تسجيل جديد
اختر لونك المفضل
1 2 3 
مجلس الـشــعر والـشـــعــــراء>السياب ... حياته ودواوينه !!!
 سعد العقيدي
 10:10 PM
 09.06.10




بدر شاكر السياب


والده:شاكر بن عبد الجبار بن مرزوق السياب...

والدته:كريمة بنت سياب بن مرزوق السياب...

شاعر عراقي ولد بقرية جيكور جنوب شرق البصرة...ويؤكد الباحث جمال الدين الكيلاني(باحث متخصص بالانساب)ان ال السياب في البصرة من قبيلة ربيعة العدنانية..وان جدهم سياب من امراء ربيعة..وهذاما أكدته الروايات والمصادر التاريخية المتعلقة بالموضوع..وهذه الاسرة انجبت العديد من رجال العلم والادب والسياسة في تاريخ العراق الحديث..




درس الابتدائية في مدرسة باب سليمان في أبي الخصيب..ثم انتقل إلى مدرسة المحمودية وتخرج منها في 1 أكتوبر 1938م..ثم أكمل الثانوية في البصرة ما بين عامي 1938 و1943م..ثم انتقل إلى بغداد فدخل جامعتها دار المعلمين العالية من عام 1943 إلى 1948م..والتحق بفرع اللغة العربية..ثم الإنجليزية..ومن خلال تلك الدراسة أتيحت له الفرصة للإطلاع على الأدب الإنجليزي بكل تفرعاته...



سيرته الأدبية




اتسم شعره في الفترة الأولى بالرومانسية..وبدا تأثره بجيل علي محمود طه من خلال تشكيل القصيد العمودي وتنويع القافية..ومنذ1947 انساق وراء السياسة..وبدا ذلك واضحا في ديوانه أعاصير الذي حافظ فيه السياب على الشكل العمودي..وبدأ فيه اهتمامه بقضايا الإنسانية وقد تواصل هذا النفس مع مزجه بثقافته الإنجليزية متأثرا بإليوت في أزهار وأساطير..وظهرت محاولاته الأولى في الشعر الحر وقد ذهبت فئة من النقاد إلى أن قصيدته "هل كان حبا" هي أول نص في الشكل الجديد للشعر العربي..وما زال الجدل قائما حتى الآن في خصوص الريادة بينه وبين نازك الملائكة..ومن ثم بينهما وبين شاذل طاقه والبياتي..وفي أول الخمسينات كرس السياب كل شعره لهذا النمط الجديد واتخذ المطولات الشعرية وسيلة للكتابة فكانت "الأسلحة والأطفال" و"المومس العمياء" و"حفار القبور" وفيها تلتقي القضايا الاجتماعية بالشعر الذاتي..

مع بداية الستينات نشر السياب ديوانه "أنشودة المطر" الذي انتزع به الاعتراف نهائيا للشعر الحر من القراء..وصار هو الشكل الأكثر ملائمة لشعراء الأجيال الصاعدة..وأخذ السياب موقع الريادة بفضل تدفقه الشعري وتمكنه من جميع الأغراض...كذلك للنفس الأسطوري الذي أدخله على الشعر العربي بإيقاظ أساطير بابل واليونان القديمة..كما صنع رموزا خاصة بشعره مثل المطر تموز عشتار جيكور قريته التي خلدها..وتخللت سنوات الشهرة صراعات السياب مع المرض..ولكن لم تنقص مردوديته الشعرية..وبدأت ملامح جديدة تظهر في شعره..وتغيرت رموزه من تموز والمطر في "أنشودة المطر" إلى السراب والمراثي في مجموعته "المعبد الغريق" ولاحقا توغل السياب في ذكرياته الخاصة..وصار شعره ملتصقا بسيرته الذاتية في(منزل الأقنان)و(شناشيل ابنة الجلبي)...

سافر السياب في هذه الفترة الأخيرة من حياته كثيرا للتداوي..كذلك لحضور بعض المؤتمرات الأدبية..وكتب في رحلاته هذه بوفرة ربما لاحساسه الدفين باقتراب النهاية..توفي عام 1964م بالمستشفى الأميري في الكويت عن 38 عام ونقل جثمانه إلى البصرة ودفن في مقبرة الحسن البصري في الزبير...

حياته

عاش بدر طفولة سعيدة غير إنها قصيرة سرعان ما تحطمت إذ توفيت أمه عام 1932 أثناء المخاض لتترك أبناءها الثلاثة وهي في الثالثة والعشرين من عمرها..وبدا بدر الحزين يتساءل عن أمه التي غابت فجأة وكان الجواب الوحيد:ستعود بعد غد..فيما يتهامس المحيطون به:أنها ترقد في قبرها عند سفح التل عند أطراف القرية..غابت تلك المرأة التي تعلق بها ابنها الصغير وكان يصحبها كلما حنت إلى أمها فخفت لزيارتها أو قامت بزيارة عمتها عند نهر بويب حيث تملك بستانا صغيرا جميلا على ضفة النهر..فكان عالم بدر الصغير تلك الملاعب التي تمتد بين بساتين جيكور ومياه بويب وبينها ما غزل خيوط عمره ونسج حياته وذكرياته..وما كان أمامه سوى اللجوء إلى جدته لأبيه(أمينة)وفترة علاقته الوثيقة بأبيه بعد أن تزوج هذا من امرأة أخرى سرعان ما رحل بها إلى دار جديدة بعيدا عن بدر وأخويه..ومع أن هذه الدار في بقيع أيضا..غير أن السياب وأخويه انضموا لدار جده في جيكور القرية الأم..ويكبر ذلك الشعور في نفس بدر بأنه محروم مطرود من دنيا الحنو الأمومي..ليفر من بقيع وقسوتها إلى طرفه تدسها جدته في جيبه أو قبلة تطبعها على خده تنسيه مايلقاه من عنت وعناء..غير أن العائلة تورطت بمشكلات كبيرة ورزحت تحت عبء الديون..فباعت الأرض تدريجيا وطارت الأملاك..ولم يبق منها إلا القليل يذكر بالعز القديم الذي تشير إليه الآن أطلال بيت العائلة الشاهق المتحللة ويذهب بدر إلى المدرسة..كان عليه أن يسير ماشيا لقرية باب سليمان غرب جيكور لينتقل بعدها لمدرسة المحمودية الابتدائية في أبي الخصيب التي شيدها محمود جلبي أحد أعيان أبي الخصيب..وكان بالقرب من المدرسة البيت الفخم الذي تزينه الشرفات الخشبية المزججة بالزجاج الملون الشناشيل**والتي ستكون فيما بعد اسما لمجموعة شعرية متميزة هي شناشيل ابنة الجلبي(الجلبي لقب للأعيان الأثرياء)وفي هذه المدرسة تعلم أن يردد مع أترابه أهزوجة يرددها أبناء الجنوب عند هطول المطر..ضمنها لاحقا في إحدى قصائده :

يا مطرا يا حلبي

عبر بنات الجلبي

يا مطرا يا شاشا

عبر بنات الباشا


وفي هذه المرحلة المبكرة بدأ ينظم الشعر باللهجة العراقية الدارجة في وصف الطبيعة أو في السخرية من زملائه..فجذب بذلك انتباه معلميه الذين شجعوه على النظم باللغة الفصيحة..وكانت العطلة الصيفية التي يقضيها في جيكور مجلبة لسروره وسعادته إذ كان بيت العبيد الذي غدا الآن مهجورا المكان المحبب للعبهم برغم ما يردده الصبية وخيالهم الفسيح عن الأشباح التي تقطنه..وكانت محبة جدته أمينة تمنحه العزاء والطمأنينة والعطف غير انه سرعان ما فقدها إذ توفيت في أيلول 1942ليكتب في رثائها قصيدة:

جدتي من أبث بعدك شكواي؟

طواني الأسى وقل معيني

أنت يا من فتحت قلبك بالأمس

لحبي أوصدت قبرك دوني

فقليل علي أن اذرف الدمع

ويقضي علي طول أنيني


وتفاقم الأمر إذ باع جده ما تبقى من أملاكه مرغما إذ وقع صغار الملاك ضحية للمالكين الكبار وأصحاب مكابس التمر والتجار والمرابين..وكان بدر يشعر بالظلم واستغلال القوى للضعيف..وكانت طبيعته الرومانسية تصور له مجتمعا مثاليا يعيش فيه الناس متساوين يتعاون بعضهم مع بعض بسلام..هذه النظرة المثالية عمقها شعور بدر بأن أسرته كانت عرضه للظلم والاستغلال..فضلا عما لحق به إذ فقد أمه وخسر أباه وأضاع جدته وسلبت حبيبته منه..وكان قد بدأ يدرك انه لم يكن وسيما..هذا كله احتشد في أعماق روحه ليندلع فيما بعد مثل حمم بركان هائج تدفق شعرا ملتهبا في مدينة بغداد صيف1943



أنهى بدر دراسته الثانوية وقبل في دار المعلمين العالية ببغداد(كلية التربية)وكان في السابعة عشرة من عمره ليقضى فيها4أعوام وعثر(محمود العبطة)على درجات الشاعر في الصف الثالث من الدار المذكورة بمكتبة أبي الخصيب وبحيازة مأمورها الأستاذ عبد اللطيف الزبيدي هي من جملة الوثائق التي أودعتها زوجة المرحوم السياب في المكتبة عندما زار وفد من مؤتمر الأدباء العرب السادس ومؤتمر الشعر العربي أبي الخصيب وقرية الشاعر جيكور وهي وريقة بحجم الكف مطبوعة على الآلة الكاتبة تشمل المعلومات التالية

نتائج الطلبة 1946 - 1947
اسم الطالب : بدر شاكر السياب
الصف والفرع : الثالث – اللغة الإنكليزية
اللغة العربية 97 /
اللغة الإنكليزية 91/
اللغة الفرنسية 90/
الأدب الإنكليزي 76 /
التاريخ الإنكليزي 72/
علم النفس 89/
التعليم الثانوي 84/
الترجمة 88/
المعدل 86
النتيجة : ناجح الثاني في صفه
عميد دار المعلمين

كتب السياب خلال تلك الفترة قصائد مترعة بالحنين إلى القرية والى الراعية هالة التي احبها بعد زواج وفـيقة ويكتب قصائده العمودية أغنية السلوان وتحية القرية.. الخ

ويكسب في بغداد ومقاهيها صداقة بعض من أدبائها وينشر له ناجي العبيدي قصيدة في جريدته الاتحاد هي أول قصيدة ينشرها بدر في حياته..تكونت في دار المعلمين العالية في السنة الدراسية 44-1945 جماعة أسمت نفسها أخوان عبقر..كانت تقيم المواسم والحفلات الشعرية حيث ظهرت مواهب الشعراء الشبان..ومن الطبيعي تطرق أولئك لأغراض الشعر بحرية وانطلاق..بعد أن وجدوا من عميد الدار الدكتور متى عقراوي أول عميد رئيس لجامعة بغداد ومن الأساتذة العراقيين والمصريين تشجيعا...

كان السياب من أعضاء الجماعة كما كانت الشاعرة نازك الملائكة من أعضائها أيضا بالإضافة إلى شاعرين يعتبران المؤسسين للجماعة هما الأستاذان كمال الجبوري والدكتور المطلبي وكان من أعضائها شعراء آخرون منهم الأستاذ حازم سعيد من مواليد 1924 وأحمد الفخري وعاتكة الخزرجي..ويتعرف بدر على مقاهي بغداد الأدبية ومجالسها مثل مقهى الزهاوي ومقهى البلدية ومقهى البرازيلية وغيرها يرتادها مع مجموعة من الشعراء الذين غدوا فيما بعد (رواد حركة الشعر الحر) مثل بلند الحيدري وعبد الرزاق عبد الواحد ورشيد ياسين وسليمان العيسى وعبد الوهاب البياتي وغيرهم ويلتقي امرأة يحبها وهي لا تبادله هذا الشعور فيكتب لها

أبي.. منه جردتني النساء
وأمي.. طواها الردى المعجل
ومالي من الدهر إلا رضاك
فرحماك
فالدهر لا يعدل


ويكتب لها بعد عشرين عاما(وكانت تكبره عمرا)يقول

وتلك..
لأنها في العمر أكبر
أم لأن الحسن أغراها
بأني غير كفء
خلفتني كلما شرب الندى ورق
وفتح برعم مثلتها
وشممت رياها؟


غلام ضاو نحيل كأنه قصبة ركب رأسه المستديركحبة الحنظل على عنق دقيقة تميل إلى الطول وعلى جانبي الرأس أذنان كبيرتان وتحت الجبهة المستعرضة التي تنزل في تحدب متدرج أنف كبير يصرفك عن تأمله العينين الصغيرين العاديتين على جانبيه فم واسع تبرز(الضبة)العليا منه ومن فوقها الشفة بروزا يجعل انطباق الشفتين فوق صفي الأسنان كأنه عما اقتساري..وتنظر مرة أخرى لهذا الوجه الحنطي فتدرك أن هناك اضطرابا في التناسب بين الفك السفلي الذي يقف عند الذقن كأنه بقية علامة استفهام مبتورة وبين الوجنتين الناتئتين وكأنهما بدايتان لعلامتي استفهام أخريين قد انزلقتا من موضعيهما الطبيعيين..وتزداد شهرة بدر الشاعر النحيل القادم من أقصى قرى الجنوب وكانت الفتيات يستعرن الدفتر الذي يضم أشعاره ليقرأنه فكان يتمنى أن يكون هو الديوان...

ديوان شعر ملؤه غزل
بين العذارى بات ينتقل
أنفاسي الحرى تهيم على صفحاته
والحب والأمل
وستلتقي أنفاسهن بها
وترف في جنباته القبل


يقول محمود العبطة:عندما أصدر الشاعر ديوانه الأول أزهار ذابلة في1947 وصدره بقصيدة من الشعر العمودي مطلعها البيت المشهور(ديوان شعر ملؤْه غزل بين العذارى بات ينتقل)اطلع على الديوان الشاعر التقدمي الأستاذ علي الوردي فنظم بيتا على السجية وقال للسياب (كان الأولى لك أن تقول ديوان شعر ملؤْه شعل بين الطليعة بات ينتقل)وفي قصيدة أخرى يقول:

يا ليتني أصبحت ديواني
لأفر من صدر إلى ثان
قد بت من حسد أقول له
يا ليت من تهواك تهواني
ألك الكؤوس ولى ثمالتها
ولك الخلود وأنني فاني؟


ويتعرف السياب على شعر وود زورت وكيتس وشيلي بعد أن انتقل إلى قسم اللغة الإنجليزية..ويعجب بشعر اليوت واديث سيتويل..ومن ثم يقرأ ترجمة لديوان بودلير أزهار الشر فتستهويه..ويتعرف على فتاة أضحت فيما بعد شاعرة معروفة غير أن عائق الدين يمنع من لقائهما فيصاب بإحباط آخر فيجد سلوته في الانتماء السياسي الذي كانت عاقبته الفصل لعام دراسي كامل من كليته ومن ثم سجنه عام1946لفترة وجيزة أطلق سراحه بعدها ليسجن مرة أخرى عام1948 ..

بعد أن صدرت مجموعته الأولى أزهار ذابلة بمقدمة كتبها روفائيل بطي أحد رواد قصيدة النثر في العراق عن إحدى دور النشر المصرية عام1947 تضمنت قصيدة هل كان حبا حاول فيها أن يقوم بتجربة جديدة في الوزن والقافية تجمع بين بحر من البحور ومجزوءاته أي أن التفاعيل ذات النوع الواحد يختلف عددها من بيت إلى آخر..وقد كتب روفائيل بطي مقدمة للديوان قال فيها: نجد الشاعر الطليق يحاول جديدا في إحدى قصائده فيأتي بالوزن المختلف وينوع في القافية محاكيا الشعر الإفرنجي فعسى أن يمعن في جرأته في هذا المسلك المجدد لعله يوفق إلى أثر في شعر اليوم فالشكوى صارخة على أن الشعر العربي قد احتفظ بجموده في الطريقة مدة أطول مما كان ينتظر من النهضة الحديثة إن هذه الباكورة التي قدمها لنا صاحب الديوان تحدثنا عن موهبة فيه وان كانت روعتها مخبوءة في اثر هذه البراعم (بحيث تضيق أبياته عن روحه المهتاجة وستكشف الأيام عن قوتها)ولا أريد أن أرسم منهجا مستقبليا لهذه القريحة الأصيلة تتفجر وتفيض من غير أن تخضع لحدود وقيود ولكن سير الشعراء تعلمنا أن ذوي المواهب الناجحين هم الذين تعبوا كثيرا وعالجوا نفوسهم بأقصى الجهد وكافحوا كفاح الأبطال حتى بلغوا مرتبة الخلود...


صورة له في الموانئ

ويتخرج السياب ويعين مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة ثانوية في مدينة الرمادي التي تبعد عن بغداد تسعين كيلومترا غربا تقع على نهر الفرات..وظل يرسل منها قصائده إلى الصحف البغدادية تباعا وفي يناير 1949 ألقي عليه القـبض في جيكور أثناء عطلة نصف السنة ونقل لسجن بغداد واستغني عن خدماته في وزارة المعارف رسميا في25 يناير1949 وافرج عنه بكفالة بعد بضعة أسابيع ومنع إداريا من التدريس لمدة عشر سنوات فعاد لقريته يرجو شيئا من الراحة بعد المعاملة القاسية التي لقيها في السجن ثم توجه للبصرة ليعمل(ذواقة)للتمر في شركة التمور العراقية ثم كاتبا في شركة نفط البصرة..



إخطار الطرد في الجريدة

وفي هذه الأيام ذاق مرارة الفقر والظلم والشقاء ولم ينشر شعرا قط ليعود لبغداد يكابد البطالة يجتر نهاراته في مقهى حسن عجمي يتلقى المعونة من أصحابه اكرم الوتري ومحي الدين إسماعيل وخالد الشواف عمل بعدها مأمورا في مخزن لإحدى شركات تعبيد الطرق في بغداد وهكذا ظل يتنقل من عمل يومي لآخر عام 1950 ينشر له الخاقاني مجموعته الثانية(أساطير)بتشجيع من أكرم الوتري مما أعاد لروحه هناءتها وأملها بالحياة وقد تصدرتها مقدمة لبدر أوضح فيها مفهومه للشعر الجديد الذي يبشر به ويبدأ بدر بكتابة المطولات الشعرية مثل أجنحة السلام واللعنات وحفار القبور والمومس العمياء وغيرها...



صورة له في الكويت

ويضطرب الوضع السياسي في بغداد عام 1952 ويخشى بدر أن تطاله حملة الاعتقالات فيهرب متخفيا لإيران ومنها للكويت بجواز سفر إيراني مزور باسم(علي آرتنك)على ظهر سفينة شراعية انطلقت من عبادان يناير 1953 كتب عنها فيما بعد قصيدة اسمها فرار1953 وهناك وجد له وظيفة مكتبية في شركة كهرباء الكويت حيث عاش حياة اللاجئ الذي يحن بلا انقطاع لأهله ووطنه وهناك كتب أروع قصائده غريب على الخليج يقول فيها:

مازلت اضرب مترب القدمين أشعث
في الدروب تحت الشموس الأجنبية
متخافق الأطمار
أبسط بالسؤال يدا نديه
صفراء من ذل وحمى
ذل شحاذ غريب
بين العيون الأجنبية
بين احتقار وانتهار
وازورار.. أوخطيه
والموت أهون من خطيه
من ذلك الإشفاق
تعصره العيون الأجنبية
قطرات ماء.. معدنية



عام 1955 تزوج من إقبال وهي معلمة في إحدى المدارس الابتدائية...



صورة له مع ابنه

شتاء عام 1957 تعرف على مجلة (شعر) اللبنانية التي كان يحررها يوسف الخال وسرعان ما أصبح بدر أحد كتابها العديدين من دعاة التجديد في الشعر العربي مثل أدونيس وأنسي الحاج وجبرا إبراهيم جبرا وتوفيق صايغ لتبدأ قطيعته مع مجلة الآداب التي تبنت نتاجه المدة السابقة...

وكان بدر ينتقل بين بيروت وبغداد و باريس ولندن من أجل العلاج ولكن العلاج لم يفده في شيء فقد كان الجزء الأسفل من جسمه يضمر ويضمر والقروح تأكل ظهره وحين جربوا معه العلاج الطبيعي كسرت عظمت الساق لهشاشتها...

ومات بدر يوم 24/12/1964.وكان ديوانه (شناشيل ابنة الجلبي) قد صدر ولكنه لم يصله قبل الوفاة...




وهذا تمثاله على ضفاف شط العرب في محافظة البصره جنوب العراق




دواوينه

أزهار ذابلة 1947م

أعاصير 1948م

أزهار وأساطير 1950م

فجر السلام 1951م

حفار القبور 1952م قصيدة مطولة

المومس العمياء 1954م قصيدة مطولة

الأسلحة والأطفال 1955م قصيدة مطولة

أسمعه يبكي

في يوليو 1960 ذهب إلى بيروت لنشر مجموعة من شعره هناك وتوافق وجوده مع مسابقة مجلة شعر لأفضل مجموعة مخطوطة فدفع بها إلى المسابقة ليفوز بجائزتها الأولى عن مجموعته (أنشودة المطر)التي صدرت عن دار شعر بعد ذلك...

المعبد الغريق 1962م

منزل الأقنان 1963م

شناشيل ابنة الجلبي 1964م

سفر أيوب

في المستشفى

ونشر ديوان إقبال نسبة لزوجته 1965م وله قصيدة بين الروح والجسد في ألف بيت تقريبا ضاع معظمها وقد جمعت دار العودة ديوان بدر شاكر السياب 1971م وقدم له المفكر العربي المعروف الأستاذ ناجي علوش...



وله من الكتب مختارات من الشعر العالمي الحديث ومختارات من الأدب البصري الحديث. وله مجموعة مقالات سياسية سماها(كنت شيوعيا)...


 سعد العقيدي
 10:14 PM
 09.06.10
ديوان الشاعر

بدر شاكر السياب



وداع

اريقي على ساعدي الدموع
و شدي على صدري المتعب
فهيهات ألا أجوب الظلام
بعيدا إلى ذلك الغيهب
فلا تهمسي / غاب نجم السماء
ففي الليل أكثر من كوكب
**
وهل كان حلم بغير انتهاء
و هل كان لحن بلا آخر ؟
لكي تحسبي أن هذا الغرام
أبيد الرؤى ... خالد الحاضر
و أنا سنبقى نعد السنين
مواعيد في ظله الدائر ؟
**
على مقلتيك ارتماء عميق
و ذكرى مساء تقول ارجع!
نداء بعيد الصدى كالنجوم
يراها حبيبان في مخدع !
يكاد اشتياقي يهز الحجاب
و تومي ذراعي : هيا معي!!
**
سأمضي ... فلا تحلمي بالإياب
على وقع اقدامي النائية
و لا تتبعيني إذا ما التفت
ورائي إلى الشمعة الخابية
يرنحها في يديك النحيب
فتهتز من خلفك الرابية
**
ستنسين هذا الجبين الحزين
كما انحلت الغيمة الشاردة
و غابت كحلم وراء التلال
بعيداً.. سوى قطرة جامدة
ستنثرها الريح عما قليل
و تشربها التربة الباردة
**
ورب اكتئاب يسيل الغروب
على صمته الشاحب الساهم
وأغنية في سكون الطريق
تلاشت على هدأة العالم
أثارا صدى تهمس الذكريات
إذا ماانتهى همسة الحالم
**
غداً.. حين يبلى وراء الزجاج
كتا عليه اسمي الذابل
و تنفض كفاك عنه الغبار
و يخلو بك المخدع القاحل
سيلقاك و جهي خلال السطور
كما يسطع الكوكب الآفل
**
إذا ما قرأن اللقاء الاخير
تمنيت* في غفلة هاربة *
لو استرجعت قبضتاك السنين
لو استرجعت ليلة ذاهبة!
و لكن شيئاً حواه الجدار
تحدى أمانيك الكاذبة
**
تلفت عن غير قصد هناك
فأبصرت.. بالانتحار الخيال!
حروفا من النار..ماذا تقول ؟
لقد مر ركب السنين الثقال
و قد باح تقويمهن الحزين
بأن اللقاء المرجى..محال!!

 سعد العقيدي
 10:25 PM
 09.06.10
ابن الشهيد


و تراجع الطوفان
لملم كل أذيال المياه
و تكشف قمم التلال
سفوحها و قرى السهول
أكواخها و بيوتها
خرب تناثر في فلاه
عركت نيوب الماء
كل سقوفها و مشى الذبول
فيما يحيط بهن
من شجر فآه
آه على بلدي عراقي :
أثمر الدم في الحقول
حسكا و خلف جرحة التتري
ندبا في ثراه
يا للقبور كأن عاليها سفلا
وغار إلى الظلام
مثل البذور تنام
ظلم الثمار ولا تفيق
يتنفس الأحياء فيها
كل وسوسة الرغام
حتى يموتوا في دجاها
مثلما اختنق الغريق
جثث هنا ودم هناك
وفي بيوت النمل مد من الجفون
سقف يقرمده النجيع وفي الزوايا
صفر العظام من الحنايا
ماذا تخلف في العراق
سوى الكآبه و الجنون
أرأيت أرملة الشهيد
الزوج مد عليه من ترب لحافا ثم نام
متمددا بأشد ما تجد العظام
من فسحة سكنت يداه
على الأضالع والعيون
تغفو إلى أبد الإله
إلى القيامة في سلام
رمت الرداء العسكري
ونشرته على الوصيد
لثمته فانتفض القماش يرد برد الموت
برد المظلمات من القبور
يا فكرها عجبا ثقبت بنارك الأبد البعيد
يا فكر شاعرة يفتش عن قواف للقصيد
ماذا وجدت وراء أمسي
وعبر يومّك من دهور
الثأر يصرخ كل عرق كل باب
في الدار يا لفم تفتّح
كالجحيم من الصخور
من كل ردن في الرداء
من النوافذ و الستور
من عيني ابنك يا شهيد
تسائلان بلا جواب
عنك الأسرة و الدروب
و تسألان عن المصير
مذ ألبسته الأم ثوبك في معاركك الأثير
و يداه في الردنين ضائعتان والصدر الصغير
في صدرك الأبوي عاصفة تغلف بالسحاب
ورنا إلى المرآة
أبصرت فيه شخصك في الثياب
أبني كان أبوك نبعا من لهيب من حديد
سوراً من الدم و الرعود
ورماه بالأجل العميل فخر واها كالشهاب
لكن لمحا منه شع وفض اختام الحدود
و أضاء وجه الفوضوي ينز بالدم و الصديد
و كأن في أفق العروبة منه خيطا من رغاب
و تنفس الغد في اليتيم ومد في عينيه شمسه
فرأى القبور يهب موتاهن فوجا بعد فوج
أكفانها هرئت
و لكن الذي فيها يضم إليه أمسه
ويصيح يا للثار يا للثار
يصدى كل فج
و ترنّ أقبية المساجد
والمآذن بالنداء
و ينام طفلك وهو يحلم
بالمقابر و الدماء

 سعد العقيدي
 10:30 PM
 09.06.10
اتبعيني

أتبعيني
فالضحى رانت به الذكرى
على شط بعيد
حالم الأغوار بالنجم الوحيد
وشراع يتوارى واتبعيني
همسة في الزرقة الوسنى وظل
من جناح يضمحل
في بقايا ناعسات من سكون
في بقايا من سكون
في سكون !
**
هذه الأغوار يغشاها خيال
هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال
تعكس الأمواج في شبه انطفاء
لونه المهجور في الشط الكئيب
في صباح ومساء
وأساطير سكارى ... في دروب
في دروب أطفأ الماضي مداها
وطواها
فاتبعيني .. إتبعيني
**
اتبعيني ... ها هي الشطآن
يعلوها ذهول
ناصل الألوان كالحلم القديم
عادت الذكرى به
ساج كأشباح نجوم
نسي الصبح سناها والأفول
في سهاد ناعس بين جفون
في وجوم الشاطيء الخالي كعينيك انتظار
وظلال تصبغ الريح وليل ونهار
صفحة زرقاء تجلو في برود
وابتسام غامض ظل الزمان
للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد
اتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان
في غد حتى وإن لم تتبعني
يعكس الموج على الشط الحزين
والفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين
**
أمس جاء الموعد الخاوي وراحا
يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا
كنت وحدي .. أرقب الساعة تقتات الصباحا
وهي ترنو مثل عين القاتل القاسي إليا
أمس.. في الأمس الذي لا تذكرينه
ضوى الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
وتناءت في ارتخاء وتوان
غمغمات مجهدات وأغاني
وتلاشت تتبع الضوء الضئيلا
أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا

 سعد العقيدي
 10:50 PM
 09.06.10
أحبيني

وما من عادتي نكران ماضي الذي كانا
ولكن كل ممن أحببت قبلك ما أحبوني
ولا عطفوا علي عشقت سبعا كن أحيانا
ترف شعورهن علي تحملني إلى الصين
سفائن من عطور نهودهن
أغوص في بحر من الأوهام و الوجدِ
فالتقط المحار أظن فيه الدر
ثم تظلني وحدي
جدائل نخلة فرعاء
فابحث بين أكوام المحار
لعل لؤلؤة ستبزغ منه كالنجمه
وإذ تدمى يداي وتترع الأظفار عنها
لا يتر هناك غير الماء
وغير الطين من صدف المحار فتقطر البسمة
على ثغري دموعا من قرار القلب تنبثق
لأن جميع من أحببت قبلك ما أحبوني
وأجلسهن في شرف الخيال وتكشف الحرق
ظلالا عن ملامحهن آه فتلك باعتني بمأفون
لأجل المال ثم صحا فطلقها وخلاها
وتلك لأنها في العمر أكبر أم لأن الحسن أغراها
بأني غير كفء خلفتني كما شرب الندى ورق
وفتح برعم مثلتها وشممت رياها
وأمس رأيتها في موقف للباص تنظر
فباعدت الخطى و نأيت عنها لا أريد القرب منها
هذه الشمطاء
لها الويلات ثم عرفتها أحسبت أن الحسن ينتصر
على زمن تحطم سور بابل منه والعنقاء
رماد منه لا يذكيه بعث فهو يستعر
وتلك كأن في غمازتيها يفتح السحر
عيون الفل واللبلاب عافتني إلى قصر وسيارة
إلى زوج تغير منه حال فهو في الحارة
فقير يقرأ الصحف القديمة عند باب الدار في استحياء
يحدثها عن الأمس الذي ولى فيأكل قلبها الضجر
وتلك وزوجها عبدا مظاهر ليلها سهر
وخمر أو قمار ثم يوصد صبحها الإفاء
عن النهر المكرر للشراع يرف تحت الشمس والأنداء
وتلك وتلك شاعرتي التي كانت لي الدنيا وما فيها
شربت الشعر من أحداقها و نعست في أفياء
تنشرها قصائدها علي فكل ماضيها
وكل شبابها كان انتظار لي على شط يهوم فوقه القمر
وتنعس في حماه الطير رش نعاسها المطر
فنبهها فطارت تملأ الآفاق بالأصداء ناعسة
تؤج النور مرتعشا قوادمها وتخفق في خوافيها
ظلال الليل أين أصيلنا الصيفي في جيكور
وسار بنا يوسوس زورق في مائة البلور
وأقرأ وهي تصغي والربى والنخل والأعناب تحلم في دواليها
تفرقت الدروب بنا نسير لغير ما رجعة
وغيبها ظلام السجن تؤنس ليلها شمعة
فتذكرني وتبكي غير أني لست أبكيها
و آخرهن
آه زوجتي قدري أكان الداء
ليقعدني كأني ميت سكران لولاها
وها أنا كل من أحببت قبلك ما أحبوني
وأنت لعله الإشفاق
آه هاتي الحب رويني
به نامي على صدري أنيميني
على نهديك أواها
من الحرق التي رضعت فؤادي ثمة افترست شراييني
أحبيني
لأني كل من أحببت قبلك لم يحبوني

 ابو محمد ال دميمي
 06:48 PM
 10.06.10
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر ------ أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر

هذا البيت من افضل ماسمعته من شعر السياب
شكرا
ابن العم سعد العكيدي
 خالد العقيدي
 09:32 PM
 10.06.10

سيرة جميلة * جزيت خيرا

و الشاعر سيرته معروفة * و له قصائد جميلة

و تقبل مروري وتحياتي

 سعد العقيدي
 09:50 PM
 10.06.10
أخوي أبو محمد

أشكر مرورك العطر

أخوي خالد

أسعدني مرورك الكريم

تقبلا تحياتي

 سعد العقيدي
 10:01 PM
 10.06.10
احتراق


و حتى حين أصهر جسمك الحجريّ في ناري
و أنزع من يديك الثلج تبقى بين عينينا
صحارى من ثلوج تنهك الساري
كأنك تنظرين إليّ من سدم و أقمار
كأنّا منذ كنّا في انتظار ما تلاقينا
و لكن انتظار الحبّ لقيا أين لقيانا ؟
تمزق جسمك العاري
تمزق تحت سقف الليل نهدك بين أظفاري
تمزق كل شيء من لهيبي غير أستار
تحجّب فيك ما أهواه
كأني أشرب الدم منك ملحا ظلّ عطشانا
من استسقاه أين هواك ؟ أين فؤادك العاري ؟
أسد عليك باب الليل ثم أعانق البابا
فألثم فيه ظلي ذكرياتي بعض أسراري
و أبحث عنك في ناري
فلا ألقاك لا ألقى رمادك في اللظى الواري
سأقدف كل نفسي في لظاها كل ما غابا
و ما حضرا
أريدك فاقتليني كي أحسّك
واقتلي الحجرا
بفيض دم بنار منك و احترقي بلا نار ؟

 سعد العقيدي
 10:02 PM
 10.06.10
أراها غدا


أراها غدا هل أراها غدا
وأنسى النوى أم يحول الردى
فؤادي وهل في ضلوعي فؤاد
لقد كدت أنساه لولا الصدى
كأني به خاذلي ان تمر
على بعد ما بيننا من مدى
مشى العمر ما بيننا فاصلا
فمن لي بأن اسبق الموعدا
ومن لي بطي السنين الطوال
ستمضي دموعي وحبي سدى
أراها فأذكر أني القريب
وأنسى الفتى الشارد المبعدا
أراها فأنفض عنها السنين
كما تنفض الريح برد الندى
فتغدو وعمري أخو عمرها
ويستوقف المولد المولدا
أغض اذا ما بدت ناظري
فهيهات تلعم كم سهدا
ولو أنها نبئت بالغرام
غرامي لقربت المنشدا
وقالت أيعصى ندا الحب
حرمت الهوى ان عصيت الندا
سأنسى الجراحات والامنيات
سوى أن عيني تراها غدا


ارم ذات العماد


من خلل الدخان من سيكاره

من خلل الدخان

من قدح الشاي وقد نشر وهو يلتوي ازاره

ليحجب الزمان والمكان

حدثنا جد أبي فقال يا صغار

مقامرا كنت مع الزمان

نقودي الأسماك لا الفضة والنضار

والورق الشباك والوهار

وكنت ذات ليله

كأنما السماء فيها صدا وقار

أصيد في الرميله

في خورها العميق أسمع المحار

موسوسا كأنما يبوح للحصى وللقفار

بموطن اللؤلؤة الفريده

فأرهف السمع لعلي أسمع الحوار

وكان من ندى الخريف في الدجى بروده

تدب منها رعشة في جسدي فأسحب الدثار

وانفرج الغيم فلاحت نجمة وحيده

ذكرت منها نجمتي البعيده

تنام فوق سطحها وتسمع الجرار

تنضح يا وقع حوافر على الدروب

في عالم النعاس ذاك عنتر يجوب

دجى الصحارى ان حي عبلة المزار

فسرت والسماء وجهتي ولا دليل

أرقب نجمها الوحيد والشعاع

يخفت أو يؤج مانعا ومانحا وكالشراع

ترفع أو تحطه الرياح في الصراع

أسرت ألف خطوة أسرت ألف ميل

لم أدر الا أنني أمالمني السحر

الى جدار قلعة بيضاء من حجر

كأنما الأقمار منذ ألف عام

كانت له الطلاء

كأنما النجوم في المساء

سلن عليه ثم فاض حوله الظلام

وسرت حول سورها الطويل

أعد بالخطى مداه مثل سندباد

يسير حول بيضة الرخ ولا يكاد

يعود حيث ابتدأ

حتى تغيب الشمس غشى نورها سواد

حتى اذا ما رفع الطرف رأى وما رأى

حتى بلغت في الجدار موضع العماد

تقوم فيه كالدجى بوابة رهيبه

غلفها الحديد مد حولها نحيبه

أراه بالعيون لا تحسه المسامع

وقفت عندها أدق

يا صدى أراجع

أنت من المقابر الغريبه

أحس في الصدى

برودة الردى

أشم فيه غفن الزمان والعوالم العجيبه

من ارم وعاد

وحين كل ساعدي

وملني الوقوف في الظلام

كناسك كعابد

يرفضه الاله في معبده يظل لا ينام

ولا يريد الماء والطعام

يصيح كن على الهوى مساعدي

يا رافع السماء يا موزع الغمام

جلست عند بابها كسائل ذليل

جلست أسمع الصدى كأنه العويل

يلهث خلف حائط من حجر ثقيل

كان بين دقة ودقة يمر ألف عام

وما أجاب العدم الخواء

وحين أوشك الصباح يهمس الضياء

نعست نمت واستفقت مر ألف جيل

الشمس والفلاه

والغيم والسماء

وكل ما أراه

هنالك حيث كان سورها المياه

تشع في الخليج

وقال جدنا ولج في النشيج

ولن أراها بعد ان عمري انقضى

وليس يرجع الزمان ما مضى

سوف أراها فيكم فأنتم الأريج

بعد ذبول زهرتي فان رأى ارم

واحدكم فليطرق الباب ولا ينم

ارم

في خاطري من ذكرها ألم

حلم صباي ضاع آه ضاع حين تم

وعمري انقضى

 سعد العقيدي
 11:58 PM
 10.06.10
أساطير


أساطير من حشرجات الزمان
نسيج اليد البالية
رواها ظلام نم الهاوية
وغنى بها ميتان
أساطير كالبيد ماج سراب
عليها وشقت بقايا شهاب
وأبصرت فيها بريق النضار
يلاقي سدى من ظلال الرغيف
وأبصرتني والستار الكثيف
يواريك عني فضاع انتظار
وخابت منى وانتهى عاشقان
**
أساطير مثل المدى القاسيات
تلاوينها من دم البائسين
فكم أومضت في عيون الطغاة
بما حملت من غبار السنين
يقولون : وحي السماء
فلو يسمع الأنبياء
لما قهقهت ظلمة الهاوية
بأسطورة بالية
تجر القرون
بمركبة من لظى في جنون
لظى كالجنون !
**
وهذا الغرام اللجوج
أيريد من لمسة باردة
على اصبع من خيال الثلوج
وأسطورة بائدة
وعرافة أطلقت في الرمال
بقايا سؤال
وعينين تستطلعان الغيوب
وتستشرقان الدروب
فكان ابتهال وكانت صلاة
تغفر وجه الآله
وتحنو عليه انطباق الشفاة
**
تعالي فما زال نجم المساء
يذيب السنا في النهار الغريق
ويغشى سكون الطريق
بلونين من ومضة واطفاء
وهمس الهولء الثقيل
بدفء الشذى واكتئاب الغروب
يذكرني بالرحيل
شراع خلال التحايا يذوب
وكف تلوح يا للعذاب
**
تعالي فما زال لون السحاب
حزينا .. يذكرني بالرحيل
رحيل
تعالي تعالي نذيب الزمان
وساعة في عناق طويل
ونصبح بالأرجوان شراعا وراء المدى
وننسى الغدا
على صدرك الدافئ العاطر
كتهويمة الشاعر
تعالي فملء الفضاء
صدى هامس باللقاء
يوسوس دون انتهاء
**
على مقلتيك انتظار بعيد
وشيء يؤيد
ظلال
يغمغم في جانبيها سؤال
وشوق حزين
يريد اعتصار السراب
وتمزيق أسطورة الأولين
فيا للعذاب
جناحان خلف الحجاب
شراع ..
وغمغمة بالوداع !!


أسمعه يبكي


أسمعه يبكي يناديني
في ليلي المستوحد القارس
يدعو أبي كيف تخلّيني
وحدي بلا حارس
غيلان لم أهجرك عن قصد
الداء يا غيلان أقصاني
إني لأبكي مثلما أنت تبكي في الدجى وحدي
ويستثير الليل أحزاني
فكلما مرّ نهار و جاء
ليل من البرد
ألفيتني أحسب ما ظلّ في جيبي من النقد
أيشتري هذا القليل الشفاء ؟
سأطرق الباب على الموت في دهليز مستشفى
في البرد و الظلماء و الصمت
سأطرق الباب على الموت
في برهة طال انتظاري بها في معبر من دماء
و أرسل الطرفا
فلا أرى إلا الدجى و الخواء
يا ويلتي إن يفتح الباب
فأبصر الأموات من فرجته
يدعونني مالك ترتاب
بالموت ؟في هجعته
ما يعدل الدنيا و ما فيها
دفء نعاس خدر و ارتخاء
أوشك أن أعبر في برزخ من جامدات الدماء
تمتدّ نحوي كفّها كف أمي بين أهليها
لا مال في الموت و لا فيه داء
ثم تسدّ الباب كفّ الطبيب
تجرح في جسمي
و هاتفا باسمي
أسمع صوتا ناعسا قد أجيب
فيهزم الموت على صوتى
وربما استسلمت للموت

 سعد العقيدي
 11:59 PM
 10.06.10
أسير القراصنة


أجنحة في دوحة تخفق
أجنحة أربعة تخفق
و أنت لا حب و لا دار
يسلمك المشرق
إلى مغيب ماتت النار
في ظله و الدرب دوار
أبوابه صامته تغلق
جيكور في عينيك أنوار
خافته تهمس
مات الصبي
لم تبق آثار
من فجره و انفرط المجلس
فالتل لا ساق و لا سامر باق و سمار
و أراهم في سفحة الموحش المهجور حفار
و تحسد الشحاذ إن لاحا
يمشي على عكازه البالي
مشلولة رجلاك مشدودة عيناك بالآل
و ألف درب دونك انداحا
يدعوك أن تقطعه في الدجى
و تقطف الأثمار عن جانبيه
و أنت لا تملك غير الشجى
و دمعة تجري اشتياقا إليه
عامان من نزع بلا موت
و أنت ما كنت سوى صوت
صوت يدوي في قلاع الرياح
يا ليتك المشا في صمت
لا عازف القيثار باسم الجراح
و أنت في سفينة القرصان
عبد أسير دون أصفاد
تقبع في خوف و إخلاد
تصغي إلى صوت الوغى و الطعان
سال الدم
اندقت رقاب و مال
ربانها العملاق
وقام ثان بعده ثم زال
فامتدت الأعناق
لأي قرصان سيأتي سواه
و أي قرصان ستعلو يداه
حينا على الأيدي
و ليأت من بعدي
من بعدي الطوفان
تسمعها تأتيك من بعد
يحملها الأعصار عبر الزمان


أظل من بشر


يا رب لو و جدت على عبدك بالرقاد
لعله ينسى
من عمره الأمسا
لعله يحلم أنه يسير دونما عصا و لا عماد
ويذرع الدروب في السحر
حتى تلوح غابة النخيل
تنوء بالثمر
بالخوخ والرمان والاعناب فيها يعصر الأصيل
رحيقه المشمس أو تألق القمر
يدخلها فيختفي تحت ذوائب الشجر
ويقطف الجنى
علق في رمانة عصاه وانثنى
يأكل أو يجمع الزهر
حتى أذا ما انطلقا
وراح يطوي الطرقا
أحس أو ذكر
بأنه بلا عصا سار وما شعر
يا رب لو جدت على عبدك بالرقاد
لأنه يذكره السهر
بأنه أقل من بشر

 سعد العقيدي
 02:38 PM
 11.06.10
أغنية الراعي


دعي أغنامنا ترعى حيال المورد العذب
و هيا نعتلي الربوة يا فاتنة القلب
فنلقى تحتنا الوديان في ليل من العشب
خيالانا به طيف من الآمال و الحب
خطايا تبعث الذكرى بقلب الورد و الزهر
سيبقى في غد منها صدى ينساب في النهر
وفي الأنداء ما ذابت على وقع خطى الفجر
وفي أغنية الرعيان ما بين الربى الخضر
.........
سئمنا العالم الفاني والناس ومرعانا
لقد سجنوا بأغلال من الأنظار نجوانا
سننشد في أمان من عيون الناس مأوانا
ضعي يدك الجميلة في يدي ولنذهب الآنا
........
ومن أثواب قطعانك يا ريحانة العمر
نحوك شراع زورقنا ونطوي لجة العمر
نغني الموج أغنية الرعاة على الربى الخضر
لقيثار روى أنغامه عن ربه الشعر
.........
نؤم جزيرة منسية في بحرها النائي
طوى الموج بشطيها جناحيه بأعياء
إليها أومأ المجداف لما ضلها الرائي
وأضحى دمعه يرسم أقمارا على الماء
.........
سنبني كوخنا تحت الغصون بجانب النبع
ونملؤه بما شئناه من زهر ومن شمع
وأنغام رواها الوتر السكران بالدمع
وعطر قطفت أزهاره من ذلك الجذع
.........
ستهوي شفتانا فيه نحو القبلة الأولى
فيصغي في صداها خافق ما زال مبتولا
إلى همس المجاديف طواها الليل تقبيلا
إلى نجوى الينابيع بروض بات مطلولا
.........
تعالي نهجر الآثام والناس ودنيانا
لأرض سبقتنا نحوها بالسير روحانا
هناك نرى المنى والحب والأحلام ترعانا
ضعي يدك الجميلة في يدي ولنذهب الآنا


أغنية السلوان


تباعدنا فلا حزن على ما ضاع من قرب
وليس الحب إلا رحلة استلت قوى القلب
وهل يلقي انتهاء السفر الملاح في كرب
إذا ما راح يطوي اليم نحو الشاطيء الخصب
نفضنا قطرات الوصل بين الورد والعشب
إذا ما اهتزت الزهرة ألقت بالندى العذب
وأفردنا وفي الإفراد بعض الخير للصب
تعيش الزهرة الفيناء في المنبسط الرحب
وتقضي وحشة الأيام بالتحديق في السحب
تنام على وسادة الشوك نائة عن الترب
ولا ترمقها عين فتنجو من أذى العطب
وإما زهرتان استوتا جنبا إلى جنب
سرت نجواهما تنسل بين العطر في السهب
فتسمعها الفراشات وراء التل والشعب
فتضرب في الفضاء الرحب نحو المنبت الرطب
إذا ما ركض الطفل وراء فراشة السرب
فلاذت بصدور الزهر بعد الحوم والجوب
فشأن الزهرتين القطف والإذعان للخطب
عناق الحب فاجأه هوي المنجل الغضب
فيا للقبلة المشلولة الأصداء بالرعب
وكنا لوحتي نافذة في هيكل الحب
فلو لم نقترق لم ينقذ النور إلى القلب
وكنا كجناحي طائر في الأفق الرحب
فلولا النشر والتفريق لارتد إلى الترب
ولولا لم نبتعد لم تسم نفسانا عن الذنب
وكنا شفتي هذا القضاء مفرق الصحب
فلو ننفرج لم تضحك الأقدار من كربي

 سعد العقيدي
 02:50 PM
 11.06.10
أغنية بنات الجن


شعورنا بللها المطر
وأشعل القمر
فيها فوانيس ... فيا قوافل الغجر
بشعرنا اهتدى
سيري إلى السحر
سيري إلى الغد
نحن بنات الجن لا ننام
نهيم في الظلام
على ذرى التلال أو نركض في المقابر
نعشق كل عابر
نسمعه أغاني الشباب والغرام
إن نزلت صبية فيها من البشر
وأوحشتها وحدة القبور أو دجنة الحفر
سرت أغانينا إليها تعبر التراب
تقول إن عريت فالثياب
تنسجها عناكب الشجر
وكل خيط من خيوطها يرن كالوتر
نامي إلى أن يؤذن القدر
ويحشر الموتى إلى الحساب
حبيبك الوفي مس ثغره ابتسام
فقد رأى سواك
بل رآك في قوامها الندي كالزهر
وهدبها ومقلتيها أشعل الهيام
في عينه السهر
رآك فيها فاشتهاك ليته انتظر
نلوح للطفل فراشات من الشعاع
تخفق في ذوائب الشجر
ويلمح العاشق في عيوننا الوداع
إذ يصفر القطار أو يصفق الشراع
ونحن للشاعر إن شعر
نلوح في الدخان والعقار
ننشد فلك سندباد ضل في البحر
حتى أتى جزيرة يهمس في شطآنها المحار
يهمس عن مليكة يحبها القمر
فلا يغيب عن سماء دارها النضار
فيهتف الشاعر خذنني إلى حماها
لأنني أهواها
لأنني القمر
وجن وانتحر
شعورنا بللها المطر
ويرشف القمر
منها إلى أن يقبل السحر
نركض في المقابر
نضل كل شاعر
وكل من عبر


أغنية قديمة


-1-
في المقهى المزدحم النائي* في ذات مساء
وعيوني تنظر في تعب
في الأوجه والأيدي والأرجل والخشب
والساعة تهزأ بالصخب
وتدق سمعت ظلال غناء
أشباح غناء
تتنهد في الحاني وتدور كإعصار
بال مصدور
ينتفس في كهف هار
في الظلمة منذ عصور
**
-2-

أغنية حب أصداء
تنأى وتذوب وترتجف
كشراع ناء يجلو صورته الماء
في نصف اللليل .. لدى شاطيء إحدى الجزر
وأنا أصغي.. وفؤادي يعصره الأسف
لم يسقط ظل يد القدر
بين القلبين ؟! لم أنتزع الزمن القاسي
من بين يدي وأنفاسي
يمناك ؟‍ وكيف تركتك تبتعدين كما
تتلاشى الغنوة في سمعي نغما نغما
**
-3-
آه ما أقدم هذا التسجيل الباكي
والصوت قديم
الصوت قديم
ما زال يولول في الحاكي
الصوت هنا باق أما ذات الصوت
القلب الذائب إنشاداً
والوجه الساهم كالأحلام فقد عادا
شبحا في مملكة الموت
لا شيء هنالك في العدم
وأنا أصغي وغداً سأنام عن النغم
أصغيت فمثل إصغائي
لي وجه مغنيه كالزهرة حسناء
يتماوج في نبرات الغنوة كالظل
في نهر تقلقه الأنسام
في آخر ساعات الليل
يصحو وينام
أأثور ؟‍ أأصرخ بالأيام وهل يجدي ؟‍
إنا سنموت
وسننسى في قاع اللحد ؟
حباً يحيا معنا ويموت !
**
-4-
ذرات غبار
تهتز وترقص في سأم
في الجو الجائش بالنغم
ذرات غبار!
الحسناء المعشوقة مثل العشاق
ذرات غبار!
كم جاء على الموتى والصوت هنا
ليل نهار!!
هل ضاقت مثلي بالزمن
تقويماً خط على كفن
ذرات غبار ؟‍!؟

 عبدالعزيز الدميمي
 09:46 AM
 13.06.10
ابداااااااااااااااااااااااااااع
 سعد العقيدي
 04:12 PM
 13.06.10
الغالي عبد العزيز الدميمي

أسعدني المرور المعطر

تقبل تحياتي

 سعد العقيدي
 04:26 PM
 13.06.10
أفياء جيكور

نافورة من ظلال من أزاهير
ومن عصافير
جيكور جيكور يا حفلا من النور
يا جدولا من فراشات نطاردها
في الليل في عالم الأحلام و القمر
ينشرن أجنحة أندى من المطر
في أول الصيف
يا باب الأساطير
يا باب ميلادنا الموصول بالرحم
من أين جئناك من أي المقادير
من أيما ظلم
و أي أزمنة في الليل سرناها
حتى أتيناك أقبلنا من العدم
أم من حياة نسيناها
جيكور مسّي جبيني فهو ملتهب
مسّيه بالسّعف
و السنبل الترف
مديّ على الظلال السمر تنسحب
ليلاً فتخفي هجيري في حناياها
**
ظل من النخل أفياء من الشّجر
أندى من السّحر
في شاطيء نام فيه الماء و السّحب
ظل كأهداب طفل هدّه اللعب
نافورة ماؤها ضوء من القمر
أودّ لو كان في عينيّ ينسرب
حتى أحسّ ارتعاش الحلم ينبع من روحي و ينسكب
نافورة من ظلال من أزاهير
و من عصافير
**
جيكور ماذا ؟ أنمشي نحن في الزمن
أم أنه الماشي و نحن فيه وقوف
أين أوله و أين آخره
هل مر أطوله
أم مرّ أقصره الممتد في الشجن
أم نحن سيان نمشي بين أحراش
كانت حياة سوانا في الدياجير
هل أنّ جيكور كانت قبل جيكور
في خاطر الله في نبع من النور
جيكور مدي غشاء الظلّ و الزهر
سدي به باب أفكاري لأنساها
و أثقلي من غصون النوم بالثمر
بالخوخ و التين و الأعناب عارية من قشرها الخصر
ردي إليّ الذي ضيّعت من عمري
أيّام لهوى و ركضي خلف أفراس
تعدو من القصص الريفي و السّمر
ردي أبا زيد لم يصحب من الناس
خلاّ على السفر إلاّ و ما عاد
ردي السندباد و بقد ألقته في جزر
يرتادها الرخ ريح ذات أمراس
جيكور لمى عظامي و انفضي كفني
من طينه و اغسلي بالجدول الجاري
قلبي الذي كان شباكا على النار
لولاك يا وطني
لولاك يا جنتي الخضراء يا داري
لم تلق أوتاري
ريحا فتنقل آهاتي و أشعاري
لولاك ما كان وجه الله من قدري
**
أفياء جيكور نبع سال في بالي
أبلّ منها صدى روحي
في ظلّها أشتهي اللقيا و أحلم بالأسفار و الرّيح
و البحر تقدح أحداق الكواسج في صخابه العالي
كأنها كسر من أنجم سقطت
كأنها سرج الموتى تقلبها أيدي العرائس من حال
أفياء جيكور أهواها
كأنها انسرحت من قبرها البالي
من قبر أمي التي صارت أضالعها التعبى و عيناها
من أرض جيكور ترعاني و أرعاها


إقبال والليل


وما وجد ثكالي مثل وجدي إذا الدجى
تهاوين كالأمطار بالهم والسهد
أحن إلى دار بعيد مزارها
وزغب جياع يصرخون على بعد
وأشفق من صبح سيأتي وأرتجي
مجيئا يجلو من اليأس والوجد
الليل طار ونهاري حين يقبل بالقصير
الليل طال نباح آلاف الكلاب من الغيوم
ينهل ترفعه الرياح برن في الليل الضرير
وهتاف حراس سهارى يجلسون على الغيوم
الليل وعشاق ينتظرون فيه على سنا النجم الأخير
يا ليل ضمخك العراق
بعبير تربته وهدأة مائه بين النخيل
إني أحسك في الكويت و أنت تثقل بالأغاني والهديل
أغصانك الكسلى ويا ليل طويل
ناحت مطوقة بباب الطاق في قلبي نذكر بالفراق
في أي نجم مطفأ الأنوار يخفق في المجرة
ألقت بي الأقدار كالحجر الثقيل
فوق السرير كأنه التابوت لولا أنه ودم يراق
في غرفة كالقبر
في أحشاء مستشفى حوامل بالأسى
يا ليل أين هو العراق
أين الأحبة أين أطفالي وزوجي و الرفاق
يا أم غيلان الحبيبة صوبي في الليل نظرة
نحو الخليج تصوريني أقطع الظلماء وحدي
لولاك ما رمت الحياة ولا حننت إلى الديار
حببت لي سدف الحياة مسحتها بسنا النهار
لم توصدين الباب دوني بالجواب القفار
وصل المدينة حين أطبقت الدجى ومضى النهار
والباب أغلق فهو يسعى في الظلام بدون قصد
وخوض في الظلماء سمعي تشده
بجيكور آهات تحدرن في المد
بكاء وفلاحون جوعى صغارهم
تصبرهم عذراء تحنو على مهد
يغني أساها خافق النجم بالأسى
وتروي هواها نسمة الليل بالورد
أين الهوى مما ألاقي و الأسى مما ألاقي
يا ليتني طفل يجوع يئن في ليل العراق
أنا ميت ما زال يحتضر الحياة
و يخاف من غده المهدد بالمجاعة والفراق
إقبال مدي لي يديك من الدجى ومن الفلاة
جسي جراحي وامسحيها بالمحبة والحنان
بك ما أفكر لا بنفسي مات حبك في ضحاه
و طوى الزمان بساط عرسك
والصبي في العنفوان


أقداح وأحلام


أنا ما أزال وفي يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب
ما زلت اشربها واشربها
حتى ترنح أفقك الرحب
الشرق عفر بالضباب فما
يبدو فأين سناك يا غرب؟
ما للنجوم غرقن ، من سأم
في ضوئهن وكادت الشهب ؟
أنا ما أزال وفي يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب ؟
******
الحان بالشهوات مصطخب
حتى يكاد بهن ينهار
وكأن مصاحبيه من ضرج
كفان مدهما لي العار
كفان ؟ بل ثغران قد صبغا
بدم تدفق منه تيار
كأسان ملؤهما طلى عصرت
من مهجتين رماهما الحب
أو مخلبان عليهما مزق
حمراء تزعم أنها قلب
******
يا ليل ، أين تطوف بي قدمي ؟
في أي منعطف من الظلم
تلك الطريق أكاد أعرفها
بالأمس عتم طيفها حلمي
هي غمد خنجرك الرهيب وقد
جردته ومسحت عنه دمي
تلك الطريق على جوانبها
تتمزق الخطوات أو تكبو
تتثاءب الأجساد جائعة
فيها كما يتثاءب الذئب
******
حسناء يلهب عريها ظمأي
فأكاد أشرب ذلك العريا
وأكاد أحطمه ، فتحطمني
عينان جائعتان كالدنيا
غرست يد الحمى على فمها
زهرا بلا شجر فلا سقيا
إن فتحته بحرها شفة
ظمأى يعربد فوقها ندب
رقص اللهيب على كمائمه
ومشى الطلاء يهزه الوثب
******
عين يرنح هدبها نفسي
وفم يقطع همسه الداء
ويد على كتفي مجلجلة
واخجلتاه أتلك حواء
لا كنت آدمها ولا لفحت
فردوسي الخمري صحراء!
صوت النعاس يرن في أفقي
فتذوب ناعسة له السحب
وانثال ، من سهري على سهري
ينبوعه المتثائب الرطب
******
يا نوم بين جوانحي أمل
لم أدر ، قبلك أنه أمل
مثل الفراشة بات يحبسها
دوح بذائب طله خضل
لولا خفوق جناحها غفلت
بيض الأزاهر عنه والمقل
أنا من ظلالك بين أودية
عذراء كل مهادها عشب
هام الضباب على رفارفها
طل الوشاح ... كنجمة تخبو
******
ماذا أراه ؟! أطيفها مسحت
عنه التراب أنامل الغسق؟
هو يا فؤادي غيرها ، رفة
هو من دمائك أنت من حرقي
هو ما نحن إليه بادلني
حبي وافتح بالسنا أفقي
فإذا لثمت فغير خادعة
باتت لكل مخادع تصبو
أفكان سورا قام بينهما
بين الخيانه والهوى هدب ؟
******
خفقت ذوائبها على شفتي
وسنى فأسكر عطرها نفسي
نهر من الاطياب ارشفني
ريحا تريب مجابر الغلس
فكان ناديا ضمخته يدا
آذار غرد ليلة العرس
فغفا وما زالت ملاحنة
ملء الفضاء يعيدها الحب
أو أن سوسنة يراقصها
رجع الغناء بشعرها تربو
******
يا جسم طيفك ، انت يا شبحا
من ذكرياتي يا هوى خدعا
لعناتي الحنقيات ما برحت
تعتاد خدرك والظلام معا
خفقت بأجنحة الغراب على
عينيك تنشر حولك الفزعا
الصبح صبحك ضحك شامته
والليل ليلتك مضجع ينبو
وإذا هلكت غدا ، فلا تجدي
قبرا ومزّق صدرك الذئب ؟
******
والبوم يملأ عشه نتفا
من شعرك المتعفر النّخر
ويعود ثغرك للذباب لقي
ويداك مثقلتان بالحجز
لا تدفعان أذاه عن شفة
بالأمس اخرس لغوها وترى
وليسق من دمك الخبث غدا
دوح تعشش فوقه الغرب
تأوي الصلال الى جوانبه
غرثي ويعوي تحته الكلب

 سعد العقيدي
 04:28 PM
 13.06.10
الأسلحة والأطفال


عصافير أم صبية تمرح
عليها سنا من غد يلمح
وأقدامها العارية
محار يصلصل في ساقيه
لأذيالهم رفة الشمأل
سرت عبر حقل من السنبل
وهسهسة الخبز في يوم عيد
وغمغمة الأم باسم الوليد
تناغيه في يومه الأول
كأني أسمع خفق القلوع
وتصخاب بحارة السندباد
رأى كتره الضخم بين الضلوع
فما اختار الاه كترا وعادا
صدى عابر من وراء العصور
من الكهف والغاب والمعبد
سرى دافئا من عروق الصخور
وازميل نحاتها المجهد
يغني بأشواقه العاتية
الينا الى القمة العالية
الى أن يفل الردى بالحياة
وتلقاه أجيالها الآتية
على صخرة حملتها يداه
تحاياه في بسمة في الشفاه
وفي أعين حجرت مقلتاه
عليها دموعها الجارية
صدى رجعته الأكف الصغار
يصفقن في الشارع المشرق
كخفق الفراشات مر النهار
عليها بفانوسه الأزرق
وكم من أب آيب في المساء
الى الدار من سعيه الباكر
وقد زم من ناظريه العناء
وغشاهما بالدم الخاثر
تلقاه في الباب طفل شرود
يكركر بالضحكة الصافية
فتنهل سمحاء ملء الوجود
وتزرع آفاقه الداجية
نجوما وتنسيه عبء القيود
وهم في ليالي الشتاء الطوال
ربيع من الدفء والعافية
تلم العجائز فيه الورود
ويلمحن عهد الصبا ثانية
ويرقصن بين التلال
يرجحن أرجوحة في الخيال
بعذراء في ليلة مقمرة
وفي ظل تفاحة مزهرة
تنام العصافير فيها
وهم في الصباح
خطى خافقات على السلم
وأيد على أوجه النوم
يدغدغنها في مزاح
وأغنية من أغاني الطريق
بلحن سوى لحنها الأول
وشأو من الصوت مستعجل
وهم رفقة الأم اذ تستفيق
واذ تشعل النار في الموقد
كخيط ترى فيه بدء الغد
عصافير أم صبية تمرح
أم الماء من صخرة ينضج
فيخضل عشب وتندى زهور
زهور ونور
وقبرة تصدح
وتفاحة مزهرة
لخفق العصافير فيها
صدى قبلة الأم تلقى بنيها
دعيني فما تلك بالقبرة
دعيني أقل أنه البلبل
وان الذي لاح ليس الصباح
أتلك السفين التي تعول
على مرفا ناوحته الرياح
تلوح منها أكف الجنود
لألف كجولييت فوق الرصيف
وداعا ..وداع الذي لا يعودا
وأم كما استوحشت في الخريف
وراء الدجى دوحة عارية
وفرت عصافيرها الشادية
عصافير أم صبية تمرح
أم الماء من صخرة ينضح
ولكن على جثة دامية
وقبرة تصدح
ولكن على خربة بالية
عصافير بل صبية تمرح
وعمارها في يد الطاغية
وألحانها الحلوة الصافية
تغلغل فيها نداء بعيد
حديد عتيق
رصاص
حديد
وكالظل من باشق في الفضاء
اذا اجتاح كالمدية الماضية
عصافير تشدو على رابية
ترامي الى الصبية الأبرياء
نداء تنشقت فيه الدماء
حديد عتيق
حديد عتيق
رصاص فحتى كأن الهواء
رصاص وحتى كأن الطريق
حديد عتيق
وينفض كالمعول الحافر
صدى راعب من خطى التاجر
له الويل ماذا يؤيد
حديد عتيق
رصاص
حديد
لك الويل من تاجر أشأم
ومن خائض في مسيل الدم
ومن جاهل أن ما يشتريه
لدرء الطوى والردى عن بنيه
قبور يوارون فيها بنيه
حديد عتيق
رصاص
حديد
حديد عتيق لموت جديد
حديد
لمن كل هذا الحديد
لقيد سيلوى على معصم
ونصل على حلمة أو وريد
وقفل على الباب دون العبيد
وناعورة لاغتراف الدم
رصاص
لمن كل هذا الرصاص
لأطفال كوريا البائسين
وعمال مرسيليا الجائعين
وأبناء بغداد والآخرين
اذا ما أرادوا الخلاص
حديد
رصاص
رصاص
حديد
وأصغي الى التاجر
وأصغي الى الصبية الضاحكين
وكالنصل قبل انتباه الطعين
وكالبرق ينفض في خاطري
ستار وكالجرح اذ يترف
أرى الفوهات التي تقصف
تسد المدى واللظى والدماء
وينهل كالغيث ملء الفضاء
رصاص ونار ووجه السماء
عبوس لما اصطك فيه الحديد
حديد ونار حديد ونار
وثم ارتطام وثم انفجار
ورعد قريب ورعد بعيد
وأشلاء قتلى وأنقاض دار
حديد عتيق لغزو جديد
حديد ليندك هذا الجدار
بما خط في جانبيه الصغار
و ما استودعوا من امان كبار
سلام
كان السنا في الحروف
تخطى اليها ظلام الكهوف
بامال انسانها الاول
و ما اختط من صورة في الحجار
تحدى بها الموت فهي انتصار
و توق الى العالم الافضل
حديد
رصاص
حديد عتيق
رصاص ليخلو هذا الطريق
من الضحكة الثرة الصافية
و خفق الخطى والهتاف الطروب
فمن يملأ الدار عند الغروب
بدفء الضحى و اخضلال السهوب
لظى الحقد في مقلة الطاغية
و رمضاء انفاسه الباقية
يطوفان بالدار عند الغروب
و اطلالها البالية
حديد عتيق
نحاس عتيق
و اصداء صفارة للحريق
حديد حديد
و ام تبيع السرير العتيق
تبيع الحديد الذي امس كان
مهادا عليه التقا عاشقان
وشد نداء الحياة العميق
ذراعا باخرى فما تخفقان
فيا حسرتا حين يمسي غدا
شظايا تدوي و بعض المدى
تنحي بها عن ذراع ذراع
و ينهد مهد و يخبو شعاع
امن حيث كان التقاء الشفاه
على الحب ينسجن خيط الحياة
يحوك الردا غزله الاسودا
دما او دخانا يحوك الردى
شباكا من النار حول البيوت
على صبية او صبايا تموت
و يرتد حتى حديد السرير
جناحا عليه المنايا تغير
وحتى الذي في عيون الدمى
من المعدن الزئبقي الحسير
رصاصا ابح الصدى مرزما
حديد عتيق حديد حديد
و اقدامها العارية
محار يصلصل في ساقية
و يعتاد بالي كرعد بعيد
ضجيج الخطى و انهيار الصخور
وخفق الفوانيس في المنجم
وما نض من عاريات الظهور
وما انسح في سعلة من دم
وملء السنا من غبار الحديد
نواقيس فيها يرن السكون
واجراس مركبة من بعيد
يخف لها صبية يلعبون
نواقيس في الفجر واليوم عيد
وفي الماء اضلال جسر جديد
وهمس النواعير والزارعون
وفي كل حقل كنبض الحياة
تهز المحاريث قلب الثرى
وتبني القرى
قرى طينها من رميم الطغاة
وتخضل حتى الصخور الضنينة
ويثمر حتى سراب الفلاة
مدينة فاخرى
فاخرى الى منتهاه
حديد حديد
و اقدامها العارية
وخفق الفوانيس في المنجم
واعماقه الرطبة الداجية
كظل الردى فاغرات الفم
كبئر من الظلمة الطامية
ستمتاح منها الوف القبور
ويهوي من الزعزع العاتية
عمى من دجاها على كل نور
على النور من باب كوخ مضاء
ومن كوة في خيام الرعاء
ومن شرفة ظلها الياسمين
دعيني اقل انة البلبل
وان الذي لاح ليس الصباح
على النور من موقد السامرين
ومن مدرج بالسنا يغسل
على كل نور تذر الرياح
ظلال الطواغيت في المنجم
كناعورة لاغتراف الدم
تذر الرياح الرياح الرياح
أراجيح في الملعب المظلم
وخفق الفوانيس والأنجم
وخفق الخطى والأكف الصغار
وخفق الفراشات مر النهار
عليها بفانوسه المعتم
فمن يملأ الدار عند الغروب
بدفء الضحى واخضلال السهوب
رصاص حديد رصاص حديد
وآهات ثكلى وطفل شريد
ومن يفهم الأرض أن الصغار
يضيقون بالحفرة الباردة
اذا استترلوها وشط المزار
فمن يتبع الغيمة الشاردة
ويلهو بلقط المحار
ويعدو على ضفة الجدول
ويسطو على العش والبلبل
ومن يتهجى طوال النهار
ومن يلثع الراء في المكتب
ومن يرتمي فوق صدر الأب
اذا عاد من كده المتعب
ومن يؤنس الأم في كل دار
أسى موجع أن يموت الصغار
أسى ذقت منه الدموع الدموع
أجاجا ومثل اللظى في الفم
وأحسست فيه اشتعال الدم
بعيني من نازفات الضلوع
عويل من القرية النائية
وشيخ ينادي فتاه الغريق
بهذا الطريق وذاك الطريق
ويسعى الى الضفة الخالية
يسائل عنه المياه
ويصرخ بالنهر يدعو فتاة
ومصباحه الشاحب
يغني سدى زيته الناضب
محال تراه
ويحتو على الصفحة القاتمة
يحدق في لهفة عارمة
فما صادفت مقلتاه
سوى وجهه المكفهر الحزين
ترجرجه رعشة في المياه
تغمغم لا لن تراه
حديد عتيق ورعب جديد
حديد رصاص
لأن الطغاة
يريدون ألا تتم الحياة
مداها وألا يحس العبيد
بأن الرغيف الذي يأكلون
أمر من العلقم
وأن الشراب الذي يشربون
أجاج بطعم الدم
وأن الحياة الحياة انعتاق
وأن ينكروا ما تراه العيون
فلا بيدر في سهول العراق
ولا صبية في الضحى يلعبون
ولا همس طاحونة من بعيد
ولا يطرق الباب ساعي البريد
بشرى ولا مترل
يضيء الدجى منه نور وحيد
سخي كما استضحك الجدول
ولا هدهدات ولا جلجل
يرن بساق الوليد
وبين الربى في رقاب الجداء
ولا وسوس الشاي فوق الصلاء
ولا قصة في ليالي الشتاء
لأن الطواغيت لا يسمعون
صداح العصافير في المغرب
كما صلصل الفضة القامرون
ولا زفة السنبل المذهب
لأن الطواغيت لا يحلمون
بغير المبيعات والأسهم
ان الطواغيت لا يسمعون
سوى رة الفلس والدرهم
لأن الطواغيت لا يبصرون
على الشاطىء الأسيوي البعيد
سوى أن سوقا يباع الحديد
وتستهلك الريح والنار فيها
تدر العطايا على فاتحيها
بأقدام أطفالنا العارية
يمينا وبالخبز والعافية
اذا لم نعفر جباه الطغاة
على هذه الأرجل الحافية
وأن لم نذوب رصاص الغزاة
حروفا هي الأنجم الهادية
فمنهن في كل دار كتاب
ينادي قفي واصدأي يا حراب
وأن لم نضو القرى الداجية
ولم نخرس الفوهات الغضاب
ونجل المغيرين عن آسيا
فلا ذكرتنا بغير السباب
أو اللعن أجيالنا الآتية
سلام على العالم الأرحب
على الحقل والدار والمكتب
على معمل للدمى والنسيج
على العش والطائر الأزغب
على التوت وسنان فيه الأريج
ووقح المجاديف في المغرب
على زهرة في وساد العروس
على صبية في انتظار الأب
على شاعر تستحم الشموس
بعينيه يصغي الى جندب
سلام على العالم الأرحب
سلام على الكنج فاض النعيم
ورنت أغاريد في ضفتيه
قرى من سنا عاصرات علية
عناقيد من ضوئهن العظيم
سلام على الصين والحاصدين
وصياد أسماكها الأسمر
وما أنبتت من دم الثائرين
وما افتر في البيرق الأحمر
على صبية في قراها البعاد
وفي ظل تفاحها المزهر
وما جررت في ليالي الحصاد
ثيان العذراى على البيدر
سلام لأن الربيع
يمر بودياننا كل عام
وما زال قوس الغمام
ولولا الذي كدسوا من نضار
به يستضيئون دون النهار
تجوع الملايين عن جانبيه
وينحط في كل يوم عليه
دم من عروق الورى أو نثار
كذر الغبار
لما هزت الأمهات المهود
على هوة من ظلام اللحود
ولم تذرف الدمع عبر البحار
وعبر الصحارى نساء الجنود
ولم يرفع الزراع الأشيب
الى مقلتيه اليد الراجفة
يحدق في عتمة العاصفة
ويصغي وفي روعه القاصفة
ولم يبك صرعى بنيه الأب
جزوعا بأن يثكل الآخرين
ولا شردت نومة العاشقين
كوابيس من أعين الهالكين
وارنان صفارة تنعب
وغى فاستفاقوا ولا كوكب
ولا لمعة من سراج تبين
سوى قعقعات السلاح
وعصف الرياح
ولا ساءل الأم طفل غرير
ألا بلدة ليس فيها سماء
فلا قاذفات المنايا تغير
ولا من شظايا تسد الفضاء
ولا اختض في الصرصر اللاجئون
ولألاء يافا تراه العيون
وقد حال من دونه الغاصبون
بما أشرعوا من عطاش الحراب
وما استأجروا من شهود كذاب
وما صفحوا بالردى من حصون
سلام على العالم الأرحب
على مشرق منه أو مغرب
سلام لآفون لروي عروق
شكسبير والزهر والدالية
أفق شاعر النور أن الشروق
تهدده غيمة داجية
سعى مكبث تحتها في احتراس
لقتل النعاس
لقتل النعاس البريء
سلام لباريس روبسبيي
والوار والغابة الحالمة
وعشاقها في المساء الأخير
تذريهم قوة ظالمة
كدوامة من رياح السعير
على تونس من لظاها ظلال
وحول الرباط المدمى هدير
وفي جيرة الصين حل انخذال
بقطعانها الفظة الضارية
لك المجد يا أسية
سلام لفينيس والكرنفال
وأضوائه الثرة الزاهيه
وهمس المحبين بين الظلال
وفي دفء قمرائه الضاحية
عصافير أم صبية تمرح
أم الماء من صخرة ينضح
وأقدامها العارية
مصابيح ملء الدجى تلمح
هتكنا بها مكمن الطاغية
وظلماء أو جاره البالية
علينا لها أنها الباقية
وأن الدواليب في كل عيد
سترقى بها الريح جذلى تدور
ونرقى بها من ظلام العصور
الى عالم كل ما فيه نور
رصاص رصاص رصاص حديد
حديد عتيق
لكون جديد

 صاحبة السمو
 03:17 AM
 14.06.10
انا دايم اسمع بالسياب بس بحياتي
ماشفته مشكور اخوي العزيز سعد العكيدي على عرض سيرة حياة
الشاعر : بدر شاكر السياب

ومشكور على جهودك العظيمه بالمنتدى
يعطيك العافيه
في امان الله

 سعد العقيدي
 07:35 PM
 14.06.10
الأم و الطفلة الضائعة

قفي لا تغربي ياشمس ما يأتي مع الليل
سوى الموتى فمن ذا يرجع الغائب للأهل
إذا ما سدّت الظلماء
دروبا أثمرت بالبيت بعد تطاول المحل ؟
و إن الليل ترجف أكبد الأطفال من أشباحه السوداء
من الشهب اللوامح فيه مما لاذ بالظلّ
من الهمسات والأصداء
شعاعك مثل خيط للابرنث يشدّه الحب
إلى قلب ابنتي من بات داري من جراحاتي
و آهاتي
مضى أزل من الأعوام آلاف من الأقمار والقلب
يعد خوافق الأنسام يحسب أنجم الليل
يعد حقائب الأطفال يبكي كلما عادوا
من الكتاب والحقل
ويا مصباح قلبي يا عزائي في الملمات
منى روحي ابنتي عودي إليّ فها هو الزاد
وهذا الماء جوعي ؟ هاك من لحمي
طعاما آه عطشى أنت يا أمي
فعبّي من دمي ماء وعودي كلهم عادوا
كأنك برسفون تخطّفتها قبضة الوحش
وكانت أمها الولهى أقل ضنى و أوهاما
من الأم التي لم تدر أين مضيت
في نعش
على جبل ؟ بكيت ؟ ضحكت ؟ هبّ الوحش أم ناما
وحين تموت نار الليل حين يعسعس الوسن
على الأجفان حين يفتش القصّاص في النار
ليلمح من سفينة سندباد ذوائب الصاري
ويخفت صوته لوهن
يجن دمي إليك يحن يعصرني أسى ضار
مضت عشر من السنوات عشرة أدهر سود
مضى أزل من السنوات منذ وقفت في الباب
أنادي لا يرد علي إلا الريح في الغاب
تمزق صيحتي و تعيدها و الدرب مسدود
بما تنفس الظلماء من سمر و أعناب
و أنت كما يذوب النور في دوّامة الليل
كأنك قطرة الطلّ
تشرّبها التراب أكاد من فرق و أوصاب
أسائل كل ما في الليل من شبح ومن ظل
أسائل كل ما مر طفل
أأبصرت ابنتي ؟ أرأيتها ؟ أسمعت ممشاها ؟
وحين أسير في الزحمة
أصغّر كل وجه في خيالي كان جفناها
كغمغمة الشروق على الجداول تشرب الظلمة
وكان جبينها وأراك في أبد من الناس
موزّعة فآه لو أراك وأنت ملتمة
وأنت الآن في سحر الشباب عصيره القاسي
يغلغل في عروقك ينهش النهدين والثغرا
وينشر حولك العطرا
فيحلم قلبك المسكين بين النور والعتمة
بشيء لو تجسد كان فيه الموت والنشوة
وأذكر أن هذا العالم المنكود تملأ كأسه الشقوة
وفيه الجوع والآلام فيه الفقر والداء
أأنت فقيرة تتضرع الأجيال في عينيك فهي فم
يريد الزاد يبحث عنه والطرقات ظلماء
أحدّق في وجوه السائلات أحالها السقم
ولوّنها الطوى فأراك فيها أبصر الأيدي تمدّ
أحسّ أن يدي معهن تعرض زرقة البرد
على الأبصار وهي كأنهمن أدارها صنم
تجّمد في مدى عينيه أدعية وسال دم
فأصرخ في سبيل الله تخنق صوتي الدمعة
بخيط الملح والماء
وأنت على فمي لوعة
وفي قلبي وضوء شع ثم خبا بلا رجعة
وخلّفني أفتش عنه بين دجى وأصداء



الباب تقرعه الرياح

الباب ما قرعته غير الريح في الليل العميق
الباب ما قرعته كفك
أين كفك والطريق
ناء بحار بيننا مدن صحارى من ظلام
الريح تحمل لي صدى القبلات منها كالحريق
من نخلة يعدو إلى أخرى ويزهو في الغمام
الباب ما قرعته غير الريح
آه لعل روحا في الرياح
هامت تمر على المرافيء أو محطات القطار
لتسائل الغرباء عني عن غريب أمس راح
يمشي على قدمين وهو اليوم يزحف في انكسار
هي روح أمي هزها الحب العميق
حب الأمومة فهي تبكي
آه يا ولدي البعيد عن الديار
ويلاه كيف تعود وحدك لا دليل ولا رفيق
أماه ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار
لا باب فيه لكي أدق ولا نوافذ في الجدار
كيف انطلقت على طريق لا يعود السائرون
من ظلمة صفراء فيه كأنها غسق البحار
كيف انطلقت بلا وداع فالصغار يولولون
يتراكضون على الطريق ويفزعون فيرجعون
ويسائلون الليل عنك وهم لعودك في انتظار
الباب تقرعه الرياح لعل روحا منك زار
هذا الغريب هو ابنك السهران يحرقه الحنين
أماه ليتك ترجعين
شبحا وكيف أخاف منه وما امحت رغم السنين
قسمات وجهك من خيالي
أين أنت أتسمعين
صرخات قلبي وهو يذبحه الحنين إلى العراق
الباب تقرعه الرياح تهب من أبد الفراق
من ليالي السهاد
............
ليلة في لندن
كما ينسل نور خائف من فرجة الباب
إلى الظلماء في غرفة
سمعت هتافه المجروح يعبر نحوي الشرفة
ليرفع من سماوة لندن الليل المطل بلونه الكابي
على الطرقات ترقد في دثار الثلج ملتفة
وأمس سمعت في إيران صوت الديك في الفجر
ومن أفق المنائر في الكويت وزرقه البحر
أهاب فرش جفني بالنعاس (رنين أكواب
بماء البصرة الرقراق تملأ ثم تسقيني)
نداء راح ينثره المؤذن أطفيء الفانوس رف ضياؤه رفة
وبعثره الظلام
وليلي الأواه في بيروت يحييني
لأبصر فيه وجه الموت راح يذيبه نبع من اللهفة
تدفق من فؤاد البلبل المسكوب بين غصون لبلاب
ليال من عذاب من سنام لست أنساها
غريبا كنت حتى حين أحلم لست في جيكور
ولا بغداد أمشي في صحارى قلبي المسعور
يريد الماء فيها ماء أين الماء وهي تريه أفواها
على آفاقها الربداء ظمأى تشرب الديجور
فلا تروى أأقصي العمر في صحراء في ليل من العطش
أفتش عن عيون الماء عن إشراقه الغبش
كأعمى نال منه السكر صاح
ورفرفت كفاه بين مساند الماخور
ليبحث عن رفيق أين جاري أين داري أين أواها
أميرتي التي كانت تناولني كؤوس النور
فيبصر قلبي الدنيا و يلقاها
كأن الصبح أشرق في العراق وتعبر الرؤيا
بحارا بي و تطوي ألف درب في الدجى تاها
تراجع عالم وأطل ثان عالم يحيا
على الأقمار تولد ثم تكمل ثم تندثر
وما لبس الجديد بغير يوم العيد يدخر
ويجمع ثم ينفق ثم يضحك وهو يفتخر
بأن الله يرزق حين يرزق هكذا الدنيا
شتاء ثم صيف ليس في جيكور محتكر
ولا فيها مصارف أو جرائد ليل كوريا
يرى شفقا من النيران
فالنيران فيها حين تستعر
تضيء لحى الشيوخ يحدثون وأعين النسوة
تحدق في الطعام وترقب الأطفال في نشوة
أعدني يا إله الشرق والصحراء والنخل
إلى أيامي الحلوة
إلى داري إلى غيلان ألثمه إلى أهلي



الشاعر الرجيم

حملت للنزال سيفك الصديء
يهتز في يد تكاد تحرق السماء
من دمها المتقد المضيء
تريد أن تمزق الهواء
وتجمع النساء
في امرأة شفاهها دم على جليد
وجسمها المخاتل البليد
أفعى إذا مشت وسادة على الفراش
لا تريد
أن تفتح الكوى ليدخل الضيّاء
كي لا تحسّ أنها خواء
ويرفع الشّرق أمام عينيك الستور
توشك أن تعانق الجمال عند سدّة الإله
تكاد أن تراه
يهفّ وسط غيمة من عبق ونور
تراه في حلمة نهد توقد النجوم
بحمرة لها
أريته يقوم؟
من قبره تحمله سحابة الدّخان
ينام تحت ظلّها الفقير والشريد
فهو أمير حوله الكؤوس والقيان
وبيته العتيد
جزيرة من جزر المرجان
كأن بحرا غاسلا لسبوس بالأجاج
تشربه روحك من صدى إلى القرار
كأن سافو أورثتك من العروق نار
وأنت لا تضم غير حلمك الأبيد
كمن يضم طيفه المطلّ من زجاج
حرقة نرسيس وتنتلوس والثمار
كأن أفريقية الفاترة الكسول
(أنهارها العراض والطبول
وغابها الثقيل بالظلال والمطر
وقيظها الندى والقمر)
تكورت في امرأة خليعة العذار
رضعت منها السمّ واللهيب
قطرت فيها سمّك الغريب
كأنّها سحابة الدخان والخدر
أقمت منها بين عالم تشده نوابض النضار
وبين عالم من الخيال والفكر
من نشوة جدار
تقبع خلف ظله فلا ينالك البشر
دخلت من كتابك الأثيم
حديقة الدم التي تؤج بالزّهر
شربت من حروفه سلافة الجحيم
كأنّها أثداء ذئبة على القفار
حليبها سعار
وفيئها نعيم
غرقت فيه صكّني العباب
يقذفني من شاطيء لشاطيء قديم
حملت من قراره محارة العذاب
حملتها إليك
فمدّ لي يديك
وزحزح الصخور والتراب


الشاهدة

يا قارئا كتابي
ابك على شبابي
شاهدة بين القبور تبكي
تستوقف العابر يا صحابي
غضوا الخطى و لتصمتوا إن القرون تحكي
في جملة خطت على التراب
من نام في القبر ودود القبر
يسأل لا ينطق بالجواب
سيان عنده ائتلاق الفجر
و ظلمة الليل بلا ثياب
بلا طعام لا هوى لا حقد
أفقر أهل الفقر
فيه و أغنى الأغنياء تعدو
في قبره الجرذان و هو غاف
نام من الديدان في لحاف
**
لي نومة مع التراب في غد
صباحها أول ليل الأبد
يمر بي الشيوخ و الشبان
يثرثرون يدها فوق يدي
و عينها وينفث الدخان
رب فتى مورّد
يقرأ من شعري على الصحاب
يقرأ في كتابي
قصيدة خضراء عن جيكور
غافية تحت غصون النور
تحلم بالسحاب
مرّ على قبري فقال قبر
و أين من هذا الرميم الشعر
يدفق بالعواطف
كهبّة العواصف القواصف
مر على قبري فكاد الصّخر
يصرخ تحتي نام هذا الشاعر
صاحب هذه القوافي يسمع
ما قلتموه فالعيون تدمع
في عالم لا يرجع المسافر
منه و لا للنوم فيه آخر
رفقا به دعوه في رقدته
تؤنسه الديدان في وحدته
كان له قلب وكان أمس
حتى إذا استنزف من مدته
توسد الترابا
لا تقرأوا الكتابا
ثمّ تغيب الشمس

 سعد العقيدي
 07:41 PM
 14.06.10
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صاحبة السمو:
انا دايم اسمع بالسياب بس بحياتي
ماشفته مشكور اخوي العزيز سعد العكيدي على عرض سيرة حياة
الشاعر : بدر شاكر السياب

ومشكور على جهودك العظيمه بالمنتدى
يعطيك العافيه
في امان الله
أختي العزيزة

يسعدني التعريف بهذا الشاعر

الكبير لأعضاء منتدانا


أشكر مرورك العطر

تقبلي تحياتي

 سعد العقيدي
 12:11 AM
 15.06.10
العش المهجور


بمنحى من مراقبة العيون
و منأى عن متابعة الظنون
و في ظل النخيل حطام عش
تلفع بالأزاهر و الغصون
ترحل طائراه فبارت خلوا
عميق الحزن متصل السكون
يكاد نسيجه عشبا وزهرا
يبوح بما يسر من الأنين
يحن إلى الجداول والروابي
وضاكة السهول والحزون
لقد ذهب الذي سلاه عنها
فعاد إلى التشوق والحنين
كأن العش حين خلا وأقوى
ومتا به صدى النغم الحنون
غدير جف غاربه وماتت
أغاني موجه المرح المعين
كأن قشاشة أوتار عود
مكفنة بها جثث اللحون
و أبدل من ظعين قد تولى
بما لم يسله حب الظعين
إذا متع النهار أوت إليه
ظلال النخل ناعسة الجفون
ويطرقه شعاع النجم وهنا
وضوء البدر حينا بعد حين
طروق الذكريات فؤاد صب
كثير الشجو منقطع الوتين
تمر به النسائم هامسات
فتنشر فيه عطر الياسمين
و توقظ في جوانبه الأغاني
عذاب الجرس فاتنة الرنين
وكم غمرته أنفاس الخزامى
قد امتزجت بدمع ندي هتون
وربة وحشة تأوي إليه
إذا أوت الطيور إلى الوكون
ليشبهني مثل حالي
وشأن في الغرام حكى شؤون
فقلبي لا يزال قرين شجو
متى هفت القلوب إلى قرين
إذا الأحلام زرن عيون غيري
تزور العبرة الحرى عيوني
يكاد العش إن هتفت صدوح
يبادلها غناء شج حزين
وليل نام سامره اكتئابا
أثار له الخفي من الشجون
و أذكره ليالي ذاهبات
فغص من الكآبة بالدجون


العودة لجيكور

على جواد الحلم الأشهب
أسريت عبر التلال
أهرب منها من ذراها الطوال
من سوقها المكتظ بالبائعين
من صبحها المتعب
من ليلها النابح و العابرين
من نورها الغيهب
من ربها المغسول بالخمر
من عارها المخبوء بالزهر
من موتها الساري على النهر
يمشي على أمواجه الغافية
أواه لو يستيقظ الماء فيه
لو كانت العذراء من وارديه
لو أن شمس المغرب الداميه
تبتل في شطيه أو تشرق
لو أن أغصان الدجى تورق
أو يوصد الماخور عن داخليه
-2-
على جواد الحلم الأشهب
و تحت شمس المشرق الأخضر
في صيف جيكور السخي الثرى
أسريت أطوي دربي النائي
بين الندى و الزهر و الماء
أبحث في الآفاق عن كوكب
عن مولد للروح تحت السماء
عن منبع يروي لهيب الظماء
عن منزل للسائح المتعب
-3-
جيكو جيكور أين الخبز و الماء
الليل وافى و قد نام الأدلاّء
و الركب سهران من جوع و من عطش
و الريح صر و كل الأفق أصداء
بيداء ما في مداها ما يبين به
درب لنا و سماء الليل عمياء
جيكور مدّي لنا بابا فندخله
أو سامرينا بنجم فيه أضواء
-4-
من الذي يسمع أشعاري
فان صمت الموت في داري
و الليل في ناري
من الذي يحمل عبء الصليب
في ذلك الليل الطويل الرهيب
من الذي يبكي و من يستجيب
للجائع العاري
من ينزل المصلوب عن لوحه
من يطرد العقبان عن جرحه
من يرفع الظلماء عن صبحه
و يبدل الأشواك بالغار
أواه يا جيكور لو تسمعين
أواه يا جيكور لو توجدين
لو تنجبين الروح لو تجهضين
كي يبصر الساري
نجما يضيء الليل للتائهين
-5-
نزع و لا موت
نطق و لا صوت
طلق و لا ميلاد
من يصلب الشاعر في بغداد
من يشتري كفيه أو مقلتيه
من يجعل الأكليل شوكا عليه
جيكور يا جيكور
شدّت خيوط النور
أرجوحة الصبح
فألمي للطيور
و النمل من جرحي
هذا طعامي أيها الجائعون
هذي دموعي أيها البائسون
هذا دعائي أيها العابدون
أن يقذف البركان نيرانه
أن يرسل الفرات طوفانه
كي نشرق الظلمة
كي نعرف الرحمة
جيكور يا جيكور
شدت خيوط النور
أرجوحة الصبح
فألمي للطيور
و النمل من جرحي
-6-
هذا حرائي حاكت العنكبوت
خيطا إلى بابه
يهدي إلي الناس إني أموت
و النور في غابه
يلقي دنانير الزمان البخيل
من شرفات في سعفات النخيل
جيكور يا جيكور خلّ و ماء
ينساب من قلبي
من جرحي الواري
من كل أغواري
أواه يا شعبي
جيكور يا جيكور هل تسمعين
فلتفتح الأبواب للفاتحين
و لتجمعي أطفالك اللاعبين
في ساحة القرية هذا العشاء
هذا حصاد السنين
الماء خمر و الخوابي غذاء
هذا ربيع الوباء
-7-
أقوى من الأسوار هذا الجواد
أقوى جواد الحلم الأشهب
لأن الحديد المغتذي بالحداد
و انخذل الموكب
جيكور ماضيك عاد
................................
هذا صياح الديك ذاب الرقاد
و عدت من معراجي الأكبر
الشمس أم السنبل الأخضر
خلف المباني رغيف
لكنها في الرصيف
أغلى من الجوهر
و الحبّ هل تسمعين
هذا الهتاف العنيف
مذا علينا إن عبد اللطيف
يدري بأنّا ما الذي تحذرين
و انخطفت روحي وصاح القطار
ورقرقت في مقلتيّ الدموع
سحابة تحملني ثم سار
يا شمس أيامي أما من رجوع
...........................
جيكور نامي في ظلام السنين

 سعد العقيدي
 06:08 PM
 15.06.10
الغيمة الغريبة

المومس الأجيرة الحقيرة
أكثر من حبيبتي سخاءا
أتيتها مساءا
معانقا أعانق الهواءا
هبّ من القطب على الظهيرة
مقبلا عيونها الخواءا
كأنني كيشوت في الأصيل
يركض خلف ظله الطويل
و يطعن السنابل الكسيرة
يظنها الأعداء
ضممت منها جثة بيضاءا
تكفنت من داخل و قبرها
في جوفها تناءى
حملت منها صخرة صماءا
تشدني إلى الثرى
أرفعها لتلثم الجوزاءا
الحب أن تبذل أن تنال ما تريد
كالنبع إذ يدفق لا كالبئر
كالنار تطوي نحوك السماءا
لا شرر الزناد
أستزيد
فألتقى دمعي كغيمة تعيد نفسها للبحر
أتعلم السحابة المرعدة المبرقة المجلجلة
بأن ماءها سيستحيل غيمة إليها مقبلة
تبذله في الفجر
و تلتقي به قبيل العصر
أريد أن أضمّ أن أقّبل
الدم الذي ينبض في الشفاه
كأنما القلب الذي يقّبل
الجسد الموات لا يحس شهقة الأله
تغور كالمدية حين تقتل
فتعبث الحياة القتيل
أريد أن أحرق كالحريق من أخيل :
في القلب و اليدين والكعبين
و يأكل النار لظى في عيني
لو كان ما تحسه الحبيبة
الألم الدوار لا الخواءا
ماكنت مثل غيمة غريبة
ترعد حتى تشعل الهواءا
رعدا
و تأبى الأرض أن تجيبه


القصيدة و العنقاء

جنازتي في الغرفة الجديدة
تهتف بي أن اكتب القصيدة
فأكتب
ما في دمي و أشطب
حتى تلين الفكرة العنيدة
و غرفتي الجديدة
واسعة أوسع لي من قبري
إذا اعتراني تعب
من يقظة فالنوم منها أعذب
ينبع حتى من عيون الصّخر
حتى من المدفأة الوحيدة
تقوم في الزاوية البعيدة
**
و ترفع الجنازة اليابسة المهدّمه
من رأسها ترنو إلى الجدران
و السقف والمرآة و القناني
ما للزوايا مظلمة
كأنهنّ الأرض للأنسان
تريد أن تحطّمه
بالمال و الخمور والغواني
والكذب في القلب وفي اللسان
تريد أن تعيده
للغاية البليدة
وصفحة المرآة مالها تطلّ خاوية
ما أثمرت بغانية
بالشفة المرجان
تنيرها كالشفق العينان
وبالنهود العرية
كهذه المرآة
ستصبح الأرض بلا حياة
وفي الليالي الداجية
في ذلك السكون فيه
إلا الرياح العاوية
سيفرغ الله من الأموات
ويسحب الموت ويغفو فيه
مثل دثار الليالي الشاتية
**
وهكذا الشاعر حين يكتب القصيدة
فلا يراها بالخلود تنبض
سيهدم الذي بنى يقوّض
أحجارها ثم يملّ الصمت السكون
وحين تأتي فكرة جديدة
يسحبها مثلّ دثار يحجب العيونا
فلا ترى إن شاء أن يكونا
فليهدم الماضي فالأشياء ليس تنهض
إلا على رمادها المحترق
منتثرا في الأفق
وتولد القصيدة


القن والمجرة

ولولا زوجتي ومزاجها الفوار لم تنهد أعصابي
ولم ترتد مثل الخيط رجلي دونما قوة
ولم ترتج فهو يسحبني إلى هوة
ولا فارقت أحبابي
ولا خلفت اودسيوس يضرب في حبي الغاب
وتقذفه البحار إلى سواها دونما مرسى
هناك تركته وطويت عنه كتابي المهجور
سأكمل سفرتي معه ستحملني إلى جيكور
ولن أنسى
بأن وراء رغو البحر قلبا هده القلق
وعينا كلما زرع الغروب حدائق الديجور
بأنجمها الصبايا شد من حملاقها الشفق
على الأفق البعيد لعل خفقا من شراع أو سنا مصباح
على اللجج الضواري لاح
فأه لو كبنلوب الحزينة زوجتي تترقب الأنسام
لعل جناح طيارة
كمحراث من الفولاذ شقق بينها الأثلام
ليزره ثم أزهاره
ألا تبا لحب هذه الآلام من عقباه
كأن شفاهنا حين التقت رسمت من القبل
سريرا نمت فيه أنث منه الآه بعد الآه
و عكازا عليه مشيت ثم هويت من ثقل
كأن حجارة السور الذي ما بيننا قاما
لها من هذه القبلات طين شدها شدا
أدهرا كان أم سبعا من النكبات أعواما
ولكن ما عليها من جناح كنت معتدا
بذهني أو شبابي سوف أصهرا
أغيرها كطين في يد الفنان
وقد غيرت لكن الذي غيرت ماذا كان
فؤادا ضيقا كاللحد كيف أوسع اللحدا
ونفسا حدها بين السرير وبين قائمة الحساب
كأنها قن من الأقنان
مداه يمد بين البيت والحقل
حبالا قيدت قدميه وهو يردد الألحان
ولم يك يفهم الكلمات ليس لقطرة الطل
مكان إذ يجوع البطن يا لتلهف الظمآن
أترويه المجرة وهي بحر هكذا زعموا على الشطآن
منه تناثرت كسر الكواكب فهي كالرمل
هنالك والمحار أكل هذا يشبع الجوعان
و لكني أحن فهل أعود غدا إلى أهلي
نعم سأعود
أرجع لا إليها بل إلى غيلان


اللعنات
(1)
الى النار
لا ترجفي يا بنان القارىء الأنا
لا انشق باب ولا صافحت شياطانا
لا ترجفي وانشري سفرا صحائفه
درب الى النار لولا هن ما كانا
أفضى الى عالم ناء الى ظلم
كانت حياة على الدنيا وأزمانا
حاك الخيال المدمى بعضها قصصا
والواقع المر انباء وألحانا
عذراء ما وطئت رجل مدراجها
كالبحر قاعا وغيب الله شطآنا
واد من النار داج لا ألم به
شيخ المعرة يستوحيه غفرانا
ولا تخطى بدانتي بابه بصر
خاض الجحيم دما يغلي ونيرانا
وادي حزانا ومظلومين تملؤه
أطياف أحيائنا الغضبى وموتانا
ضجوا لدى الله بالشكوى فرق لها
قلبا وهز النجوم الزهر غضبانا
وانثال كالغيث لو أن لظى
صوت سرى زعزعا وانشق بركانا
ويل الطغاة السكارى من عقاب غد
ان زلزل الكوكب المنكود ايذانا
فزمزم الحشد والنكباء تنشره
حينا وتطويه كف الله أحيانا
رباه لو أن في طول انتظار غد
جدوى لما أسمعتك الريح شكوانا
ما كان حتما علينا أن يعذبنا
طاغ وان يشهد الرحمن بلوانا
النار أشهى فهات النار تصهرنا
يوم الحساب ومتعنا بدنيانا
ان كان لا يدخل الجنات داخلها
الا شقيا على الأواى وغرثانا
وكان أمرك أن نرضى بما صنعوا
فاحفظ عبيدك فالشيطان مولانا

 سعد العقيدي
 06:21 PM
 15.06.10
اللقاء الأخير

والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء
كالزهرة الوسنى فما أحسست إلا والشفاه
فوق الشفاه
وللمساء
عطر يضوع فتسكرين به وأسكر من شذاه
في الجيد والفم والذراع
فأغيب في أفق بعيد مثلما ذاب الشراع
في أرجوان الشاطيء النائي وأوغل في مداه
شفتاك في شفتي عالقتان والنجم الضئيل
يلقى سناه على بقايا راعشات من عناق
ثم ارتخت عني يداك وأطبق الصمت الثقيل
يا نشوة عبرى وإعفاء على ظل الفراق
حلواَ كإغماء الفراشة من ذهول وانتشاء
دوما إلى غير انتهاء
يا همسة فوق الشفاه
ذابت فكانت شبه آه
يا سكرة مثل ارتجافات الغروب الهائمات
رانت كما سكن الجناح وقد تناءى في الفضاء
غرقي إلى غير انتهاء
مثل النجوم الآفلات
لا لن تراني لن أعود
هيهات لكن الوعود
تبقى تلحّ فخفّ أنت وسوف آتي في الخيال
يوما إذا ما جئت أنت وربما سال الضياء
فوق الوجوه الضاحكات وقد نسيت وما يزال
بين الأرائك موضع خال يحدق في غباء
هذا الفراغ أما تحس به يحدق في وجوم
هذا الفراغ أنا الفراغ فخف أنت لكي يدوم !
هذا هواليوم الاخير !
واحسرتاه ! أتصدقين ؟ ألن تخفّ إلى لقاء ؟
هذا هو اليوم الأخير فليته دون انتهاء !
ليت الكواكب لا تسير
والساعة العجلى تنام على الزمان فلا تفيق !
خلفتني وحدي أسير إلى السراب بلا رفيق
يا للعذاب أما بوسعك أن تقولي يعجزون
عنا فماذا يصنعون
لو أنني حان اللقاء
فاقتادني نجم المساء
في غمرة لا أستفيق
ألا وأنت خصري تحت أضواء الطريق ؟!
ليل ونافذة تضاء تقول إنك تسهرين
أني أحسّك تهمسين
في ذلك الصمت المميت ألن تخف إلى لقاء
ليل ونافذة تضاء
تغشى رؤاي وأنت فيها ثم ينحل الشعاع
في ظلمة الليل العميق
ويلوح ظلك من بعيد وهو يومئ بالوداع
وأظل وحدي في الطريق


المبغى

بغداد مبغى كبير
احظ المغنّية
كساعة تتكّ في الجدار
في غرفة الجلوس في محطّة القطار
يا جثة على الثرى مستلقية
الدود فيها موجة من اللهيب والحرير
بغداد كابوس ردى فاسد يجرعه الراقد
ساعاته الأيام أيامه الأعوام والعام نير
العام جرح ناغر في الضمير
عيون المها بين الرصافة والجسر
ثقوب رصاص رقشت صفحة البدر
ويسكب البدر على بغداد
من ثقبي العينين شلالا من الرماد
الدور دار واحدة
وتعصر الدروب كالخيوط كلّها
في قبضة ماردة
تمطّها تشلّها
تحيلها دربا إلى الهجير
وأوجه الحسان كلهنّ وجه ناهده
حبيبتي التي لعابها عسل
صغيرتي التي أردافها جبل
وصدرها قلل
ونحن في بغداد من طين
يعجنه الخزّاف تمثالا
دنيا كأحلام المجانين
ونحن ألوان على لجها المرتجّ أشلاء وأوصالا
بالأمس كان العيد عيد الزهور
الزاد تحثوه الربى والخمور
والرقص والأغنيات
والحب والكركرات
ثم انتهى إلا بقايا طيور
تلتقط الحبّ وإلاّ دماء
مما نماه الحقل طير وشاء
وغير أطفال يطوفون أور
العيد من قال انتهى عيدنا
فلتملأ الدنيا أناشيدنا
فالأرض ما زالت بعيد تدور
بالأمس كان العيد عيد الزهور
واليوم ما نفعل
نزرع أم نقتل
أهذه بغداد
أم أن عامورة
عادت فكان المعاد
موتا ولكنني في رنّة الأصفاد
أحسست ماذا صوت ناعوره
أم صيحة النّسغ الذي في الجذور


المخبر

أنا ما تشاء أنا الحقير
صبّاغ أحذية الغزاة وبائع الدم والضمير
للظالمين أنا الغراب
يقتات من جثث الفراخ أنا الدمار أنا الخراب
شفة البغيّ أعفّ من قلبي وأجنحة الذباب
أنقى وأدفأ من يدي كما تشاء أنا الحقير
لكن لي من مقلتي إذا تتبعتا خطاك
وتقرتا قسمات وجهك وارتعاشك إبرتين
ستنسجان لك الشراك
وحواشي الكفن الملطخ بالدماء وجمرتين
تروعان رؤاك إن لم تحرقاك
وتحول دونهما ودونك بين كفيّ الجريدة
فتندّ آهتك المديده
وتقول أصبح لا يراني بيد أن دمي يراك
إني أحسّك في الهواء وفي عيون القارئين
لم يقرأون لأن تونس تستفيق على النضال
ولأن ثوار الجزائر ينسجون من الرمال
ومن العواصف والسيول ومن لهاث الجائعين
كفن الطغاة ؟ وما تزال قذائف المتطوعين
يصفرن في غسق القنال
لم يقرأون وينظرون إليّ حينا بعد حين
كالشامتين ؟
سيعلمون من الذي هو في ضلال
ولأيّنا صدأ القيود
لأيّنا نهض الحقير
وسأقتفيه فما يفرّ سأقتفيه إلى السعير
أنا ما تشاء أنا اللئيم أنا الغبيّ أنا الحقود
لكنّما أنا ما أريد أنا القويّ أنا القدير
أنا حامل الأغلال في نفسي أقيد من أشاء
بمثلهنّ من الحديد وأستبيح من الخدود
ومن الجباه أعزهن أنا المصير أنا القضاء
الحقد كالتنور فيّ إذا تلهّب بالوقود
الحبر والقرطاس أطفأ في وجوه الأمّهات
تنورهنّ وأوقف الدم عن ثدي المرضعات
في البدء كان يطيف بي شبح يقال له الضمير
أنا منه مثل اللص يسمع وقع أقدام الخفير
شبح تنفّس ثمّ مات
واللص عاد هو الخفير
في البدء لم أك في الصراع سوى أجير
كالبائعات حليبهنّ كما تؤجّر للبكاء
ولندب موتى غير موتاهنّ في الهند النساء
قد أمعن الباكي على مضض فعاد هو البكاء
الخوف والدم والصغّار فأي شيء أرتجيه
فعلى يديّ دم و في أذنيّ وهوهة الدماء
وبمقلتيّ دم و للدم في فمي طعم كريه
أثقل ضميرك بالآثام فلا يحاسبك الضمير
وانس الجريمة بالجريمة والضحية بالضحايا
لا تمسح الدم عن يديك فلا تراه وتستطير
لفرط رعبك أو لفرط أساك واحتضن الخطايا
بأشدّ ما وسع احتضان تنج من وخز الخطايا
قوتي وقوت بني لحم آدمي أو عظام
فليحقدن علي كالحمم المستعرّة الأنام
كي لا يكونوا إخوة لي آنذاك ولا أكون
وريث قابيل اللعين سيسألون
عن القتيل فلا أقول
أأنا الموكل ويلكم بأخي فإن المخبرين
بالآخرين موكّلون
سحقا لهذا الكون أجمع وليحلّ به الدمار
مالي ومالي وما للناس لست ابا لكل الجائعين
وأريد أو أروى وأشيع من طوى كالآخرين
فليترلوا بي ما استطاعوا من سباب واحتقار
لي حفنة القمح التي بيدي ودانية السنين
خمس وأكثر أو أقل هي الربيع من الحياة
فليحلموا هم بالغد الموهوم يبعث في الفلاة
روح النماء وبالبيادر وانتصار الكادحين
فليحملوا إن كانت الأحلام تشبع من يجوع
إني سأحيا رجاء ولا اشتياق ولا نزوع
لا شيء غير الرعب والقلق الممض على المصير
ساء المصير
ربّاه إن الموت أهون من ترقّبه المرير
ساء المصير
لم كنت أحقر ما يكون عليه إنسان حقير

 سعد العقيدي
 08:21 PM
 15.06.10
المساء الأخير

برب الهوى يا شمس لا تتعجلي .......... لعلي أراها قبل ساع الترحل
سريت فأفق الغرب يلقلك باسما .......... طروبا و أفق الشرق بادي التذلل
كأن السنا إذ فارق الأرض واعتلى .......... رؤوس الروابي والنخيل المسبل
أحاسيس أخفاها الفؤاد وصانها .......... زمانا ففاضت من عيون و مقول
وصفصافة مخضوبة الرأس بالسنا .......... تراع بزفزاف من الريح معول
تبين كعذراء من الريف أقبلت .......... بجرتها من دافق الماء سلسل
نعى لي وللناس النهار (مؤذن) .......... وقد كان ينعي لي قؤادي ومأملي
تمنيته لا يسمع الصوت أخرسا .......... تمنيت لو يهوي إلى الأرض من عل
ألا وقرت آذان من يسمعونه .......... بأشلاء قلب في ضلوعي مقتل
ألا نثرت من تحت أقدامه أسى .......... حجارة ذاك المسجد المتبتل
أطرت عصافير الربى حين غادرت .......... كأن بتغريد العصافير مقتلي
رأيت بها بدهر مجنح .......... فأبغضت أشباه العدو المنكل
كأني به لما يمد جناحه .......... يمد لأكباد الورى حد فيصل
ألا ليت عمر اليوم يزداد ساعة .......... ليزداد عمر الوصل نظرة معجل


المسيح بعد الصلب

بعدما أنزلوني سمعت الرياح
في نواح طويل تسف النخيل
والخطى وهي تنأى إذن فالجراح
والصليب الذي سمروني عليه طوال الأصيل
لم تمتني و أنصتّ كان العويل
يعبر السهل بيني وبين المدينة
مثل حبل يشدّ السفينة
وهي تهوي إلى القاع كان النواح
مثل خيط من النور بين الصباح
والدجى في سماء الشتاء الحزينة
ثم تغفو على ما تحسّ المدينة
حينما يزهر التوت والبرتقال
حين تمتدّ جيكور حتى حدود الخيال
حين تخضرّ عشبا يغنّي شذاها
والشموس التي أرضعتها سناها
حين يخضرّ حتى دجاها
يلمس الدفء قلبي فيجرى دمي في ثراها
قلبي الشمس إذ تنبض الشمس نورا
قلبي الأرض تنبض قمحا وزهرا وماء نميرا
قلبي الماء قلبي هو السنبل
موته البعث يحيا بمن يأكل
في العجين الذي يستدير
ويدحى كنهد صغير كثدي الحياة
متّ بالنار أحرقت ظلماء طيني فظلّ الإله
كنت بدءا وفي البدء كان الفقير
متّ كي يؤكل الخبز باسمي لكني يزرعوني مع الموسم
كم حياة سأحيا ففي كل حفرة
صرت مستقبلا صرت بذرة
ذرت جيلا من الناس في كل قلب دمي
قطرة منه أو بعض قطرة
هكذا عدت فاصفرّ لما رآني يهوذا
فقد كنت سره
كأن ظلا قد اسود مني وتمثال فكره
جمّدت فيه واستلّت الروح منها
خاف أن تفضح الموت في ماء عينيه
عيناه صخرة
راح فيها يواري عن الناس قبره
خاف من دفنها من محال عليه فخبّر عنها
أنت أم ذاك ظلي قد أبيضّ وارفضّ نورا
أنت من عالم الموت تسعى هو الموت مرّه
هكذا قال آباؤنا هكذا علمونا فهل كان زورا
ذاك ما ظنّ لما رآني وقالته نظرة
قدم تعدو قدم قدم
القبر يكاد بوقع خطايا ينهدم
أترى جاءوا من غيرهم
قدم قدم قدم
ألقيت الصخر على صدري
أو ما صلبوني أمس فها أنا في قبري
فليأتوا إني في قبري
من يدري أني من يدري
ورفاق يهوذا من سيصدق ما زعموا
قدم قدم
ها أنا الأن عريان في قبري المظلم
كنت بالأمس ألتف كالظن كالبرعم
تحت أكفاني الثلج يخضل زهر الدم
كنت كالظل بين الدجى والنهار
ثم فجرت نفسي كنوزا فعرّيتها كالثمار
حين فصلت جيبي قماطا وكمّي دثار
حين دفأت يوما بلحمي عظام الصغار
حين عريت جرحي وضمدت حرجا سواه
حطم السور بيني وبين الإله
فاجأ الجند حتى جراحي ودقات قلبي
فاجأوا كل ما ليس موتا وإن كان في مقبرة
فاجأوني كما فاجأ النخلة المثمرة
سرب من الطير في قرية مقفرة
أعين البندقيات يأكلن دربي
شرع تحلم النار فيها بصلبي
إن تكن من حديد ونار فأحداق شعبي
من ضياء السماوات من ذكريات وحب ّ
تحمل العبء عني فيندى صليبي فما أصغر
ذلك الموت موتي وما أكبره
بعد أن سمّروني وألقيت عينيّ نحو المدينة
كدت لا أعرف السهل والسور والمقبرة
كان شيء مدى ما ترى العين
كالغابة المزهرة
كان في كلّ مرمى صليب وأم حزينة
قدس الربّ
هذا مخاض المدينة


المعبد الغريق

خيول الريح تصهل و المرافىء يلمس الغرب
صواريها بشمس من دم و نوافذ الحانة
تراقص من وراء خصاصها سرج و جمع نفسه الشّرب
بخيط من خيوط الخوف مشدودا إلى قنينة و يمدّ آذانه
إلى المتلاطم الهدّار عند نوافذ الحانة
و حدّث و هو يهمس جاحظ العينين مرتعدا
يعبّ الخمر شيخ عن دجى ضاف و أدغال
تلامح وسطها قمر البحيرة يلثم العمّدا
يمسّ الباب من جنبات ذاك المعبد الخالي
طواه الماء في غلس البحيرة بين أحراش مبعثرة و أدغال
هنالك قبل ألف حين مج لظاه من سقر
فم يفتّح البركان عنه فتنفض الحمّى
قرارة كل ما في الواد من حجر على حجر
تفجّر باللظى رحم البحيرة ينثر الأسماك و الدم مرغيا سمّا
وقر عليه كلكل معبد عصفت به الحمّى
تطفّأ في المباخر جمرها و توهج الذّهب
ولاح الدرّ و الياقوت أثمار من النور
نجوما في سماء تزحف دونما السّحب
تمرغ فوقها التمساح ثم طفا على السّور
ليحرس كنزه الأبدي حتى عن يد الظلماء و النور
و أرسى الأخطبوط فنار موت يرصد البابا
سجا في عينه الصوراء صبح كان في الأزل
تهزّأ بالزمان يمرّ ليل بعد ليل و هو ما غابا
ففيم غرور هذا الهالك الإنسان هذا الحاضر المشدود بالأرجل ؟
أعمّر ألف عام ؟ ليته شهد الخلائق و هي تعبر شرفة الأول
ألا يا ليته شهد السلاحف تستحق الدّنيا
قياصرها و يمنع درعها ما صوّب الزمن
إليها من سهام الموت
لكنّ الذي يحيا
بقلب يعبر الآباد يكسر حدّه الوهن
فيصمت عمره أزل يمس حدوده أبد من الأكوان في دنيا
هنالك ألف كنز من كنوز العالم الغرقى
ستشبع ألف طفل جائع و تقيل آلافا من الداء
و تنقذ ألف شعّب من يد الجلاّد لو ترقى
إلى فلك الضمير
أكل هذا المال في دنيا الأرقاء
و لا يتحررون ؟ و كيف و هو يصفّد الأعناق
يربطها إلى الداء
كأن الماء في ثبج البحيرة يمنع الزّمنا
فلا يتقحم الأغوار لا يخطو إلى الغرف
كأن على رتاح الباب طلّسما فلا وسنا
ولكن يقظة أبد و لا موت يحدّ حدود ذاك الحاضر الترف
كأن تهجّد الكهّان نبع في ضمير الماء يدفق منه الغرف
إذن ما عاد من سفر إلى أهله عوليس
إذن فشراعه الخفاق يزرع فائر الأمواج
بما حسب الشهور وعدّ حتى هدّه البؤس
فيا عوليس شاب فتاك مبسم زوجك الوهّاج
غدا حطبا ففيم تعود تفري نحو أهلك أضلع الامواج
هلم فماء شيني في انتظارك يحبس الأنفاس
فما جرحته نقرة طائر أو عطرته أنامل النّسم
هلم فانّ وحشا فيه يحلم فيك دون الناس
و يخشى أن تفجّر عينه الحمراء بالظلم
و أن كنوزه العذراء تسأل عن شراعك خافق النسم
أما فجعتك في طروادة الآهات من جرحي
و محتضرين
يا لدم أريق فلطّخ الجدران
وردّ ترابها الظمآن طينا ردّه جرحا
كبيرا واحدا جرحا تفتح في حشا الإنسان
ليصرخ بالسماء
فيا لصوت ردّدته نوافذ الحجرات و الجدران
لأجل فجور أنثى و اتّقاد متوّج بالثار
تخصب من دم المهجات حتى سلّم الأفن
وحل بلا أوان يومنا و تساوت الأعمار
كزرع منه ساوى منجل
وهناك في الشفق
تنوح نساءنا المترمّلات يولول الأطفال عند مدارج الأفق
هلم فقد شهدت كما شهدت دما و أشلاءا
تفجّر في بلادي قمقم ملأته بالنار
دهور الجوع و الحرمان
أي خليفة قاءا ؟
رأينا أنّ أفئدة التتار و أذؤب الغار
أرقّ من الرعاع القالعين نواظر الأطفال و الشاوين بالنار
شفاه الحلمة العذراء
يا نهرا من الحقد
تدفّق بالخناجر و العصي بأعين غضبى
نجوما في سماء شدها قابيل بالزند
فليتك حين هزّ الموصل الأعصار (دربا
و لا بيتا و لا قبرا نجا فيها) شهدت الأعين الغضبى
و ليتك في قطار مر حين تنفس السحر
فقصّ على سرير السكة الممدود أمراسا
تعلق في نهايتينّ جسم يحصد النّظر
عليه الجرح بعد الجرح بعد الجرح أكداسا
ليهوي جسم حفصة لابسا فوق النجيع دما
و أمراسا
و فيم نخاف في ثبج البحيرة أو حفافيها
كواسج ضاريات أو تماسيح التظت لهبا
نواجذها الحديدة فيم تخشى كل ما فيها
فإن عقارب الرقّاع يضمر سمّها العطبا
وتزرع في الجسوم أزاهر الدم و الجراح بلا دم لهبا
هلم نشقّ في الباهنج حقل الماء بالمجذاف
ز ننثر أنجم الظلماء نسقطها إلى القاع
حصى ما ميزته العين فيروزه الرفّاف
و لؤلؤة المنقّط بالظلام
سنرعب الراعي
فيهرع بالخراف إلى الحظيرة خوف أن يغرقن في القاع
هلم فليل آسية البعيد مداه يدعونا
بصوت من نعاس من ردى من سجع كهان
هلمّ فما يزال الدهر بين أيدينا
لنطو دجاه قبل طلوع شمس دون ألوان
تبدد عالم الأحلام تخفت إذ يرن التبر فيها
سجع كهان
**
يجول التبر فيها مثل وحش يأكل الموتى
و يشرب من دم الأحياء يسرق زاد أطفال
ليتقد اللظى في عينه ليعيره صوتا
يحطّم صوت كل الأنبياء هناك
يا لرنين أغلال
و يا لصدى من الساعات بالأكفان مسّ رؤوس أطفال
وفلّ عناق كل العاشقين و دسّ في القبلة
مدى من حشرجات الموت ردّ أصابع الأيدي
أشاجع غاب عنها لحمها و ستائر الكله
يحوّلها صفائح تحتها جثث بلا جلد
هلمّ فبعد ما لمح المجوس الكوكب الوهّاج تبسط نحوه الأيدي
و لا ملأت حراء و صبحة الآلات و السّور
هلمّ فما يزال زيوس يصبح قمّة الجبل
بخمرته و يرسل ألف نسر نز من أحداقها الشرر
لتخطف من يدير الخمر يحمل أكؤس الصهباء و العسل
هلمّ نزور آلهة البحيرة
ثم نرفعها لتسكن قمّة الجبل


المعمول الحجري

رنين المعمول الحجري في المرتج من نبضي
يدمر في خيالي صورة الأرض
ويهدم برج بابل يقلع الأبواب يخلع كل آجره
ويحرق من جنائنها المعلقة الذي فيها
فلا ماء ولا ظل ولا زهره
وينبذني طريدا عند كهف ليس تحمي بابه صخره
لا تدمي سوادالليل نار فيه يحييني وأحييها
يا كواسر يا أسود ويا نمور ومزقي الانسان
اذ أخذته رجفة ما يبث الليل من رعب
فضحجي بالزئير وزلزلي قبره
دماغي وارث الأجيال عابر لة الأكوان
سيأكل مته داء شل من قدمي وشديدا على قلبي
كلام ذاك أصدق من نبؤة أي عراف
تريه مسالك الشهب
حمى الأسرار تطلعه على المتربص الخافي
اذا نطق الطبيب فأسكتوا العراف والفوال
رنين المعول الحجري يزحف نحو أطرافي
سأعجز بعد حين عن كتابة بيت شعر في خيالي جال
فدونك يا خيال مدى وآفاق وألف سماء
وفجر من نجومك من ملايين الشموس من الأضواء
وأشعل في دمي زلزال
لأكتب قبل موتي أو جنوني أو ضمور يدي من الاعياء
خوالج كل نفسي ذكرياتي كل أحلامي
وأوهامي
وأسفح نفسي الشكلى على الورق
سيقرأها شقي بعد أعوام وأعوام
ليعلم أن أشقى منه عاش بهذه الدنيا
وآلى رغم وحش الداء والآلام والأرق
ورغم الفقر أن يحيا
ويا مرضي قناع الموت أنت وهل ترى لو أسفر الموت
أخاف ألا التكشير الصفراء والثقبين
حيث امتصت العينين
جحافل من جيوش الدود يجثم حولها الصمت
تلوح لناظري ودع الدماء تسح من أنفي من الثقبين
فأين أبي وأمي أين جدي أين آبائي
لقد كتبوا أساميهم على الماء
ولست براغب حتى بخط اسمي على الماء
وداعا يا صحابي يا أحبائي
اذا ما شئتمو أن تذكروني فاذكروني ذات قمراء
ولا فهو محض اسم تبد بين اسماء
وداعا يا أحبائي

1 2 3 
Up