تفنى الاجيال وتنتهي أعمار الرجال وتنزع أرواحهم بأمر ربهم ولكن يتخلد منهم الشعر
فصدق من قال (الشعر خلود لذكر قائله في الدنيا)
محمد أبو دباس وقصتة مع أبنة (دباس) ورحيله
القصة لايعرف متى وقعت لكن بعض الرواة قالوا أنها وقعت في القرن الثامن عشر الميلادي ومنهم من قال أنها وقعت في القرن التاسع عشر والله أعلم
وأختلف الرواة بموقع الحادثة منهم من قال بأن أبو دباس كان في الاردن ودباس كان في العراق ومنهم من قال في نجد والعراق ومنهم من قال بأنها في الاردن ونجد
محمد من أهل بلدة (عودة) المعروفة الان بسدير الواقعة شمال غرب الرياض عاصمة السعودية حوالي 100 كم يعيش بمزرعته متزوج وله أبن أسمه دباس وبنتان فشب دباس على أحترام الناس وحب الخير والكرم والشجاعة وكان والده يكن له الحب بسبب هذه الصفات التي يتحلا بها دباس وعندما شب دباس وبلغ العشرون من العمر سافر في طلب الرزق ويقال انه ذهب الى العراق ومنهم من قال انه سافر بسبب طرده من الديار لسبب ما وفي خلال مغيب دباس عن والده تزوج الوالد بأمرأة وكان لها أخوة فأرادوا ان يتزوجوا من أبنتا محمد فرفض محمد ذلك فقام أخوة زوجته بعمل الدسائس ضده ونشر الأشاعات في البلدة وتعرضوا الى أبنتا محمد ولم ينتهي الأمر الى ذلك بل قاموا بقطع الماء عن مزرعته مما أدى الى هلاك مزروعاته فتضايق محمد من أخوة زوجته ومما أصابه من الأهانات فأشار عليه صديق بان يرسل في طلب أبنه دباس لعل في حضوره ينجلي هذا المصاب
حاول الإرسال لكنه لم يستطع لعدم معرفته بمكان وبلاد دباس وفي يوم من الايام أتى الى البلدة التي يسكنها محمد أبو دباس شاعر يترحل من دار الى دار * ومن المعروف أن الشاعر آنذاك هو البريد والراوي الذي يتجول بين القبائل ويجلب القصائد والاخبار والروايات بين الناس ... قام أبو دباس بعزيمة الشاعر في بيته وقال له قصته وأبلغه بقصيدته التي يريد منه أيصالها لدباس الذي لايعلم أين مكانه * حفظ الشاعر القصيدة ورحل يتجول بين الناس بحثا عن دباس وتوصيلا للقصيدة التي يقول بها محمد أبو دباس :
ياونة ونيتها مـن خوا الراس ..... من لاهب بالكبد مثل السعيرة
ونيت من رجله غدت تقـل مقـواس ..... يون تالي الليل يشكي الجبيرة
من شافني يقول ذا فيه لساس ..... واللي براء حالي الآهي خبيره
لا وعلى من قبل غوال الأنفاس ..... ومفارق الدنيا يجينا بشيرة
عسى يطق الباب والناس غطاس ..... ياوالي القدرة عليك تعبيره
وصلاة ربي عد ما هب نسناس ..... على النبي عدة حقوق المطيرة
قام الراوي بالتجول بها في كل قبيلة يأتي لها وبكل دار يحل عليها ويسأل حتى وصل الى قبيلة من أحدى القبائل الكريمة في الشمال وعندما دخلها سأل الراوي عن شيخ القبيلة فدلوه عليه ودخل مجلس شيخ القبيلة وإذا به شاب كريم شجاع شهم سمعته بالطيب وصلت لجميع من حوله من القبائل * وقال له بعد ضيافته ياشيخ أنا معي رسالة من رجل كبير في السن أحملها معي وهي عبارة عن قصيدة محزنة للغاية ويدعو بها أبنا له قد غاب عنه ثمان سنوات يدعوه بها ويناشده بالعودة ومناصرته ضد من أهانوه وعند إلقاءه القصيدة إذا به ينظر لشيخ القبيلة يذرف الدموع ويبكي وقال بعالي صوتة لعيناك يابو دباس وأتضح للراوي بأنه هو دباس الذي تزوج من أبنة شيخ هذه القبيلة وبعد مماته أصبح هو الشيخ عليها لجوده وكرمه وأنه قد قام بتغيير أسمه عندها خوفا من كشف أمره وقام دباس بالرد على قصيدة والده وحملها الى الراوي وهي كالاتي :
حي الجواب اللي لفانا من الراس ..... جابه غلام ما توانا مسيره
أهلا هلا به عد ما حبك قرطاس ..... او ما كتب فوقه بيوت شطيرة
جواب من هو لي مود مـن الناس ..... ابوي ما يوصف حلي لغيره
فرز الوغى كنه على الوكر قرناس ..... قروم ربعه كلها تستشيره
دليل عيرات ليا هـب نسناس ..... ثم ادلهم الجو ومابه ذخيرة
مهفي الغنم لأهل الركايب والأفراس ..... لا روحوا له لا عليهم قصيرة
راعي معاميل بها العبد جلاس ..... للبن يشري بالسنين العسيرة
أبغي عسى الله يبرد القلب يا ناس ..... من لا هب شبت بقلبي سعيره
و الا فانا يابوي قطاع الأرماس ..... أصبر على الشدة لو هي عسيرة
ومن كان له غايب فلا يقطع الياس ..... ان قدر الله جاب علمه بشيره
قام الراوي بتوصيل القصيدة الى محمد والد دباس التي كان مضمونها النصر بمشيئة الله ورد الثار لوالده من الذين أهانوه *وفي أحدى الايام عندما كانت أبنته تتفقد المزرعة رأت الماء ولونه أحمر يجري في الساقية واخبرت والدها به ففرح أبوها وقال لها أنه دباس قد عاد وهذا الاحمرار دم من أهانوني وذلوني ودلسوا علي الشائعات
فرح أبو دباس بعودة أبنه دباس وقام بين القبيلة مرفوع الراس مفتخرا بما فعل دباس .
وهذه من القصص الدالة على شهامة الابن ووفاءه لوالديه