إن كتب لك أن تعبر الطريق بين "دير الزور" و"هجين" فسيفوتك الكثير من المتعة إن لم تتوقف في هذه القرية للتجول بين بساتينها، هذه المتعة أدركها الكثير من المسافرين وبصورة خاصة المعلمات اللواتي يدرّسن في القرى القريبة منها واللواتي يحملن منها ذكريات لا يمكن أن تمحى.
إن منظر القرويين وهن يقدمن الفاكهة الناضجة للزائرين في موسم القطاف يشجع كل عابر سبيل على الترجل والتمتع بها بالإضافة إلى الجمال الذي حباه الله تعالى لهذه القرية، أما عن سبب تسميتها فيرى الباحث "مازن شاهين" أن تسمية "درنج" تعود إلى زمن الاحتلال العثماني، وهي كلمة تركية تعني الأرض الخصبة أو الأرض الخضراء.
أما عن نسب أبنائها وأهم العائلات فيها فقد التقينا بالشاب "علي محسن المحمد" من أبناء القرية الذي أفادنا قائلاً: «ينتسب أهالي قرية "درنج" عموماً إلى عشيرة "العقيدات، شويط الجعدان" من فخذ "البو حسن"، وأهم العائلات أو "الأفخاذ" التي تسكن القرية هي "العبد العلي"، "البوخميس"، "النجرس"، "المناصرة"، "أحمد الصالح"، "الحمود"، "الداوود"».
وللتعرف أكثر على هذه القرية الوادعة التقينا رئيس البلدية فيها السيد "فاضل علي الخاروف" ليحدثنا عنها
بالقول: «قرية "درنج" تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات، جنوب شرق مدينة "الميادين" وتبعد عن مركز مدينة "دير الزور" حوالي 75 كم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 12 ألف نسمة، تعتمد بشكل أساسي على الزراعة وتريبة المواشي،
ومساحة الأراضي الزراعية تقدر بحوالي 3000 "دونم" تزرع بالأشجار المثمرة وبالقطن والقمح والشوندر السكري والخضراوات والبقوليات، إلا أن شهرة "درنج" الأساسية جاءت من زراعة الأشجار المثمرة وبخاصة "المشمش والجارنك" إذ تشكل جزءاً هاماً من الدخل الاقتصادي للقرية، ويشكل قطاف هذا المحصول فرحة كبيرة بالنسبة للأهالي هنا، حيث يعبأ في صناديق ثم يتم شحنه إلى "دمشق" مباشرة وبشكل يومي طوال فترة القطاف إلا أنه تراجع مع الأسف لأسباب عديدة أهمها ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتلوث بالإضافة إلى أن بطء تنفيذ مشروع القطاع الثامن للري أثر سلباً على العملية الزراعية.
عموماً بدأت زراعة أشجار أخرى مثل الزيتون والرمان تنشط في القرية في السنوات الأخيرة حيث يتوافق المناخ فيها مع شروط زراعتها.
كما تعتمد القرية نوعاً ما على العمالة المهاجرة حيث يبلغ عدد المغتربين من أبنائها أكثر من500 مغترب».
وحول مواكبة البلدية للحالة الاجتماعية واحتياجات المواطنين قال: «نحاول دائماً أن نشارك بمختلف الأنشطة الثقافية في القرية، وبصورة خاصة تلك التي تجري في المدارس، ونحن نسعى لافتتاح مركز ثقافي، كما نتمنى افتتاح مستوصف بدل الاعتماد على المستوصفات في القرى القريبة منا، وقريتنا بشكل عام هادئة وأهلها مسالمون، حيث مازال وجهاؤها يتمتعون بمكانة كبيرة، وفي حال حدوث أي خلاف يكونون من أوائل الناس الذين يسعون لحله وإعادة الأمور إلى نصابها».
وعن الوضع التعليمي في القرية فقد تابع السيد "فاضل" حديثه بالقول: «يوجد في القرية 6 مدارس ابتدائية يدرس فيها 2295 طالباً وطالبة، كما يوجد فيها إعداديتان ومدرسة ثانوية والمستوى التعليمي ولله الحمد في تطور والإقبال على التعليم من قبل الأهالي كبير جداً بسبب إدراكهم لأهميته، حيث يغطي أبناء القرية حاجتها من المدرسين بنسبة 90 بالمئة، وفي حال تم تثبيت الوكلاء -وهذا ما نتمناه- فسوف ترتفع النسبة إلى 100 %».
وفيما يتعلق بتطور القرية وبالتوسع العمراني الحاصل فيها أضاف: «كان البناء في المنطقة في السابق يعتمد على عمارة الطين وبشكل عشوائي، أما اليوم فنحن نستخدم الوسائل الحديثة في البناء، والذي يتم وفق نماذج معينة ومخططات هندسية تتفق مع المخططات التنظيمية الخاضعة لقوانين البناء.
كما إن عدد المحلات
التجارية في القرية قد ازداد في السنوات الأخيرة بحيث أصبحت تغني أهالي القرية عن الذهاب إلى المدينة وتؤمن حوالي 60 بالمئة من المواد الأساسية، ولدينا أمل بافتتاح سوق تجاري عندنا إلا أن قرب مدينة "العشارة" من قريتنا يؤثر على نشاط مثل هذا السوق، هذا بالإضافة إلى أننا لم نعد تفتقر إلى الصيدليات ولا إلى المطاعم وذلك لتوافرها في القرية».