120م وأطلق تعبير التركمان على الغز المسلمين فقط على أساس أنهم الترك الذين اعتنقوا الإسلام . وعندما اشتعلت الحرب بين المسلمي ن منهم وبين غير المسلمين انسحبت الجموع الأخيرة نحو منطقة خوارزم وهاجرت الى منطقة (البجنك) * الأمر الذي دعا بالأستاذ مينورسكي إلى القول ان تعبير التركمان يطابق مع أسلمة الغز .
أن أقدم ذكر لتعبير التركمان ورد في كتاب (أحسن التقاسيم) للجغرافي العربي الكبير المقدسي البشارى (4هـ/10م) عندم وصفه مدينتي (بروكت) و (بلاج) الواقعين على نهر سيحون .
يقول المقدسي ما نصه :
((وبروكت كبيرة وهي و (بلاج) ثغران على التركمان الذين قد اسلموا)) ص274. وأشار في موقع آخر (ص275) إلى ملك تركماني يحكم مدينة (أردوا) الصغيرة : \" وارادو صغيرة بها ملك تركماني . ولازال يبعث الهدايا إلى صاحب (مدينة سيرام) وفيما يتعلق بأصل الكلمة فقد ورد ذكر (تورك مانند) في كتاب محمود الكاشغرى (ديوان لغات الترك) في القرن الخامس / الحادي عشر .
أما رشدين مؤرخ المغول فشرح هذه الواقعة عندما تدفقت جموع الغز إلى ما وراء النهر وسماهم التاجيك بالتركمان أي شبيهي الترك * وبالنسبة لمولف أخر ان الكلمة مشتقة من (تورك إيمان) أي الترك المومنين او الأتراك الذين اعتنقوا الإسلام . وقد لاحظ المستشرق بريشك ان الكلمة شكل متكون من مجموع (man) أو (men) مع (turk) . كما ان الجماعات نفسها يعرفون في آسيا الوسطى بالتركمان ويعرفون في المصادر الروسية الكيفية Kievan Rus بـ (turki) بدون ألحاق (men) . وان إمبراطورية الغز يابغو تذكر باسمين : التركمان والغز .
يقول E.Denison Ross نقلا عن فامبري : ان اسم التركمان مشتق من (تورك) كاسم علم تستخدمه البداة دائما عندما يتحدثون عن أنفسهم وان (man) هو لاحق يعادل في الانكليزية بـ (Ship) أو (dom) .
وان اقرب تفسير محبذ لمينورسكي هو التفسير المقدم من قبل jean Deny في rammaire de Ia Langue torque 1921 p.32. وهو ان تورك – من متشكل من لفظتين هما تورك زائدا (من) وتفيد كلمة (من) بالتركية البأس والشدة أو تعني (التعظيم) .
ووردت أول إشارة إلى نزوح القبائل التركمانية الى بلاد الشام ونزولهم في دمشق واطرافها، في كتاب معجم البلدان للبلاذري، في الصفحة 228 الجزء الخامس حيث قال: ....فنزل القوافل بدمشق وهي لقوم من التركمان يقال لهم بنوا المراق، كانوا يسكنون دمشق سنة 105 للهجرة الشريفة، الموافق سنة 723 للميلاد.
وردت في كتاب البرق الشامي، للقاضي الامام عماد الدين الاصفهاني، 362 اشارة الى أوضاع التركمان وبطولاتهم وفتوحاتهم وجهادهم ورباطهم لثغور بلاد الشام في حلب وحماة واعزاز واللاذقية ودمشق، واحوال قبائلهم وجيوشهم وامرائهم أمثال الملك المعظم فخرالدين توران شاه بن أيوب والامير ياروق الذي بنى محلة الياروقية الكبيرة في مدينة حلب، حيث نزل فيها مع عسكره ورجاله وعمر فيها دورا ومساكن وكان من امراء السلطان نورالدين الزنكي ومات ياروق هذا في سنة 564 للهجرة، الموافق لسنة 1168 للميلاد. وجاء في كتاب مآثر الاناقة الجزء الثاني صفحة 5 انه: ( ..وكان على حلب محمود بن شبل الدولة فبقي بها حتى توفي سنة 468 للهجرة، الموافق لسنة 1075 للميلاد وملكها بعده ابنه نصر بن محمود فبقي حتى قتله التركمان وملكها بعده اخوه سابق بن محمود ثم انتزعها شرف الدولة مسلم بن قريش صاحب الموصل في صفر سنة 477 للهجرة، الموافق لسنة 1084 للميلاد، وملكها بعده ابراهيم بن قريش ثم انتزعها منه تنش بن آلب أرسلان السلجوقي صاحب دمشق في السنة المذكورة ثم انتزعها منه السلطان ملكشاه السلجوقي وسلمها الي قسيم الدولة آق سنقر ثم استعادها تنش بن آلب أرسلان.
أما الرحالة أبو عبد الله محمد بن عبدالله بن محمد بن ابراهيم اللواتي ثم الطبخي المعروف بأبن بطوطة فيذكر في الجزء الاول صفحة 99 من كتابه رحلة ابن بطوطة: ( ....ثم سافرت الى الجبل الاقرع وهوأعلى جبل بالشام وأول ما يظهر منها الى البحر وسكانه التركمان وفيه العيون والانهار.
صاحب كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية الجزء الاول صفحة 159، فيذكر المعلومات الاتية: ...ومن صائب رأي الشهيد آتابك الزنكي وجيده انه سير طائفة من التركمان الايوانية مع الامير الياروق الى الشام وأسكنهم بولاية حلب وأمرهم بجهاد الفرنج وملكهم كل ما استنقذوه حرروه من البلاد التي للفرنج وجعله ملكا لهم فكانوا يغادون الفرنج بالقتال ويراوصونهم واخذوا كثيرا من السواد وسدوا ذلك الثغر العظيم ولم يزل جميع ما فتحوه في ايديهم الى نحو سنة 600 للهجرة، الموافق لسنة 1203 للميلاد. وفي الصفحة 243 من نفس الجزء يستطرد مؤلف الروضتين ويقول: ..ثم جمع القائد أسد الدين اليه العدد الكثير من شجعان التركمان وقاتلوا المشركين ووصلوا الى بعلبك في العسكر من مقدمي التركمان وابطالهم للجهاد وهم في العدد الكثير والحجم الغفير واجتمعوا بنورالدين وتقررت الحال على قصد بلاد المشركين لتدويخها والابتداء بالنزول على بانياس وقدم نورالدين دمشق لاخراج آلات الحرب وتجهيزها.....
وعن احداث سنة 824 للهجرة، الموافق لسنتة 1421 للميلاد يقول مؤلف شذرات الذهب في الجزء 4 الصفحة 164..كان جقمق من ابناء التركمان اصبح دويدارا ثانيا ( أي وزير) عند الملك المؤيد قبل سلطنته، وكان يتكلم بالعربية، لايشك فيه جالسه انه من اولاد الامراء، ثم استقر دويدارا كبيرا الى ان قرره ( عينه) الملك المؤيد في نيابة الشام فبنى السوق المعروف بسوق ( جقمق) وأوقفه على المدرسة التي بناها قرب الاموي.
يفصل كتاب وفيات الاعيان في جزئه السادس، الصفحة 117 اخبار ياروق التركماني فيقول: هو ياروق بن آرسلان التركماني كان مقداما جليل القدر في قومه واليه تنسب الطائفة الياروقية من
التركمان وكان عظيم الخلقة هائل المنظر، سكن بظاهر حلب من جهتها القبلية وبنى شاطىء ( قويق) فوق تل مرتفع وبنى هو واهله واتباعه ابنية كثيرة مرتفعة وعمائر متسعة عرفت بالياروقية وهي شبه القرية، وسكنها هو ومن معه وبنى سوق الياروقية وتوفي في محرم سنة 564 للهجرة، الموافق لسنة 1168 للميلاد. ياروق بفتح الياء المثناة من تحتها وبعد الالف راء مضمومة ثم واو ساكنة وفي الاخر قاف. وقويق بضم القاف وفتح الواو وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها قاف. وهونهر صغير بظاهر حلب يجري في الشتاء والربيع وينقطع في الصيف.
وفي الكتاب الموسوعي الصادر حديثا في باريس بعنوان "دمشق لؤلؤة الشرق وملكته"، من تأليف جيرار دوجرج. عرض وتلخيص السيد محمود الزيباوي في ملحق جريدة النهار البيروتية في 30/4/2005. جاء ما يلي:
وفي زمن تضعضع السلطة العباسية، ارتبطت دمشق بالدولة الطولونية قبل أن تخضع للخلافة الفاطمية، ...و بعد الفاطميين، بسط السلاجقة سلطتهم على دمشق التي حكمها بعض الأتابكة في شكل شبه مستقل. قاوم معين الدين أنر الفرنجة وصد الحصار الذي فرضته قواتهم في داريا، وجاء من بعده نور الدين محمود زنكي، فوحّد المشرق ومد نفوذه إلى مصر بفضل القائد المقدام صلاح الدين الأيوبي.. فبعد وفاة صلاح الدين فيها عام1193 للميلاد الموافق لسنة588 للهجرة، تصدعت الدولة الأيوبية، وأصيبت دمشق بالبلاء العظيم قبل أن تسقط في أيدي المغول.
يستعيد المؤلف تلك الحقبة المتقلبة من تاريخ دمشق ويستعرض شواهدها المعمارية ، ويصف البيمارستان ( المستشفى) النوري، وهو اليوم متحف العلوم والطب العربي حيث تعرض أجمل نماذج الخطوط التي استعملت للمرة الأولى أثناء حكم نور الدين. ويصف بدقة وتفصيل حمام نور الدين في البزورية، وهو أقدم حمامات دمشق، ولا يزال يعمل إلى اليوم. و مدرسة نور الدين حيث يرقد الحاكم الكبير في تربته وسط صالة مربعة تقتصر زينتها على الآية القرآنية: "وَسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زُمرا حتى إذا جاءوها وفُتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلم عليكم طبتم فادخلوها خالدين. ثم قلعة دمشق ذات الأبواب الأربعة، ونستعيد ذكرى الرجالات الذين اتخذوها مسكنا لهم: نور الدين الزنكي وصلاح الدين الأيوبي والملك الظاهر بيبرس.
وفي الفصل الثالث من كتابه، يلقي جيرار دوجرج الضوء على دمشق المملوكية ويصف المواقع البديعة في المدينة القديمة. كانت ولاية دمشق من اكبر ولايات السلطنة المملوكية وأهمها حيث عُرفت باسم "نيابة الشام"، وقد امتدت حدودها إلى الفرات والرستن شرقا وشمالا، والى البحر المتوسط غربا، والى غزة والكرك جنوباً. في عهد السلطان الظاهر بيبرس والسلطان قلاوون، شهدت المدينة حركة عمرانية كبيرة، وشيِّد فيها عدد كبير من المساجد والمد ارس. وقد انتهت تلك الحقبة مع دخول قوات تيمورلنك.
إثر الهزيمة التي مني بها المماليك في معركة مرج دابق عام 1516 للميلاد الموافق لسنة 921 للهجرة قرب مدينة حلب، تحولت سوريا إلى جزء من أمبراطورية العثمانية الشاسعة وغدت "ضاحية" من أكبر ضواحيها وأهمها. يخصص الباحث الفرنسي الفصل الرابع من كتابه للحقبة العثمانية. حيث أولى الحكّام العثمانيون دمشق أهمية كبرى، فقد حافظت المدينة على مركزها التجاري في الشرق، كما أنها كانت محطة تتوقف فيها قوافل الألوف من الحجّاج الذين كانوا ينطلقون منها إلى الديار المقدّسة. وقد حرص الولاة على ضمان الأمن في المدينة، وشيّدوا فيها صروحا جديدة، كما أنهم اهتموا بترميم الجوامع والحمّامات والأسواق القديمة. ومن أشهر المعالم التي تعود إلى تلك الحقبة التاريخية الطويلة، التكية والجامع اللذان يحملان اسم السلطان سليم الأول، والتكية المعروفة بالسليمانية، وهي من تصميم المعماري سنان الذي ارتبط اسمه بتشييد أروع صروح اسطنبول. وأزدهر حلب في تلك الحقبة وبدأت تستقطب السفراء الغربيين لتغدو المدينة الثالثة في الامبراطورية العثمانية بعد اسطنبول والقاهرة.
أما كتاب \أقليات في شرق المتوسط\ تأليف الكاتب السوري فايز سارة ، فيذكر ان التركمان في سوريا يتوزعون في منطقة الفرات والجزيرة. ويعتقد المؤلف أن الاقلية التركمانية في سوريا، تشكل امتدادا للأقلية التركمانية في شمال العراق، وهي لا تختلف عنها كثيرا مع أنه من الصعب القول بوجود روابط وصلات بين التركمان عبر الحدود السورية ـ العراقية ، حيث يرد أن قدومهم إلى المنطقة يسبق العثمانيين بقرون عديدة ،ويعود بالضبط إلى أواخر القرن السابع الميلادي ،عندما اندفعت القبائل التركمانية من موطنها في وسط آسيا غربا ..
ويشير فايز سارة في كتابه ،إلى أن المصادر التاريخية ترجع زمن هجرة التركمان إلى شرق المتوسط إلى أواخر القرن السابع الميلادي، حيث اندفعت القبائل التركمانية من موطنها في وسط آسيا غربا باتجاه شرق المتوسط ،وأخذت تستقر في العديد من المناطق ، بينما استقر قسم منها في إيران ،وقسم آخر في العراق ومناطق من بلاد الشام ،ليستقروا في المناطق ذات التماس بين الدولة العربية ـ الإسلامية والدولة البيزنطية وأماكن الثغور من شمال العراق وحتى شمال آسيا .
وقد اندمج التركمان في الحياة العامة للدولة العربية ـ الإسلامية بعد اعتناقهم الإسلام دينا لهم،وانخرط عدد كبير منهم في جيش الدولة ،وهو الأمر الذي مهد لهم فيما بعد ،وخاصة في العهد العباسي لأن يلعبوا دورا مهما في بعض المراحل السياسية .كما تبوأت شخصيات منهم مناصب رفيعة في الدولة،وبرز منهم كثير في قائمة النخبة العليا في التاريخ والمجتمع العربي ـ الإسلامي لا حقا .
أن ابرز ما يميز التركمان حسب ما يورده مؤلف الكتاب ،هو علاقاتهم مع المجتمعات التي عاشوا فيها. حيث أنهم احتفظوا بعلاقاتهم مع تلك المجتمعات بعد سقوط الدولة العثمانية ،وخروج الأتراك من البلاد العربية عقب الحرب العالمية الأولى (1914ـ 1918 ) حيث استمر وجودهم في مجتمعاتهم ،مؤكدين حقيقة الانتماء إلى الكيانات الوطنية التي ظهرت في المنطقة ،كما أنهم، أي التركمان،أصبحوا ينظرون إلى الدول التي يقيمون بها باعتبارها أوطانا لهم،وانهم مواطنون فيها .
إن مناطق توزع التركمان في سوريا، يمكن ملاحظتها في منطقة الفرات والجزيرة ومدينة إعزاز شمال حلب ،ومعظم هؤلاء امتهنوا الرعي في فترات سابقة ،لكنهم استقروا واخذوا يمارسون الزراعة ،وكذلك هو حال التركمان الموجودين في مناطق منبج والباب وجرابلس والراعي ،وفي مدينة حلب ذاتها مجموعة من التركمان تتعايش مع بقية سكان المدينة من العرب والأقليات الأخرى التي تسكن المدينة وخاصة في حي الهلك وبستان الباشا .
وتتواجد أعداد من التركمان في منطقة حوض نهر العاصي وبخاصة بالقرب من مصياف حيث " حوير التركمان " و " ناطر " فيما يتواجد التركمان في منطقة الساحل السوري في قسمه الشمالي بالقرب من لواء الإسكندرون في منطقة راس البسيط ومرتفعات الباير .وهناك عدد محدود منهم في منطقة دمشق،تقيم إلى جانب الشركس في بلدة براق قرب دمشق .وفي المدينة ذاتها تتوزع مجموعة من التركمان في المناطق التي يسكنها نازحو الجولان،وهي في الأصل من الجماعة التركمانية التي كان عددها ثلاثة آلاف نسمة ،وتتوزع على قرى الجولان قبل أن تحتله إسرائيل عام 1967 وتقوم بطرد معظم سكانه السوريين ،وكان هؤلاء التركمان يتوزعون على مجموعة قرى جولانية بينها :حفر ،وكفر نفاخ ،والسنديانة ،والغادرية ،والعليقة، ،وأغلبهم يمارسون الرعي ،ويعود زمن وصولهم إلى الجولان إلى ذات الزمن الذي جاء فيها الشركس ،أي الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
يتوزعون في تجمعات سكنية من طبيعة مدينية ،وأخرى تجمعات ريفية .ويمتهن التركمان من سكان الريف الزراعة وتربية الحيوانات على نحو ما هي حال أقرانهم من أبناء الريف السوري ،فيما يغلب العمل الحر والاشتغال بالوظيفة العامة بالنسبة للتركمان المقيمين في المدن ،وبخاصة المقيمين في دمشق ،والذين فقدوا أراضيهم في مرتفعات الجولان بعد نزوحهم منها عام 1967 .
والتركمان يتبعون الدين الإسلامي ،وهو دين الأكثرية من سكان سوريا وغالبا فانهم متدينون ،وهم يتكلمون العربية ،وبعضهم يتكلم التركية القديمة وفيها الكثير من المفردات العربية، ،وهم أكثر ميلا للاندماج في الحياة العامة بحكم تقاربهم وتفاعلهم معها ،حيث لا يميز القانون السوري بين المواطنين من أصول تركمانية وغيرهم من السوريين *وقد لعب التركمان من أبناء قرى الجولان دورا معروفا في المقاومة الشعبية التي ظهرت في الجولان أثناء حرب 1967 .
الحروب الصليبية ،حيث شارك التركمان في الدفاع عن بلاد الشام أثناء تلك الحروب ،وهم المعروفين بفروسيتهم ،وتبدو هذه الرواية اكثر قربا إلى الواقع ،حيث كان بين قادة جيوش صلاح الدين الأيوبي ،قائد تركماني بارز هو مظفرالدين كوجك(كوكبورو) أحد قادة صلاح الدين وزوج شقيقته، وهو أمير دولة الأتابكة في أربيل ، حيث شهد المعركة الكبرى في حطين ،وقد انضم إلى جيش صلاح الدين فيما بعد القائد التركماني يوسف زين الدين وهو أمير أتابكة الموصل في شمال العراق . ويعتبر هذان القائدان من أسباب قدوم التركمان إلى فلسطين وكما هو طابع التركمان في
كل مناطق تواجدهم، فإنهم تمكنوا من الاندماج الكلي مع محيطهم العربي. وبالإمكان القول أنهم صاروا عربا من أصول تركمانية .
وهناك مجموعة تركمانية تنتشر في المنطقة الفاصلة بين الفرات ومدينة اعزاز شمال حلب –(( وللتركمان مآثر كبيرة في تحرير مدينة اعزاز التي كانت محتلة من قبل الفرنج. يقول مؤلف كتاب الروضتين، سبق الاشارة اليه، في الجزء الاول الصفحة 243، ...قال ابو يعلي، وورد الخبر في الخامس من المحرم من ناحية حلب بأن عسكر التركمان ظفر بابن جوسلين صاحب عزاز واصحابه ووقعوا في قبضة الاسر في قلعة حلب فسر هذا الفتح كافة الناس.كان ذلك في عهد السلطان مسعود بن قلبيج أرسلان السلجوقي صاحب قونية))- ومعظم هؤلاء امتهنوا الرعي في فترات سابقة ، لكنهم استقروا واخذوا يمارسون الزراعة، وكذلك هو حال التركمان الموجودين في مناطق منبج والباب القريبتين من حلب 0 وتضم مدينة حلب ذاتها مجموعة كبيرة من الاسر التركمانية وعلى راسها عشيرة الحاج علي بقيادة كال محمد مصطفى باشا ومن ثم ابنه الحاج نعسان كال محمد شيخ عشيرة التركمان في بلاد الشام الذي سكن في منطقة جرابلس قرية بلوى سلوى حاليا هم اهم احفاد الجنود والابطال التركمان الاوائل الذين جاؤوا للدفاع عن ثغوربلاد الشام ضد الافرنج الغزاة في شمال حلب. ثم استقروا وعاشوا مع بقية سكان المدينة من العرب والاقليات الأخرى 0
تتواجد أعداد كبيرة من التركمان في منطقة حوض نهر العاصي وبخاصة بالقرب من مصياف " حوير التركمان " و " ناطر " فيما يتواجد اسر وعوائل عديدة في منطقة الساحل السوري في قسمه الشمالي بالقرب من لواء الإسكندرون في منطقة راس البسيط ومرتفعات الباير. وكذلك في مدينة اللاذقية الساحلية. ويقيم عوائل كبيرة وعديدة في دمشق العاصمة وخاصة في بلدة براق التي يسكنها جماعات من الشركس.
كذلك سكن التركمان في القرى ةالاياف المنتشرة في الجولان، قبل الاحتلال الاسرائيلي لها عام 1967 وقامت سلكات الاحتلال الاسرائيلي بطرد التركمان من قراهم: حفر وكفر نفاخ والسنديانة والغادرية والعليقة، وهي قرى تركمانية صرفة. وطردت سكانها البالغ عددهم 3 الاف نسمة، اسكنتهم الحكومة السورية مؤقتا في اطراف دمشق. وتجدر الاشارة الى ان التركمان من ابناء قرى الجولان قاوموا العدوان الاسرائيلي الغاشم عام 1967 مقاومة باسلة ولعبوا دورا بطوليا معروفا في المقاومة الشعبية التي اندلعت في الجولان اثناء الحرب وقدموا العديد من الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن ارض وطنهم السوري الغالي.
ومما تقدم يتضح بان التركمان والاتراك قد سكنوا بلاد الشام، منذ القرن الاول للهجرة، أي قبل نحو 1300 عاما. وحكموها، بصورة مباشرة او غير مباشرة، لمدة أكثر من عشرة قرون. وتقاسموا مع اخوانهم العرب والاكراد والقوميات الاخرى السراء والضراء.
لا تتوفر عموما إحصائيات رسمية دقيقة بعدد نفوس التركمان في سوريا، مثلهم مثل باقي دول العربية الاخرى حيث يعتقد أن عدد نفوسهم يتجاوز مليون ونصف الف نسمة يتوزعون في تجمعات سكانية في المدن الكبيرة والقرى والارياف التي اشرنا الى قسم منها. بيد أن هناك تخمينات اخرى تقدر عدد نفوسهم بـ( مليو ن ونصف المليون نسمة.
يمتهن التركمان من سكان الريف الزراعة وتربية الحيوانات على نحو ما هي حال أقرانهم من أبناء الريف السوري ،فيما يغلب العمل الحر والاشتغال بالوظائف الحكومية العامة بالنسبة للتركمان المقيمين في المدن.
تعتبرسوريا، شأنها، شأن شقيقتها وجارتها العراق، بلد متعدد القوميات والطوائف والمذاهب، يتعايش فيه إلى جانب القوميتين الأساسيتين العربية والكردية العديد من القوميات الاخرى مثل التركمانية والاشورية والارمن والشركس والداغستانيين والشيشان والسريان وقليل من اليهود و البوسنين.
يميز السوريين بين التركمان وبين الأتراك والشركس والداغستانيين والشيشان بالرغم عن انهم جميعا من الاصول التركية. حيث يعتبرن التركمان الذين يعيشون في المدن أتراكا والذين يعيشون في القرى والارياف تركمانا.
وعلى هذا الاساس فأن التركمان في سوريا ينقسمون الى نوعين:
-1 التركمان الذين يقطنون في المدن الكبيرة مثل حمص و حلب و دمشق و حماه. يعتبرهم
السوريون اتراكا، وهم في الواقع أسر تركمانية أصيلة أستعربت معظمها بسبب التزاوج والاندماج والانصهار مع اشقائهم واخوانهم العرب
-2 أما الاسر التركمانية التي تعيش في القرى والارياف المنتشرة في الربوع السورية، و خاصة القرى المنتشرة حول المدن، حلب و اللاذقية و حمص وحماة، يطلق عليهم السوريون صفة التركمان.
يتركز تواجد التركمان بنسب عالية في المدن الكبيرة مثل ، حلب و حمص و حماه والعاصمة دمشق و اللاذقية. بيد أن معظم العوائل التركمانية التي استقرت في هذه المدن، قد نسيت أو تناست أو حتى تجاهلت أصولها القومية بسبب الاختلاط والتزاوج والاندماج والانصهار بمرور الزمن. ورغما عن هذة الحقيقة، ما يزال هناك عوائل تركمانية كثيرة، في هذه المدن، تتحدث اللغة التركمانية وتعتز بأصولها القومية وتتسمى بأسماء عوائلها الكبيرة والعريقة كعائلة العماد حسن التركماني وزير الدفاع الحالي.
ولا يخفى ان هناك عوامل و أسباب كثيرة أخرى، كانت عاملا مساعداً لنسيان كثير من العائلات التركية والتركمانية لأصولها الاثنية، ومن بين تلك العوامل والاسباب :
1- يتميز التركمان بالشفافية وعدم التعصب القومي الشوفيني.
أن البخاري و مسلم و ابن النفيس و الرازي و الفارابي كلهم من أصول تركية او تركمانية. .
يعتنق التركمان السوريون الدين الإسلامي، ويتميزون بالتدين. يجيدون اللغة العربية. نبغ من بينهم الشعراء والكتاب والمفكرين والسياسيين كبار. ومايزال هناك عوائل كثيرة يتكلم ابنائها التركية القديمة، والتي تحتوي مفردات عربية كثيرة. ويكتبون لغتهم بالابجدية العربية. يميل التركمان الى الاندماج في الحياة العامة بحكم شفافيتهم وانفتاحهم وتفاعلهم مع المجتمعات التي يعيشون فيها. أما من الناحية الاجتماعية، فأن تأثير التركمان والاتراك، في الحياة الاجتماعية السورية واضح وجلي، من خلال استخدام المفردات اللغوية التركية في اللهجة العامية الشامية، بالاضافة الى العادات والتقاليد التركية التى اصبحت جزءً من الحياة اليومية في البلاد، وان معظم المأكولات والحلويات الشامية اللذيذة تركية المنشأ والمواصفات والاسم.
تعود اصول معظم العائلات السورية الغنية في المدن الى التركمانية او التركية، ويشكل التركمان الاقليات الكبيرة في معظم المدن السورية، فمثلا هناك مثل شعبي في مدينة حمص يقول\: اللي مانو تركماني يروح يدور على أصلو\ ويراد به أن أغلب الاسر الحمصية هي اسر تركمانية.
فمن أشهر العائلات التركية في مدينة حمص هي عائلة الباشا مصطفى بن حسين التركماني، ويلقبون حاليا بلقب الحسيني، وعائلة الاتاسي وعائلة حسام الدين الحسامي وعائلة الصوفي وعائلة الوفائي..فمن اشهرالعائلات في مدينة حلب هي عائلة كال محمد مصطفى باشا من عشيرة الحاج علي الذين يقطنون في قرية سلوى ومنهم الحاج نعسان اغا ابن كال محمد والاستاذ فاروق مصطفى عضو اتحاد الكتاب العرب وعضو في اللجنة المركزية لحزب الاتحاد الاشتراكي في سورية 0
وقد امتازت هذه العوائل التركية بعراقتها و حسن سمعتها. ولعبت دورا مشرفا ورائدا في تاريخ هذا البلد العريق. و مازال عدد من هذه الأسرة تعتز بتركيتها إلى الآن . ومن العائلات التركية والتركمانية المعروفة في مدينة حماه، عائلة العظم المشهورة.
ومن اشهر العوائل التركمانية في دمشق ، عائلة العظمة، و اليها ينتسب الشهيد يوسف العظمة و عائلة القباني ( قبانجي) التي ينتسب إليها كلاً من أبي خليل القباني و الشاعر الكبير نزار القباني ولعل ابرز الشخصيات التركمانية في سوريا في الوقت الحاضر هي وزير الدفاع السوري العماد حسن التركماني.
كما ذكرنا فأن هناك قرى تركمانية صرفة ، في سوريا وقرى مختلطة من عدة قوميات كالعرب أو الأكراد ..مثل قرى تاشلي هيوك وسلوى ميرخان وهواهيوك وزلف وتركمان بارح وقبة التركمان وكربجلي وحليصة وام الطيور وريحانية وصليب التركمان وقرى اخرى كثيرة0
شيدت الدولة العثمانية معظم هذه القرى بجوار طريق الحج، وأسكن فيها التركمان لحماية طريق الحج من قطاع الطرق واللصوص.. حيث كان البدو يشنون غارات سطوٍ على قوافل الحجاج و التجار .. كما أقامت القرى الأخرى قرب المناطق غير المستقرة أمنياً.
التركماني السوري يولي الإسلام أولويةعلى القومية، وهو عميق الالتصاق بالوطن، فمن أهم
الخصوصيات المميزة للاتراك والتركمان، انهم يعتبرون الارض التي يقيمون عليها وطنا لهم منذ لحظة اقامتهم عليها يدافعون عنها دفاع الليوث الميامين. ومن ميزاته الاخرى أنه غير متعصب لقوميته، يحب قوميته كأي انسن اصيل ولكنه لايتعصب لها تعصبا شوفينيا أعمى، فأنه يزوج ويتزوج من ابناء وبنات القوميات الاخرى ما دام الطرف الاخر مسلماً.
ومن الصفات الاخرى التي يتميز بها التركماني هو احترام الآخر ، و تظهر بشكل واضح لدى عادات التركمان التي توارثوها ابا عن جد، فالتركماني ينشىْ اولاده منذ الصغر على حب الوطن و احترام الكبير، والوفاء للصديق وعدم المهابة من العدو. ويقال بأن هذه المبادىء منقولة من شريعة جينكيز خان المسمى \ الياسا أو نزادق\ 0
أما أسماء التركمان في سوريا فهي أسماء عربية اسلامية بحتة كـ محمد و أحمد و عبدالله و عبدالقادر. ونادرا مايسمون ابنائهم بأسماء تركية، مثا اورهان وأرسلان وجنكيز وكلتان ، كما هي منتشرة بين تركمان العراق.
لاتوجد احصائية رسمية حسب التصنيف العرقي للسكان في سوريا.الا ان الاعتقاد سائد بانهم يشكلون الاقلية القومية الثالثة في سوريا ويقدر عدد نفوسهم مليون ونصف ألف نسمة0
نعم أن تركمان سوريا هم اقلية، تجمعها مع أخوانهم العرب والاكراد وغيرهم من مواطني سوريا رابطة حب سوريا وروابط القرابة والدم، وانهم جزء لايتجزأ من النسيج الاجتماعي لسوريا وشعبها العريق وحب الوطن ولن تتنازل عن ذرة من ترابه والاستعداد الدائم للدفاع عنه في الملمات والمحن. ان الشعب التركماني معروف بوفائه وعدم تصيده في الماء العكر فانهم خير سند لهذه البلاد العريقة.
ان التركمان يبقون اوفياء للبلدان التي اصبحت وطنا لهم، يحافظون على سيادته وحريته وكرامته، ويكونون دوما عناصر البناء لا الهدم وعناصر الوحدة لا الانفصال. لبناء مجتمع انساني حضاري يتسع للجميع.
================
المصادر:
================
1-البرق الشامي/ القاضي الفقيه الامام عماد الدين الاصفهاني.
2-شذرات الذهب الجزء الثاني.
3- فتوح البلدان/ البلاذري
4- تاريخ البصروي / علاء الدين الشافعي
5- مآثر الاناقة/ الجزء الثاني
6- رحلة ابن بطوطة/ ابو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد بن ابراهيم اللواتي ثم الطبخي المعروف بأبن بطوطة.
7-الروضتين في اخبار الدولتين النورية- الجزؤ الاول
8- بغية الطلب في تاريخ حلب- الجزء الاول
9- تاريخ التركمان/ الدكتور محمود نورالدين
10- الاقليات في الشرق الاوسط/ فايز سارة- عرض وتلخيص نصرت مردان
11- كتاب، دمشق لؤلؤة الشرق وملكته"، من تأليف جيرار دوجرج. عرض وتلخيص السيد محمود الزيباوي في ملحق جريدة النهار البيروتية في 30/4
12- موقع التركمان في سوريا 0
13 - كتاب اسكان العشائر في عهد الامبراطوية العثمانية للاستاذ فاروق مصطفى 0
وصلنا رسالة من الأخ الأستاذ ( مختار محمد تركماني ) هذا نصها
من بعد السلام انا الدكتور مختار محمد تركماني .ارجو منكم ان تحذفوا اسمي من المقال المكتوب بعنوان التركمان في سوريا علما انني لم اكتبها انا ..هناك احد الاشخاص
ينتحل اسمي في كتابة المقالات في النت يرجى الانتباه علما ان صاحب المقال هو الاستاذ اسحق قومي تلك المقال منشور في موقع اصوات الشمال http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&c=4&a=12375