الجوار
من قبيل الوفاء بالعهدوحفظ الذمام (الجوار)فان العربي يحافظ على جاره محافظته على نفسه والمقصود بالجوار في الاصل ان يحافظ الرجل على جاره القريب وهو من قبيل التعاون الطبيعي حتى قيل (جارك القريب ولا اخوك البعيد)ولكن العرب توسعوا في ذلك حتى شقوا منه الاجارة والاستجارة والجوار وكلها بمعنى الحماية والحفظ مع ان اصل المادة (جار) يفيد عكس ذلك واستعاروا الجوار للحماية على الاطلاق فاذا خاف احدهم سوءاجاء الى رجل يحميه ويكفي ان يقول له (اجرني)فيجيره بقدر طاقته ولا يفرط بجاره ومن امثلة ذلك ان الاعشى امتدح الاسود العنسي فاعطاه جائزة من الحلل والعنبر فرجع وطريقه على بني عامر فخافهم على ما معه من المال فاتى علقمة بن علاثة فقال له (أجرني)فقال (قد اجرتك) قال (من الانس والجان )قال (نعم)قال (ومن الموت) قال (لا)فتركه واتى عامر بن الطفيل فقال له (اجرني)قال (قد اجرتك)قال (من الانس والجان) قال (نعم)قال (ومن الموت) قال (نعم) قال (وكيف تجيرني من الموت)قال (اذا مت وانت جاري بعثت الى اهلك الدية )قال (الان علمت انك تجيرني)
وقد يجيئ بعضهم ليستجير برجل فلا يجده في بيته فيكفي ان يعقد طرف ثوبه الى جانب طنب البيت فاذا فعل ذلك صار جارا ووجب على المعقود بطنب بيته للمستجير به ان يجيره وان يطلب له بظلامته ومن قبيل تعظيم الجوار والمحافظة عليه ان عامر بن الطفيل لما مات نصبت بنو عامر انصابا ميلا في ميل على قبره لا ينشر فيه ماشية ولا يرعى ولا يسلكه راكب او ماش اشارة الى ما كان عليه من المحافظة على الجوار في حياته ومازال الجوار مراعيا عند العرب بعد الاسلام الا من خالط الامم الاخرى في البلاد المفتوحة على ان تاييد الدولة اقتضى ضعف الجوار لان اهل الوجاهة اصبحوا من اهل الدولة والرجل يومئذ انما يستجير من حاكم يطلبه فاذا استجار به مظلوم قالوا (انما نجير الرجل على عشيرته واما على سلطانه فلا) خوفا على مناصبهم