تعمل بلدية "دير الزور" على تحسين الحالة الجمالية للمدينة من خلال خطة وضعتها لتزيين المرافق الهامة فيها، وكان آخر هذه الخطوات هو تعليق قنديل عملاق في بداية طريق الكورنيش.
eSyria التقى بعض أعضاء الفريق المسؤول عن تنفيذ هذه التحفة الفنية بعد انتهائهم مباشرة من العمل بتاريخ 30/12/2010، فكان لنا اللقاءات التالية:
- المهندس "ماهر السالم" مبتكر تصميم القنديل: «حاولت من خلال عملي هذا إنشاء جسر ثقافي بين فكرة حداثية وهي تصميم مجسم لوضعه في أحد مرافق المدينة، مع مفردة ذات دلالة كبيرة في تراثنا الفراتي ألا وهي القنديل، والذي لطالما آنس وحشة أبناء الفرات، ورافقهم في سهراتهم الجميلة، فالقنديل إضافة لفائدته الوظيفية الكبيرة اكتسب دلالة لغوية عميقة ليصبح منبع النور الذي يبدّد الظلام».
ثم تابع "السالم" موضحاً مواصفات هذا القنديل بقوله: «بلغ الطول الإجمالي لهذا القنديل سبعة أمتار، بينما وزنه كان 235 كغ، وهو يحتوي على لمبة صوديوم كبيرة الحجم للإضاءة، محاطة بصفائح من البولي كربون».
- الأستاذ "مروان الحسبات" رئيس بلدية "دير الزور"، لخّص لنا الدافع وراء تزيين المدينة بهكذا تصميمات بقوله: «تعمل بلدية "دير الزور" على إحياء مفردات تراثية ذات دلالات مهمة لتعريف الجيل الحالي بغنى وقيمة التراث الفراتي، فتبقى الصلة الثقافية قائمة بين الأجيال السابقة واللاحقة، والقنديل بما يحمله من دلالات ومعاني يثير لدى كبار السن من سكان الفرات الكثير من الذكريات المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية الحميمة التي كانت تميز أهل هذه المنطقة من خلال السهرات الجميلة والتي ينيرها ضوء القناديل، وهذا التصميم ليس الأول الذي تقوم بلدية "دير الزور" بتنفيذه إذ سبق وأن وضعنا على نهر الفرات مجسمات لنواعير تحاكي النواعير التي كانت منتشرة على ضفاف الفرات، وكذلك نفذنا في الدوار المجاور لجسر "كنامات" تصميم يضم ثلاثة سيوف تحاكي تماماً في شكلها للسيوف التي كان يحملها الفراتيون فيما مضى والتي دافعوا فيها عن أرضهم وعرضهم ليرسخوا جذورهم كسكان في هذه المنطقة، لذا كان دوار "السيوف" هو أشبه بنوع من الاعتراف بالشكر والعرفان لأجدادنا الشجعان، وقد اختير السيف الفراتي كرمز لأنه يلخص قيم الفروسية التي تحلها بها أبناء الفرات فيما مضى.
وأحب أن أشكر السيد محافظ "دير الزور" على ما قدمه لنا من تشجيع ودعم كبيرين لإنجاح عملنا هذا».
كما حدثنا السيد "عماد حويجم" وهو رئيس لورشة الحدادة التي نفذت هذا القنديل عن الجهد الذي تطلبه هذا المجسم بقوله: «استغرق العمل في هذا المجسم مدة ثلاثة شهور، بطاقة عمل تصل لست ساعات يومياً، وبمراقبة دقيقة سواء من المهندس "ماهر السالم" أو من قبلي وذلك لتتم عمليات اللحام والقص والتوصيل بالأبعاد المدروسة، لكي لا تضيع أخطاء التصميم جمالية التصميم، وما يختزنه من معاني مهمة».
ثم وضح "الحويجم" روح الفريق العالية التي تميزت بها مجموعة العمل بقوله: «اتسمت المجموعة التي نفذت هذا العمل بدءا من المهندس المسؤول بأنها عملت على إنجاح هذا المعلَم كيد واحدة، إذ كان هناك تشاور في تنفيذ كل خطوة، وكان هناك احترام للآراء بحيث كان هذا العمل ثمرة حقيقية لتفاهم فريق العمل المنفذ».
ومن الفريق الذي ساهم بالعمل التقينا الشاب "أحمد طعمة" والذي بين لنا العناية بتركيب القنديل، إذ قال: «احتاج تركيب القنديل إلى دقة وعناية فائقة وذلك لأنه حساس للصدمات القوية، إذ استخدمت أطباق "الدش" في تكوين قاعدته، كما قمنا بتعليقه بشكل متوازن لإعطائه المنظر الجمالي المناسب وخصوصاً أنه يرى من مسافات كبيرة».
ومن المواطنين الذين توافدوا لمشاهدة هذا المعلَم الجديد التقينا بالسيد "إبراهيم الشلاش" وهو سائق من أهالي قرية "الشميطية" فعبر لنا عن رأيه بما رأى قائلاً: «إنه لجميل ورائع أن ينفذ مجسم للقنديل بهذا الحجم الكبير، وفي موقع مهم وهو بداية طريق الكورنيش، والقنديل لا يزال يستخدمه رعاة الماشية في الريف في رحلاتهم الطويلة، فالقنديل هو رمز تراثي وبنفس الوقت لا يزال له استخداماته في الريف الفراتي».
كما التقينا بالآنسة "هالة حمادي" وهي تعمل موظفة في معمل الأعمدة الخرسانية، والتي لخصت لنا وجهة نظرها بهذا القنديل العملاق بالقول: «يتمتع هذا التصميم بخصوصية إضافة لجمال تنفيذه هو الإضاءة القوية التي يشعها من خلال وجود "بلجكتور" داخله، فجمع بذلك بين الجمال والأهمية الوظيفية».
وكان لابد من أخذ وجهة النظر التشكيلية في هذا العمل لذا التقينا الفنان التشكيلي "غسان سليمان" ، فتفضل قائلاً: «يعتبر هذا العمل على درجة عالية من الإتقان الفني، فهو تجسيد ناجح لفكرة ذات قيمة فنية عالية، مما يساهم في إثراء الذائقة التشكيلية > >