بداح العنقري كان من امراء ثرمداء ... وكان رجل تاجر ... كان البدو يأتونه كل سنه يشترون منه بالدين اغراضهم وحوائجهم وكان رجل أمين وخلوق وكريم وصاحب مروءة وشهامة ... وكان يديّن من يشترون منه الى السنة التي بعدها عندما يأتون يشترون منه يعطوه دينه الاول ....
وفي إحدى السنين أتاه احد البدو ليشتري منه وكان بصحبته ابنته وكانت مزيونه .... رحب بهم بداح وأكرمهم واشتروا منه ورجعوا إلى ديارهم بالباديه .... فقرر بداح إلا ان يتزوج هذه البنت...
وبالفعل بعدما رحلوا عنه وبعد بضع أيام من رحيلهم .. ويوم إعتقد انهم وصلوا ديارهم شد على فرسه ولحقهم ... أيام وليالي يسير حتى وصل عندهم .... فرح أبو البنت وكانت تدعى (هيا) بالضيف وهلا به وأكرمه ... وثالث يوم قال بداح لأبو هيا : انا جايك طالب ايد بنتك هيا ... فقال : أبرك الساعات وإرخص لي آخذ راي البنت ... فذهب الأب ليسأل إبنته وبداح يسمع حيث ان صوتهم كان مسموع ..
قال لها : يابنتي بداح العنقري جاي يطلبك حليلتن له وش تقولين ؟؟ قالت البنت : هذا حضري .. (افا يبه غرك الحضري ذا خيال القري ترى حيث انه لعب والا لو انه هوش ماهاش خيال القري زين تصفيح) . سمع بداح كلام البنت . بعدها عاد الأب خجولا ولم يتكلم .. قال له بداح : ماله داعي الحيا والزواج قسمه ونصيب .. بيض الله وجهك وإرخص لي هالليلة أنام والصبح أمشي لأهلي.....
وقال بداح للبنت: يفلانه قولي يالله ؟ قالت يالله .. قال : ان الله يعجل باليوم اللي تشوفين فعلي به ..
جاء الليل وعجز بداح أن ينام من الحزن مما سمعه ان البنت لا تراه شيء وأنه ليس بشجاع ولا به خير .. فتمنى أن يأتي موقف يستطيع أن يثبت به وجوده ........
وفي اليوم الثاني مع الفجر .. صاح الصياح .... الغزو الغزو .... فقد غزت قبيلة دبار هيا وأخذوا حلالهم .. فتفازعت القوم وبداح جالس إيتقهوى ماتحرك ابد (( لان الضيف مايلزمه شي )) فجائته هيا تنظر له باحتقار وتقول حضري خيال نظره ..... حضري خيال نظره ..... تعني أنه مظهر فقط . ومحتقرته لانه مافزع مع القوم ...........
عموما عند الضحى زبعد تشابك السيوف رجع القوم منكسرين وخائبين دون حلالهم ولم يستطيعوا إسترجاع شيء منه .... في هذه اللحظات والرجال والنساء تندب حالها قام بداح بعد أن رأى معازيبه انكسروا وأمام الكل وهيا تراه .. ركب فرسه وتناول رمح ورحل ***** ينوي إسترجاع الحلال لأهله ..... استغربت الناس واندهشت هيا.... وهو يلحق ****** ودخل بينهم واذبح واذبح والبخيت اللي نجا .. وهو يرجع بالحلال لأهله عند العصر... وكانت الناس كلها تستقبله.... واول ما أقبل للديره ومعه الحلال أسرعت له هيا وقامت تهلهل وكأنها تريد ان تعتذر منه وأنها تقبل الزواج به .... فركز رمحه عندها وقال :
وراك تزهد يريش العين فينا ....... وتقول خيال القري زين تصفيح
والله لحد ياما غزينا وجينا ....... وياما ركبناهن حاميات المشاويح
وياما تعاطـت بالهنادي يدينا ....... وياما كسبنا من حلال المصاليـح
وياما على اكوارهن اعتلينا ....... وياما ركبناهن عصيـرن مراويـح
ويوم الفضول بحلتك شارعينا ....... والخيل باخوانك سواة الزنانيح
يوم انجمر رمحي خذيـت السنينا ....... واودعت عنك الخيل صمن مدابيح
وترا الظفر ماهو بس للظاعنينا ....... مجسّم بين الوجيه المفاليح
البدو واللي بالقري نازلينـا ....... كلن عطاه الله من هبة الريح
والصدق عندك مير هيا عطينا ....... هيا عطينا الصدق يازينة الريح
هيا عطينا الصدق هيا عطينا ....... وان ماعطيتينيه والله لاصيح
والله لاصيح صيحة من غداله جنينا ....... والا خلوجن ضيعوها السراريح
ياعود ريحانن بجال البطينا ....... من وين ماهب الهوى بان له ريح
يابو نهيدن تقل فنجان صينا ....... والا كما بيضن للمشقا ذوابيح
ولي صاحب ...كما طلع تينا ....... عنهن جديد الثوب غادي تشاليح
صخف بلطف باعتدال بلينا ....... ولا مشمش البصرة ولاهن تفافيح
وبعد القصيدة مشى وتركها ولم يتزوجها فقامت هيا من شدة حزنها ركزت الرمح بصدرها وماتت حزنا انها لم تعطيه حقه ....
وجاء ابوها وقام بدفنها ......
البنت التي توفيت كان لها اخت اجمل منها .. فقالت الاخت لابوها: يابه الي ذبح اختي ابي اذبحه ..
قال الأب : ابوك وش تذبحينه به ذا محد ينطحه تبين تذبحينه انتي ؟ قالت : لا مالك دخل انت حطني في بيت قدام قصر العنقري بثرمدا . وافق الأب وفعلا سكنوا أمامه ...
وكلما خرج العنقري من قصره تأتي البنت وتكشف له محاسنها ويوم بعد يوم العنقري حب البنت .. لكن هي لها مقصد ثاني ..
العنقري جاءه مرض الحب الله يكفينا شره ... واشتد عليه المرض الى أن جاءه احد أصحابه يدعى علي .
واخذه لمكان ليس بعيد عن الديره يوم بدآ العنقري يؤنس الموت وعلي حمى المخاطر يريد أن يكويه يحسب أن به الوثاب والوثاب مرض معروف .
وقد قال العنقري هذه الأبيات اللاتي كن اخر ماقال في الدنيا
ياعلي هذا الموت ماهوب وثاب ....... مير الله الله على الكفن والرهابه
ولياحملتوني على اللوح والباب ....... بالك تحرمن وقفتن عند بابه
وذا توايق الزين وضاح الانياب ....... قله توفى العنقري ياسفبا به
ذا صاحبي ماهو لغيري بعجاب ....... وليا شافني قامت تلاعج عذابه
وليا شاف احد تغبى ورى الباب ....... وليا شافني مافوق راسه رمى به
وبعد ماقضى العنقري من قصيدته مات فعلا ... الله يرحمه ويغفر له ويتوب عنه .
وأخذه علي ودار به بثرمدا وهو يصيح ويقول : صلو على الجنازة يامسلمين ... مر من عند بيت البنت ومير تساله : من اللي مات قال : العنقري يطلبك الحل ... قالت : قل عليه الله .. قال : عليه الله .. ومير تقول : اصبر وان مت انا فادفنوني معه .