حذاري من (حبيب العدلي) العراقي
الفريق فاروق الأعرجي أنموذجا
أثبتت الإحداث الأخيرة التي جرت في القطر المصري الشقيق حجم الهّوة الفاصلة بين الشعب والشرطة والذي كان أفرادها عبارة عن أداة للقمع والإذلال للشعب المصري الشقيق المنتفض على جلاديه من اجل حريته و كرامته
غير إن تلك الأداة القمعية لم تستطع كسر إرادة هذا الشعب الحي حيث أنهم هربوا كالجرذان بعد أن تيقنوا من استحالة هزيمة الجماهير المنتفضة !
وفي لحظة يصعب تصويرها ولا يمكن محوها من الذاكرة المتعبة حين خلع هؤلاء العسس ملابسهم العسكرية والبعض منهم لم تستر عورتهم إلا ملابسهم الداخلية ثم ولوا الأدبار تاركين شرف العسكرية ومعها أسلحتهم ومدرعات طعماً لنيران هذا الشعب الثائر!!
ومن المفارقات تلك أن هؤلاء العسس والذين كانوا بالأمس يقمعون الشعب أصبحوا لصوصا ينهبون مؤسسات الدولة وأملاك المواطنين وبلطجيه بيد وزيرهم السابق (حبيب العدلي) والذي قاد نظام مبارك إلى الهاوية وهذا ما كشفت عنه الوثائق المصادرة من مبان قوى الأمن الداخلي حينما اقتحمتها الجماهير الغاضبة !
أسوق هذه المقدمة الطويلة بعد أن سرت مساع حثيثة تبذل من داخل مكتب السيد المالكي من اجل ترشيح مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق فاروق الاعرجي وزيرا للداخلية
مما يُنذر إلى إن تلك الأخبار أن صحت فأن الأعرجي سيقود الدولة العراقية إلى نفس المصير الذي قاد إليه حبيب العدلي في مصر و الذي أوصل فيها نظام مبارك إلى حافة الهاوية ثم الطوفان
فهذا الرجل هو المسئول عن عسكرة الدولة العراقية وقد ساهم بتضخيم مكتب القائد العام أكثر من 200 مرة عنه خلال حكم صدام حسين
وهو كذلك صاحب إستراتيجية الحل العسكري في حسم التظاهرات التي جرت وستجرى مستقبلا من خلال تضخيم الأخبار وبث الرعب في قلب القائد العام للقوات المسلحة وإيهامه بأن البعث والقاعدة هم وراء تلك التظاهرات الحاشدة لاغياً دور الشعب والجماهير في تنظيمها وقيادتها بعيدا كل البعد عن الإملاءات الحزبية الضيقة ومرجعياتها الدينية والتي تراجعت عن تأييدها لهذه التظاهرة قبل ثمان وأربعين ساعة من انطلاقها بعد أن تسربت إلى تلك المرجعيات استنتاجات الفريق الأعرجي القائلة أن البعث والقاعدة والخاسرين من معركة الانتخابات الأخيرة هم من يقودونها والتي اثبت الإحداث بعد ذلك عدم مصداقية تلك التكهنات مما أوقعها في حرج كبير أحدث شرخا كبير بين تلك المرجعية وبين قاعدتها الشعبية المدجنه فكرياً ونفسياً وعقائدياً والتي كانت إلى عهد قريب تقود هذا الشعب سوق النعاج
غير أن هذا الشعب وفي مفارقة تاريخية لن تتكرر مرة أخرى خرج من قمقم مرجعيته المقدسة ولأول مرة ومنذ أكثر من ثلاثة قرون خلت من التبعية المذلة لها فكانت تلك التظاهرات بحق تحديا كبير وخروجا عن المألوف
فالفريق الاعرجي صاحب مشروع تهميش منظمات المجتمع المدني ومحاولة الهيمنة عليها من خلال حث الحكومة على إصدار وسن القوانين والتوصيات المتعلقة بربط تلك المنظمات بالسلطة التنفيذية والحيلولة دون أداء دورها كونها أداة للمراقبة على مستوى أداء السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية وبذلك ينتهي ويضمحل دور تلك المنظمات في بناء الدولة المدنية والتي يرفضها رفضا قاطعا سيادة الفريق الأعرجي
أن تحفظنا على الفريق الاعرجي على تبوء منصب وزيرا للداخلية ليس نابعاً عن خلافات أو مصلحة شخصيه لكنه نابع عن مصادر موثقة ذهبت إلى حد القول أن صناعة القرارات المستقبلية ستكون متعدد الرؤوس ومتضاربة أحياناً بسبب ضعف شخصية الفريق الاعرجي أمام حاشية السيد المالكي بالوقت الذي يكون فيه فارسا لا يشق له غبار علي الشعب المغلوب على أمره
وهنا نوجه نصيحة للمالكي بالتريث في إصداره لقرار استيزار الفريق الاعرجي والبحث عن أي شخصية مدنية مستقلة يمكن للفرقاء الاتفاق عليها ولو لحين وخاصة أن الشارع العراقي يغلي ويموج تحت رماد يصعب السيطرة عليه لو انفلت زمام أمور هذا الشارع لا سامح الله وبذلك ستتحول كل ساحات وشوارع مدن العراق إلى لهيباً يحرق الأخضر واليابس وربما زاحفا في نهاية الأمر نحو أقبيتكم في المنطقة الخضراء وحينها لن يحموكم من غضبة الشعب ممن أتوا بكم ووضعوكم في سدة الحكم وربما يسلموكم لتلك الجماهير و يتبرؤون منكم
فعليكم مراجعة التاريخ وتذكروا جيدا ما فعله الأمريكان بعملائهم في فيتنام الجنوبية أبان السبعينيات من القرن الماضي حينما وصلت طلائع الفيت كونغ بقيادة الجنرال جياب تخوم أبواب السفارة الأمريكية و حينها أخلى الأمريكان رعاياهم بالطائرات الهليكوبتر وتركوا عملائها طعما للثوار الزاحفين وبعدها ألقت تلك الطائرات بآلاف الوثائق التي تفضح من تعاون معها
أرجوك ... أرجوك يا المالكي أن تعيد قراءة التاريخ مرة أخرى ولا تعتمد على مساعديك وحاشيتك