وهنا تساؤلا يطرح نفسه
الم يجعل الشارع الحكيم التفاوت في الرزق
ابتلاء للغني هل يؤدي الذي عليه ويشكر ولايسرف
والفقير هل يصبر ويحمد الله
مابال هؤلاء الاقوام يأبون الا التفاخر والاسراف
إن للصيام آداباً كثيرةً، ومن تلك الآداب: أن يقتصدَ الصائمُ في طعامه وشرابه.
ومما يلحظ على بعض الصائمين بل على أكثرهم: أنهم يجعلون شهرَ رمضانَ موسماً سنوياً للموائد الزاخرة بألوان الطعام، فتراهم يُسرفون في ذلك أيّما إسرافٍ، وتراهم يتهافتون إلى الأسواق؛ لشراء ما لذّ وطاب من الأطعمة التي لا عهدَ لهم بأكثرها في غير رمضان.
والنتيجة من وراء ذلك: إضاعةُ المال، وإرهاقُ الأبدان في كثرة الطعام، وثِقَلُ النفوس عن أداء العبادات، وإهدارُ الأوقات الطويلة بالتسوّق، وإعداد الكميّات الهائلة من الأطعمة التي يكون مصيرُها في الغالب أكياس القمامة.
إن هذا الاستعدادَ المتناهيَ الذي يقع فيه أكثر المسلمين لرمضان بالتفنن والاستكثار من المطاعم والمشارب مخالفٌ لأمر الله، منافٍ لحكمة الصوم، مناقضٌ لحفظ الصحة، معاكسٌ لقواعدالاقتصاد.
قال الله _عز وجل_: (وكلوا واشربوا ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين).
قال بعض العلماء : ( جمع الله بهذه الآيةِ الطبَّ كلَّه).
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما ملأ ابن آدم وعاءًا شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلثٌ لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) أخرجه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع
أيها الصائم: لا يخفى على عاقل ما للتوسع في المآكل والمشارب من عواقب وخيمة على دين المرء ودنياه زيادةً على ما مضى؛ فهو مما يورث البلادة، ويعوق عن التفكير الصحيح،وهو مدعاةٌ للكسل،وموجبٌ لقسوة القلب، وهو سببٌ لمرض البدن، وتحريك نوازع الشر، وتسلُّط الشيطان.
قال لقمان _عليه السلام_ لابنه: (يا بني! إذا امتلأت المعدة؛ نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقَعَدت الأعضاءُ عن العبادة )
وقال عمر رضي الله عنه : (من كثر أكله لم يجد لذكر الله لذة).
وقال علي رضي الله عنه : (إن كنت بَطِناً؛ فعد نفسك زَمِناً).
وقال بعض الحكماء: (أقلل طعاماً، تحمدْ مناماً).
وقال بعض الشعراء:
وكم من لقمةٍ منعت أخاها ***** بلذةٍ ساعةٍ أكلاتِ دهرِ
وكم من طالبٍ يسعى لأمر**** وفيه هلاكُه لو كان يدري
شكرا" لك أخي الفاضل أبا محمد لهذه التذكرة العظيمة قبل حلول شهر الخير والبركات