وإن تأخر توقيت الانصراف تحول الخطاب إلى الصورة التالية:
غابت الشمس غابت على روس الحيطان/ مـحـد قـالـنـا حـلــوا ويـا قـلـة الـوجـدان
"حلوا": انصرفوا.
ومنه أيضاً خطاب للمناجل والزرع:
قوم ارحل عنا يا زرع/ جاك المنجل يذرع ذرع
وآني خيــال المنـجـل/ والمنـجل خيـال الـزرع
منـجـلـي يا مـنجـلاه/ رايــح لـلصـانــع جــلاه
مـنـجـلـي يا مـالـوفي/ بـين كـتـوفي مـحـذوفـي
وقد تدفع شدة جمال البيادر الفلاح إلى تمنيه الإبقاء على السنابل فيها إلا أنها رغبة غير قابلة للتحقق:
طالع ورد بحارتنا أحمر ومصفر لونه/ أمـنـتـه للـمنـاجل أمـانـة لا تحصدونـه
وقد تستخدم في الحصاد بعض الأغاني الحماسية من شعر ما يسمى "الهوسة الفراتية" من قبيل:
وإن هلهلتي هلهلنالج/ بارود محزم جبنالج
وإن هلهلتي يا عمتنا/ حـنا الصبيان بلمـتنا
ويردد المجموع خلف الشخص الذي يبدأ بالحداء، وربما يعتبر هذا التفصيل من أهم طقوس الحصاد لأنك تبدو وكأنك في
عرس جماعي، بعد ذلك يتم نصب الخيمة -لمن بيته بعيد عن الزرع- لأخذ قيلولة صغيرة والعودة مجدداً إلى العمل،
أما عن الأدوات التي رافقت تلك الطقوس الاجتماعية في موسم الحصاد بشكل عام «المحراث اليدوي ذو السكة الكبيرة الذي تجره الثيران أو البغال السائدة، "الطبان" وهو قطعة مستقيمة من الحديد
لتسوية الأرض ، "المنجل اليدوي"، "النورج أو الحيلان" كما يسمى ويستخدم في "الدراس" أي فصل الحبوب عن
"التبن" وهو عبارة عن عربة من الخشب تحتوي داخل إطاراتها عدة مسننات حديدية مرتبطة مع بعضها بعضاً بواسطة
محور حديدي ويثبت المحور على الحوامل الخشبية الجانبية ويتصل عمود العربة بالحيوان الذي يجرها، "المذراة" وهي
عبارة عن قطعة معدنية تشبه المعول ولكنها مفرغة فتظهر فيها سبعة أصابع معدنية متباعدة ومنثنية قليلاً نحو الداخل».
سقى الله تلك الأيام فعلى الرغم من صعوبتها إلا أنها كانت جميلة