تسجيل جديد
اختر لونك المفضل
مجلس القصص والروايات>فلسطيني يتحدى مأساته
 جاسم محمد العقيدي
 07:00 AM
 23.09.08


كان شتاء مختلفا في مساء السابع عشر من فبراير لعام 2000، كل شيء بدا هادئا في دار "أبو ماجد" السكني.. فالمذكور وابنه الذي بلغ من العمر حينها 12 عاما كانا يحاولان إشعال كومةٍ من الحطب علّها تمنح جلسة السمر "الشتوية" خاصتهم بعض الدفء.. و"عبثا" كانت كل المحاولات.. الأمر الذي دفع بالوالد الأربعيني كي يوعز لطفله جلب جالون الكاز من المطبخ.. أما الأخير فطوى الأرض طيا حتى وصل.. وعاد بالمراد!

هي لحظات ليس إلا.. ووقعت الكارثة.. انفجر الجالون وأمسى قاذفا الأب وابنه مسافة أمتار.. لم يفيقا بعدها إلا وكليهما على سريرٍ في إحدى غرف دار الشفاء بغزة.. كانت إصابة الأب في كف يده وساقه.. أما ماجد.. فقد احترق وجهه كاملا!

ماجد السكني الذي أتم اليوم ربيعه العشرين، لم يكن ليواجه خلال الأشهر القليلة الأولى التي تلت الحادث أحدا دون لثامٍ يغطي وجهه المحروق.. إلى أن أيقن أن لثامه هذا لن يغير من واقع ما حدث شيئا.. فنزعه وقرر أن يعيش كماجد القديم.. أن يعود لمهنته التي أحب ممارستها قبل الذهاب إلى المدرسة كموزعٍ للصحف.. أراد أن يكون نموذجا يحتذي به كثيرون ممن تعرضوا لحوادث مماثلة فيبعث في قلوبهم الأمل من جديد.


[IMG][/IMG]

خطوة شجاعة.
يقول ماجد وقد كست وجهه -الذي اختفت ملامحه تقريبا- ابتسامة بريئة "لم أكن أعرف عندما كنت على سرير المرض أن المحروق في جسدي هو وجهي، ولم يخبرني بذلك أحد إلى أن اكتشفت الأمر بمفردي، ووقتها بدأت معاناتي"، ساردا تفاصيل حياته بعد عودته إلى المنزل بقوله "لم أغادر غرفتي إلا للحاجة لمدة 3 أشهر، لم أكن أريد رؤية أحد، وكنتُ عصبيا جدا، أية نظرة من أحدهم كانت تعني لي شيئا، ربما شفقة أو استهزاء أو استغراب".

بعد تلك المدة عاد ماجد إلى صفوف الدراسة يتابع دروسه، لكنه واجه نظرات الطلاب اللذين ما فتئوا يجتمعون حوله، أو يشيرون بأصابعهم إليه، وأحيانا أخرى يوقفونه في الباحة ويسألونه عن سبب ما حل بوجهه، ليس ذلك وحسب فنظرة الشفقة التي كان يراها في عيون أصحابه ونظرة الاستهزاء والاشمئزاز التي كان يراها بعيون البعض الآخر.. كل ذلك دفعه إلى اتخاذ قرار حاسم هو "ترك الدراسة".. وبالفعل تركها وما هي إلا أيام حتى أقدم ماجد على خطوةٍ عدّها كل من عَرَفَهُ "جريئة، وشجاعة".. فتحت الباب من جديد أمامه كي يكون كما أراد دوما أن يكون.

يضيف "عدت إلى العمل، عدت موزعا للصحف اليومية، فقد أقنعت نفسي بأمرٍ ما، هو أن من أحب الطفل ماجد قبل أن يحترق وجهه، لن يضيره أن يحبه ويقدره أيضا بعد أن احترق وجهه"، مستدركا بقوله "لكن وبطبيعة الحال، كنت أخاف من أن يراني أحد، فبقيت طوال أشهر أضع لثاما يخفي وجهي، ولكن حينما اقتنعت أن ما حدث لي ليس سوى قدر من الله سبحانه وتعالى، قررت أن أخلعه (فلا يواري وجهه إلا صاحب سوءة، وأنا لست كذلك)".


لا بد للحلم أن يتحقق!

الحرق الذي أصاب وجه ماجد هو من الدرجة الثالثة، ورغم ذلك فقد خرج المذكور بعبرٍ شتى مما حدث معه، منها أن مصيبته ليست هي الأكبر في هذا الكون، "فكثيرا ما أحمد الله تعالى على حجم مصيبتي التي قد تكون أهون بكثير من مصائب غيري"، ومنها أيضا الإيمان بقدر الله والتوكل عليه "لولا أن خلق الله الإنسان قادرا على التكيف مع أية ظروف بيئية تحيط به، لما رأيتموني على ما أنا عليه".

أثناء مزاولته المهنة استطاع ماجد أن يكسب ثقة أحد العاملين في مجال تعليم وتدريب الشباب على تقنيات أجهزة الحاسوب الحديثة، فتطوع ليعلمه ذلك، وها هو ذا استطاع أن يخلق لنفسه هواية قرر بمجرد إتقانها ومعرفة خباياها افتتاح معملٍ للتدريب، وإصلاح الأجهزة المعطلة.

أثناء الحديث وضع ماجد يده على صدره وقال "لو أردت أن تعرف جمال إنسان.. انظر إلى هنا"، مشيرا بأصبعه نحو قلبه "فالجمال الحقيقي هو جمال القلب وطيبته، أما جمال الوجه فزائل مهما طال الزمن، وأنا أحتسب ما حدث لي عند الله فقط"، والأجمل في ماجد أنه وحتى اليوم لا يزال يمارس هوايته الطفولية "كرة القدم" مع أصدقاءٍ له لا يزالون يعتبرونه قدوة وصاحبا وأخا رغم ما حدث له.

"ما علاقتك اليوم بكل من.. المرآة.. والنار؟" باغتنا ماجد بهذا السؤال، فأجابنا "لا قدرة لمخلوق أمام قدرة الخالق، فلو قلت لكم أنني أخاف النار فهذا يعني أنني قانطٌ من رحمة الله، ولو أخبرتكم أنني أكره المرآة، فلا.. أنا أحب شكلي الذي اختارني الله كي أمضي بقية حياتي به، وها أنا ذا أترقب خيرا من وجهي هذا في الجنة".

حياة ماجد اليوم تمضي نحو الأفضل؛ لأنه اختار لنفسه هدفا يستطيع من خلاله أن يحقق ذاته، فيعوض ما ذهب منه بأمرٍ ينفعه وينفع مجتمعه.. فها هو ذا كل صباح ينادي على صحف فلسطين بعلو الصوت،، ويسير واثق الخطى حالما بمعمل التدريب والصيانة الذي قطع على نفسه وعدا إلا أن ينشأه ويديره بنفسه ليثبت أن الكفاءة والعمل هي المحرك الأساسي لأي مشروع وليس الشكل أبدا.

 صاحبة السمو
 09:23 PM
 23.09.08


ماجد طفل صغير استطاع ان يخوض صراع التحدي
بكل جداره ووقف بوجه المعوقات التي اعترضته
على الرغم من واقعه المرير

نحن يجب علينا ان نعتبر من تجربة الطفل ماجد
فهو على الرغم من صغر سنه خاض صراع يعجز الكبار عن
خوضه علينا ان ننظر الى الامور نظرة تفائل
وانه لا يوجد هناك مستحيل

فقد قال احد الفلاسفه :
سال الممكن المستحيل اين تعيش ؟
فاجابه في احلام العاجز
شكرا اخي الكريم على هذا الموضوع المفيد


تحياتي

 سعد الجدعان
 10:58 PM
 23.09.08
لا بد للحلم أن يتحقق!


مشكور اخي عالموضوع المميز

 جاسم محمد العقيدي
 08:19 AM
 24.09.08
«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»مشكورين أخواني على المرور الطيب«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»
" لو أردت أن تعرف جمال إنسان.. انظر إلى هنا"


مشكور أخوي على هذه القصة الجميلة
 عبدالعزيز الدميمي
 12:37 PM
 28.09.08
مشكور أخوي الوافي
على الموضوع المميز
هذا الطفل شخص من ملايين الأشخاص
في هذا البلد
الله يكون معاهم
 جاسم محمد العقيدي
 01:19 AM
 18.10.08
رامي


عبد العزيز


نورتم الموضوع
Up