نسيم الليل كالآهات من جيكور يأتيني
فيبكيني
بمب نفثته أمي فيه من وجد و أشواق
تنفس قبرها المهجور عنها قبرها الباقي
على الأيام يهمس بي تراب في شراييني
ودوزد حيث كان دمي و أعراقي
هباء من خيوط العنكبوب و أدمع الموتى
إذا ادكروا خطايا في ظلام الموت ترويني
مضى أبد و ما لمحتك عيني
ليت لي صوتا
كنفح الصور يسمع وقعه الموتى هو المرض
تفك منه جسمي وانحنت ساقي
فما أمشي و لم أهجرك إني أعشق الموتا
لأنك منه بعض أنت ماضي الذي يمض
إذا ما اربدت الآفاق في يومي فيهديني
أما رن الصدى في قبرك المنهار من دهليز مستشفى
صداي أصيح من غيبوبة التخدير أنتقض
على ومض المشارط حين سفت من دمي سفا
و من لحمي أما رن الصدى في قبرك المنهار
و كم ناديت في أيام سهدي أو ليلليه
أيا أمي تعالي فالمسي ساقي و اشفيني
يئن الثلج و الغربان تنعب من طوى فيه
و بين سريري المبتل حتى القاع بالأمطار
و قبرك تهدر الأنهار
و تصطخب البحار إلى القرار يخضها الإعصار
أما حملت إليك الريح عبر سكينة الليل
بكاء حفيدتيك من الطوى و حفيدك الجوعان
لقد جعنا و في صمت حملنا الجوع و الحرمان
و يهتك سرنا الأطفال ينتحبون من ويل
أفي الوطن الذي آواك جوع ؟ أيما أحزان
تؤرق أعين الأموات
لا ظلم و لا جور
عيونهما زجاج للنوافذ يخنق الألوان
هناك لكل ميت منزل بالصمت مستور
و لكنا هنا عصفت بنا الأقدار من ظل
إلى ظل و من شمس إلى شمس يغيب النور
على شرفات بيت ضاحكات ثم يشرق و هي أطلال
و يخفق حيث كركر أمس أطفال
صرير للجنادب هامسات إنه المقدور
تصدع برج بابل منه و انهدمت صخور السور
أما حملت إليك الريح عبر سكينة الليل
بكاء حفيدتيك من الطوى يعلو من السهل
نفس وقبر
نفسي من الآمال خاوية
جرداء لا ماء و لا عشب
ما أرتجيه هو المحال و ما
لا أرتجيه هو الذي يجب
قدر رمى فأصاب صادية
في الجو خرت و هي تنتحب
من ذا يعيد إلى قوادمها
أفق الصباح تضيئه السحب
صلب المسيح فأي معجزة
تأتي و أي دعاء ملهوف
ستزيح أبواب السماء له
أغلاقها حبل من الليف
هيهات يرقى للسماء به
ليهز عرش الله تخريفي
مولاي مشلول فتحدجني
عين الملاك و أي ملهوف
لا يشتكي لله محنته
إرجع لبيتك دون إبطاء
فبأي آمال أعيش إذن
و أدب حيا بين أحياء
لولا مخافة أن يعاقبني
عدل السماء لعنت آبائي
و لعنت ما نسلوا و ما ولدوا
من بائسين و من أذلاء
الدودة العمياء يلسعها
برد يقلصها و يطويها
أواه لو ترضى تبادلني
عيشي بعيش كاد يفنيها
و لو استجاب الله صرخة ذي
بلوى لصحت و خير ما فيها
موت يجيء كأنه سنة
و يمس آلامي فينهيها
كم ليلة قمراء يطفئها
ليل النجوم و دورة الشهر
محسوبة ويلاه من عمري
و هي التي ضاعت على عمري
و ثلاثة خضراء أربعة
نثرت أزهارها و ما أدري
يا ليتها بغد تعوضني
فتمر باكية على قبري
نهر العذارى
يا نهر لولا منحاك و ما يشابك من فروع
ما كانت البسمات في عيني تطفأ بالدموع
**
حجبت بالشأو البعيد تسد بابيه الظلال
وجهاً تلاقي في محياه الوداعة و الجمال
مرآتك الخضراء منذ جلوتها تحت السماء
ما لاح فيها مثل ذاك الوجه في ذاك الصفاء
**
إن أوقد الليل العميق نجومه في جانبيك
لّماحة الأضواء تغمر بالأشعة ضفتيك
**
ناشدت ألحاظ الكواكب و هي تخترق الظلام
الا ينمن و إن تشهّين الكرى حتى تنام:
**
أنتن أسعد ما أظل الكون يا زهر النجوم
أنتن أبصرتنّ ذاك الوجه في الليل البهيم!
**
حتى إذا ما رنح النجم الأخير سنا الصباح
فانقضّ تحت القبة الزرقاء مقصوص الجناح
**
أصبحت فوق المعبر المهجور أرقب منحناك
فأبوح بالشكوى و تسكت عن شكاتي ضفتاك
**
الفتنة السمراء تسرقها مياهك بعد حين:
الشعر و العينين و الثغر المنضّر و الجبين
**
فإذا الهجيرة أطلقتها زرقة الأفق البعيد
فالظلّ مقصوص الجناح يفرّ من عود لعود
**
سارت إليك بطيئة الخطوات ذابلة الشّفاه
جاءتك ظمأى بالبنان الرخص تغترف المياه
**
كم عدت مخمور الفؤاد بموعد المدّ القريب
جذلان أقتحم الظهيرة بالتطلع و الوثوب
**
التوت فوق الشاطيء الغربي و السّعف الصموت
لا يجهلان تنهّداتي و هي بينهما تموت
**
و الغاب ساعتي الحبيبة من ظلال عقرباها
كم أنبآني أن طرفي بعد حين قد يراها
**
و اليوم يسقي مدّك العاتي أواخر كل جزر
لا ذاك يجلوها و لا هذا بما أرجوه يجري
* *
و اليوم إن سكر الخرير و عاد يحتضن الجرارا !
لم ألق عذرائي فكيف الصّبر يا نهر العذارى ؟!
ها ها هو
تنامين أنت الآن و الليل مقمر
غانيه أنسام وراعيه مزهر
و في عالم الأحلام من كل دوحة
تلقاك معبر
و باب غفا بين الشجيرات أخضر
لقد أثمر الصمت ( الذي كان يثمر
مع الصبح بالبوقات أو نوح بائع
بتين من الذكرى و كرم يقطر
على كل شارع
فيحسو و يسكر
برفق فلا يهذي و لا يتنمر
رأيت الذي لو صدق الحلم نفسه
لمد لك الفما
و طوق خصرا منك و احتاز معصما
لقد كنت شمسه
و شاء احتراقا فيك فالقلب يصهر
فيبدو على خديك و الثغر أحمر
و في لهف يحسو و يحسو فيسكر
لقد سئم الشعر الذي كان يكتب
كما مل أعماق السماء المذنب
فأدمى و أدمعا
حروب و طوفان بيوت تدمر
و ما كان فيها من حياة تصدعا
لقد سئم الشعر الذي ليس يذكر
فأغلق للأوزان بابا وراءه
و لاح له باب من الآس أخضر
أراد دخولامنه في عالم الكرى
ليصطاد حلما عينيك يخطر
و هيهات يقدر
من النفس من ظلمائها راح ينبع
و ينثال نهر سال فانحل مئزر
من النور عن وضاء تخبو و تظهر
وفي الضفة الأخرى تحسين صوته
فما كان يسمع
كما يشعر الأعمى إذ النور يظهر
يناديك
ها هو هوه
ماء و يقطر
من السعفة النشوى
بما شربت من غيمة نثها نجوى
و أصداء أقدام إلى الله تعبر
و ناديت ها هو هوه لم ينشر الصدى
جناحيه أو يبك الهواء المثرثر
و نادى ورددا
ها هو هوه
و فتحت جفنا و هو ما زال ينظر
ينادي و يجأر
هدير البحر والأشواق
هدير البحر يفتل من دمائي من شراييني
حبال سفينة بيضاء ينعس فوقها القمر
و يرعش ظلّها السحر
و من شباكي المفتوح تهمس بي و تأتيني
سماء الصيف خلّف طيفه في صحوها المطر
و نحن نسير و الدنيا تسير و تقرع الأبواب
فتوقظ من رؤاه القلب ذاك عدوك الزمن
تدور رحاه كم ستظلّ تخفق ؟ ها هم الأصحاب
تراب منه تمتليء الدروب و تشرب الدمن
يودّ القلب لو حطمته لو حطمت خفقاته شفتيك
و الكتفين و الصدرا
و لو ذرّتك من زفراتي الحرى
رياح الوجد و الحرمان و الهفي على عينيك
ليتهما تمران
بدمع أو بإشفاق على صحراء حرماني
لينبت في مداها الزهر ليتهما تمرّان
بما نسج التأمل من غيوم فيهما حيرى
بما نسج التفرد من نجوم فيهما سكرى
على عمري الذي عراه من زهراته الداء
يود القلب لو حطمته لو حطمت خفقاته شفتيك
و الكتفين و الصدرا
ولو عرّاك لو ذرّاك لو أكلتك أشواقي
و لو أصبحت خفقا أو دما فيه أو سرّا
فإن أحببتك الحب الذي أقسى من الموت
و أعنف من لظى البركان و الحب الذي يأتي
إليّ كأنّ نفخ الصور فيه فكل ذر الميتين دم و أحياء
فذاك لأنك النور الذي عرى دجى الأعمى
و أنت صباي عاد إليّ أختا عاد أو أمّا
و أنت حبيبتي أفديك أفدي خفق جفنيك
و ما نفضا من السحب
وافدي خفق نهديك
على قلبي
هرم المغني
بالأمس كنت إذا كتبت قصيدة فرح الدم
فأغمغم
و أهيم ما بين الجداول و الأزاهير و النخيل
أشدو بها أترنّم
زاد لروحي منذ سقسقة الصباح إلى الأصيل
زاد و لكن عنه قد صدفت تجوع و لا تريد
ما ينعش الآمال فيها
هي حشرجات الروح أكتبها قصائد لا أفيد
منها سوى الهزء المرير على ملامح قارئيها
**
هرم المغنّي هدّ منه الداء فارتبك الغناء
بالأمس كان إذا ترنّم يسمك اللّيل الطروب
بنجومه المترنحات فلا تخر على الدروب
و اليوم يهتف ألف آه لا يهز من المساء
سعف النخيل و لا يرجح زورق العرس المحلّى
بعيون أرام و دفلى
و درابك ارتعدت حناجرها فأرعدت الهواء
**
هرم المغني فاسموه ذلك تسعدوه
و لتوهموه بأن من أبد شباب من لحون
و موى ترقرق مقلتاه له و ينفح منه فوه
هو مائت أفتبخلون
عليه حتى بالحطام من الأزاهير و الغصون
أصغوا إليه لتسمعوه
يرثي الشباب و لا كلام سوى نشيج بالعيون
سلم على إذا مررت
أتى و سلّم صدّقوه
هرم المغنّي فارحموه
هل كان حبا
هل تسمين ألقى هياماً؟
أم جنونا بالأماني؟ أم غراما ؟
ما يكون الحب؟ نوحاً و ابتساما؟
أم خفوق الأضلع الحرى إذا حان التلاقي
بين عينينا فاطرقت فراراً باشتياقي
عن سماء ليس تسقيني إذا ما؟
جئتها مستسقياً ألا أواما
**
العيوم الحور لو أصبحن ظلاً في شرابي
جفت الأقداح في أيدي صحابي
دون أن يحضين حتى بالحباب
هيئي يا كأس من حافاتك السكرى مكانا
تتلاقى فيه يوما شفتانا
في خفوق و التهاب
و ابتعاد شاع في آفاقه ظل اقتراب
**
كم تمنى قلبي المكلوم لو لم تستجيبي
من بعيد للهوى أو من قريب
آه لو لم تعرفي قبل التلاقي من حبيب
أي ثغر مسّ هاتيك الشّفاها
ساكبا شكواه آها ثم آها ؟
غير أني جاهل معنى سؤالي عن هواها ؟
أهو شيء من هواها يا هواها ؟
**
أحسد الضوء الطروبا
موشكاً مما يلاقي ان يذوبا
في رباط أوسع الشّعر التثاما
السماء البكر من الوانه آنا و آنا
لا ينيل الطرف إلا أرجوانا
ليت قلبي لمحة من ذلك الضوء السجين
أهو حبّ كل هذا خبريني
همسك الهاني
خيالك أضحى لابسا من فؤاديا
رداء موشى بالرؤى البيض حاليا
و كنت كذاك الطائر الخادع الذي
يراه رعاة البهم في المرج هاويا
فيعدون بين العشب و الزهر نحوه
و إن رعاة قاربوه طار جذلان شاديا
فما زال في إسفافه و انطلاقه
فلا هو بالنائي و لا كان دانيا
و ما زال يلهي راعيا عن قطيعه
و مزماره حتى يضل المساريا
و إنك قد أشغلتني صانك الهوى
عن الشعر لما أن تبعتك راضيا
و إن على مرآة شعري سحابة
لأنفاسك الولهى تغشى المرائيا
و إن رغب الروح انطلاقا أعاقه
صدى روحك الرخو الجناحين داعيا
و همسك ألهاني فما بت سامعا
لحون إله الشر أو بت واعيا
و قيثارتي ما شأنها و أناملي
بشعرك باتت عابثات لواهيا
ألا يتسنى يا ابنة الحب ساعة
لروحي أن ترقى النهود العواريا
فتلمح من عليائها أفق فتنة
يوافيه إشعاع من الحب زاهيا
سأهتف بالأشعار إما رأيته
و أستقبل الإلهام سهلا مواتيا
متى حومت في أفق ثغرك قبلة
يصعدها ثغري فقد زال ما بيا
و عدت لرب الشعر جذلان سامعا
حفيف جناحيه ينادي خياليا
هوى واحد
على مقلتيك ارتشف النجوم
وعانقت آمالي الآيبة
وسابقت حتى جناح الخيال
بروحي إلى روحك الواثبة
أطلت فكانت سناً ذائباً
بعينيك في بسمة ذائبة
*
أأنت التي رددتها مناي
أناشيد تحت ضياء القمر
تغني بها في ليالي الربيع
فتحلم أزهاره بالمطر
ويمضي صداها يهز الضياء
ويغفو على الزورق المنتظر
*
خذي الكأس بلي صداك العميق
بما ارتج في قاعها من شراب
خذي الكأس لا
جف ذاك الرحيق
و إلا صدى هامس في القرار
ألا ليتني ما سقيت التراب
*
خذي الكأس إني زرعت الكروم
على قبر ذاك الهوى الخاسر
فأعراقها تستعيد الشراب
وتشتفه من يد العاصر
خذي الكأس اني نسيت الزمان
فما في حياتي سوى حاضر
*
وكان انتظار لهذا الهوى
جلوسي على الشاطيء المقفر
وإرسال طرفي يجوب العباب
ويرتد عن أفقه الأسمر
إلى أن أهل الشراع الضحوك
وقالت لك الأمنيات : أنظري
*
أأنكرت حتى هواك اللجوج
وقلبي وأشواقك العارمة
وضللت في وهدة الكبرياء
صداها .. فيا لك من ظالمة
تجنيت حتى حسبت النعاس
ذبولا على الزهرة النائمة
*
أتنسين تحت التماع النجوم
خطانا وأنفاسنا الواجفة
وكيف احتضنا صدى في القلوب
تغني به القبلة الراجفة
صدى لج احتراق الشفاة
وما زال في غيهب العاطفة
*
ورانت على الأعين الوامقات
ظلال من القبلة النائية
تنادي بها رغبة في الشفاة
ويمنعها الشك .. والواشية
فترتج عن ضغطة في اليدين
جكعنا بها الدهر في ثانية
*
شقيقة روحي ألا تذكرين
نداء سيبقى يجوب السنين
وهمس من الأنجم الحالمات
يهز التماعاتها بالرنين
تسلل من فجوة في الستار
إليك وقال ألا تذكرين
*
تعالي فما زال في مقلتي
سنا ماج فيه اتقاد الفؤاد
كما لاح في الجدول المطمئن
خيال اللظى والنجوم البعاد
فلا تزعمي أن هذا جليد
ولا تزعمي أن هذا رماد؟
ولامس شعرها شعري
مرت فلامس شعرها شعري
فاذا الهوى بجوانحي يسري
مرت ولم أرها سوى نبأ
عذب البشائر ذاع في صدري
القلب يعرفها بمشيتها
بالظل بالأنفاس بالعطر
يا ليت شعرينا اذ اعتنقا
عقدا فما انفرطا مدى الدهر
بل ليت مسرعة الخطى وقفت
ووقفت حتى ساعة الحشر
أشكو الغرام لها فتبسم لي
وتلين ان أسمعتها شعري
أدعوك واسمك لست أعرفه
دعوات حر ضاق بالأسر
آنست منك تطلعا ملكت
نظراته الجماح من فكري
أفغن هوى ما كان من تظرء
أم كان لهوا عاجل المر
بوحي بسرك لا بل اتئدي
أخشى الأسى ان بحت بالسر
فدعي الفؤاد يعيش مغتبطا
جذلان ما بين الرؤى الزهر
يا ليتني وقد ابتعدت مدى
قبلت ما لامست من شعري
بل ليت ما لامست منه غدا
حمراء مشرقة من الزهر
تكسين شعرك من مفاتنها
ثوبا من الألاء والنشر
وحي النيروز
طيف تحدى به البارود و النار
ما حاك طاغ و ما استبناه جبار
ذكرى من الثورة الحمراء و شحها
بالنور و القانيء المسفوك آذار
مرت على القمة البيضاء صاهرة
عنها الجليد فملء السفح أنهار
في كل نهر ترى ظلا تحف به
أشباح ( كاوا ) و يزهو حوله الفار
يا شعب ( كاوا ) سل الحداد كيف هوى
صرح على الساعد المفتول ينهار
و كيف أهوت على الطاغي يد نفضت
عنها الغبار و كيف انقض ثوار
و الجاعل ( الكير ) يوم الهول مشعلة
تنصب منه على الآفاق أنوار
قف عند ( شيرين ) واهتف ربما نطقت
وحدثتك بما تشتاق أحجار
و ربما ارتجت الأصداء و انفجرت
قيثارة في يد الراعي و مزمار
و الفارس الثائر المغوار هل بقيت
من خيله الصافنات البلق آثار
تكاد تسمع في الآفاق صيحة
كأنها في سماء الحق إعصار
مرت على الظلم فاهتزت دعائمه
و جلجلت فهي للباغين انذار
و ساء مستعمرا أن يستفيق على
أصدائها جائع في الحقل منهار
و أن يهب إلى الأغلال يحطمها
شعب و تنشق عن عينه أستار
كم أيتم البغي من طفل و سار على
بيت هوى جحفل للبغي جرار
و استؤسر الجائع العريان و اغتصبت
عذراؤه و استبيح الحقل و الدار
و شردت في صحارى الثلج أفئدة
من فوقها أعظم تدمى و أطمار
و كشر السجن عن بابيه و ارتفعت
حمر المشانق يغذوهن جزار
كيعرب مظلوم يمد يدا
إلى أخيه فما أن يهدر الثار
و المستغلان في سهل و في جبل
يدميها بالسياط الحمر غدار
سالت دماؤهما في السوط فامتزجت
فلن يفرقها بالدس أشرار
و أغمد الظلم في الصدرين مخلبه
فجمعت بالدم الجرحين أظفار
ووحد الجوع عزم الجائعين على
أن يوقدوها و ألا تخمد النار
و كدس العري أجساد العراة على
درب إلى النور قد أفضى بمن ساروا
وقرب القيد من شعبين شدهما
ووجهت من خطى الشعبين أفكار
يا فرحة العيد ما في العيد من مرح
حتى تحرر من محتلها الدار
مشكور اخي سعد على ذكر سيرة شاعرنا المبدع ونتاجه الرائع
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر ------ أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
شعره دائما رائع وانت اخي سعد رائع ايضااااااااااااا
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد مصلح النجرس: مشكور اخي سعد على ذكر سيرة شاعرنا المبدع ونتاجه الرائع
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر ------ أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
شعره دائما رائع وانت اخي سعد رائع ايضااااااااااااا
يا صمت يا صمت المقابر في شوارعها الحزينه
أعوي أصيح أصيح في لهف فأسمع في السكينه
ما تنثر الظلماء من ثلج وقار
تصدي عليه خطى وحيدات و تبتلع المدينة
أصداءهن كأن وحشا من حديد من حجار
سف الحياة فلا حياة من المساء إلى النهار
أين العراق ؟ و أين شمس ضحاه تحملها سفينة
في ماء دجلة أو بويب ؟ و أين أصداء الغناء
خفقت كأجنحة الحمام على السنابل و النخيل
من كل بيت في العراء
من كل رابية تدثرها أزاهير السهول
إن مت يا وطني ففبر في مقابرك الكئيبة
أقصى مناي و أن سلمت فإن كوخا في الحقول
هو ما أريد من الحياة فدى صحاراك الرحيبة
أرباض لندن و الدروب و لا أصابتك المصيبة
**
أنا قد أموت غدا فإنّ الداء يقرض غير وان
حبلا يشدّ إلى الحياة حطام جسم مثل دار
نخرت جوانبها الرياح و سقفها سيل القطار
يا إخوتي المتناثرين من الجنوب إلى الشمال
بين المعابر و السهول و بين عالية الجبال
أبناء شعبي في قراه و في مدائنه الحبيبة
لا تكفروا نعم العراق
خير البلاد سكنتموها بين خضراء و ماء
الشمس نور الله تغمرها بصيف أو شتاء
لا تبتغوا عنها سواها
هي جنة فحذار من أفعى تدب على ثراها
أنا ميت لا يكذب الموتى و أكفر بالمعاني
إن كان غير القلب منبعها
فيا ألق النهار
أغمر بعسجدك العراق فإنّ من طين العراق
جسدي و من ماء العراق
وغدا سألقاها
و غدا سألقاها
سأشدها شدا فتهمس بي
رحماك ثم تقول عيناها
مزق نهودي ضم أواها
ردفي واطو برعشة اللهب
ظهري كأن جزيرة العرب
تسري عليه بطيب رياها
و يموج تحت يدي و يرتجف
بين التمنع و الرضا ردف
و تشب عند مفارق الشعر
نار تدغدها هو السعف
من قريتي رعشت لدى النهر
خوصاته و تلين لا تدري
أيان تنقذف
و يهيم ثغري و هو منخطف
أعمى تلمس دربه يقف
و يجس نهداها
يتراعشان جوانب الظهر
تصطك سوف تبل بالقطر
سأذوب فيها حين ألقاها
يا أبا الأحرار
هب في الفجر هبوب العاصفات
قدر حطم أبواب الطغاة
قدر من سدة الله سعى
يزرع الزيتون في الأرض الموات
يا لها من قبضة في حدها
يكمن الموت و أسباب الحياة
حررت أعناقها من نيرها
و أنارت في الليالي المظلمات
يا كريما ما رأينا مثله
من كريم يا نجي المكرمات
لم تلح لولاك في ذاك الدجى
شمسنا أو تهو أصنام البغاة
يا أبا الأحرار يا رافعها
رابة تزهو على شط الفرات
دم لشعب عاش من تموزه
في نعيم فوق أشلاء الطغاة
يا غربة الروح
يا غربة الروح في دنيا من الحجر
و الثلج و القار و الفولاذ و الضجر
يا غربة الروح لا شمس فأئتلق
فيها و لا أفق
يطير فيه خيالي ساعة السحر
نا تضيء الخواء البرد تحترق
فيها المسافات تدنيني بلا سفر
من نخل جيكور أجني داني الثمر
نار بلا سمر
إلا أحاديث من ماضي تندفق
كأنهن حفيف منه أخيلة
في السمع باقية تبكي بلا شجر
يا غربة الروح في دنيا من الحجر
مسدودة كل آفاقي بأبنية
سود و كانت سمائي يلهث البصر
في شطها مثل طير هده السفر
النهر و الشفق
يميل فيه شراع يرجف الألق
في خفقه و هو يحثو كلما ارتعشا
دنيا فوانيس في الشطين تحترق
فراشة بعد أخرى تنشر الغبشا
فوق الجناحين حتى يلهث النظر
الحب كان انخطاف الروح ناجاها
روح سواها له من لمسة بيد
ذخيرة من كنوز دونما عدد
الحب ليس انسحاقا في رحى الجسد
و لا عشاء وخمرا من حمياها
تلتف ساق بساق و هي خادرة
تحت الموائد تخفي نشوة البشر
عن نشوة الله من همس و من سمر
في خيمة القمر
يا غربة الروح لا روح فتهواها
لولا الخيالات من ماضي تنسرب
كأنها النوم مغسولا به التعب
لم يترك الضجر
مني ابتساما لزوج سوف ألقاها
إن عدت من غربة المنفى هو السحر
و الحلم كالطل ميتلا به الزهر
يمس جفنين من نور و ينسكب
في الروح أفرحها حينا و أشجاها
تسللت طرقتي للباب تقترب
من وعيها و هو يغفو ثم تنسحب
و نشر الحلم أستارا فأخفاها
ورف جفناها
حتى كأن يدي
إذ تطرق الباب مست منهما واها
من دق بابي أهذا أنت يا كبدي
و ذاب من قبلتي ما خلف السهر
في عينها من نعاس فهي تزدهر
كوردة فتحت للفجر عيناها
يا ليل
ليت الليالي تنسي قلبي الألما
و النجم ينبئها عني بما علما
لعينيك يا ليل سر لا تبوح به
أغمضت عنه عيون الناس فانكتما
إلا عيوني ما أغمضت ساهدها
فبتن يرقبن منك النوء و الظلما
قد اتقيت أذاها فاستثرت لها
دمعا لهت فيه عما فيك منسجما
صحبت فيك سرى الأحلام مفزعها
و عذبها فطويت الغور و الأكما
فما التقتيت بمن أهوى أتحسبها
يقظى لديك فما أهدتها حلما
و هل نعمت من الدنيا برؤيتها
أما احترقت فأفزعت النجوم أما
ألم تخنك الدراري مذ شغفن بها
و كيف وارين غرب الدمع حين هما
ترى هل الأرض مأواها و موطنها
أم السماء نمتها فهي بنت سما
من السنا و الندى و الزهر منزلها
على الثرى من ندي الغيم قد رسما
إن الأهلية شيء من أرائكها
و الفجر مرآتها ما رف مبتسما
و ساءلتك و غرب الدمع سامرها
عني فألفتك قد أوليتها صمما
فردت الطرف نحو الغيم حائرة
فارتد بارقة يجلو لها الظلما
وهزت الأفق السهران باحثة عني
وبت أهز القلب مضطرما
فما نجومك و هي النيرات سوى
آثار أقدامها تروي لك الألما
و ما أغانيك و هي الخالدات سوى
أشتات قلبي تروي حبه نغما
أما سئمت من الآهات نرسلها
نارا و قلبك من قلبي أما سئما
ضم الفؤادين لم تبق النوى بهما
ما يستطيع حياة إن هما انصرما
يا نهر
يا نهر عادت إليك من أبد اللحود و من خواء الهالكين
راعيك في الزمن البعيد يسرح البصر الحزين
في ضفتيك و يسأل الأشجار عندك عن هواه
أوراقها سقطت و عادت ثم أذبلها الخريف
و تبدلت عشرين مره
هيهات يسمه إذ توسوس في الدجى أصداء آه
بالأمس أطلقها لديك ترن في جرس الحفيف
كم قبلة عادت دوائر في مياهك مستسرة
دنياه كانت أمس فيك فهل تعود إلى الحياه
ليود من شغف بمائك لو غدا
ظلا يداعب فيه جنيّاته
متعلقا بشراع كل سفينة
ليجاذب الملاح أغنيّاته
وتلوذ أنوار النجوم بصدره
و تراقص الأمواج من ضحكاته
ما أخيب الموتى إذا رجعوا إلى الدنيا القديمة
و تلصصوا يتطلعون كما تطلع من كوى دار شريد
و رأى ثمار الجمر سار عصيرها دفئا و جال عبيرها المهدود
ما أخيب الموتى تكاد موتهم الهزيمة
شيئا أمرّ من الحياة
ما أخيب الموتى تغير كل شيء كل باق
مما أطلّ على الحياة لانهم كانوا كواه
أم مات ما عرفوه إذ ماتوا فليس سوى رؤاه ؟
فتكبدوا ألم الفراق
ألم التغريب مرتين فيا ضفاف النهر يا أمواجه و محاره
ماذا تبقى فيك من أمس الهوى ؟
الدوح أسلم للبلى ورقاته
و هي التي سمعت لديك حواره
و هي التي أودعت فيها في الضحى
قبلاتنا وطويت فيها ناره
إتى ذويت مع الظلام كما ذوى
ياليت لي شفة قتلثم أو يدا فتمسّ ماءك
إني لأكثر من غريب غربة و أشد حيره
لم يبق فيك سوى الزمان و ليس ما فيك قطره
من ماء أمس كأن فجرك عاد قبل غد مساءك
و كأن ضفتك الحبيبة ضفّة الأبد البعيد
يا نهر أن وردتك " هالة " و الربيع الطلق في نسيانه
و لى صباها فهي ترجف الكهولة و هي تحلم بالورود
في حين أثقلها الجليد كأن نبعا في اللحود
تمتص منه عروقها دمها فقل لم ينس عهدك
و هو في أكفانه
يقولون تحيا
لا حببت لو أن في القلب بقيا
وقد لفه الليل للمشرق
يقولون ما زلت تحيا أيحيا
كسيح إذا قام أعيا
به الداء فانهار لم تخفق
على الدرب منه الخطى يا أساه
و يا بؤس عينيه مما يراه
يقولون تحيا فيبكي الفؤاد
فلو لم يكن خافقا لاستراح
كطير رمى يجر الجناح
و قد مد عبر الربى و الوهاد
بعينيه في دوحة خلف تلك الظلال
سجا عشه فيه زغب جياع
إذا حجب الغيم ضوء الهلال
يقولون هذا جناح أبينا و قد عاد بعد الصراع
بوهرة
بقطرة
من الطل حتى يطل الصباح
كطير رمي يجر الجناح
أقضي نهاري بغير الأحاديث غير المنى
و إن عسعس الليل نادى صدى في الرياح
أبي يا أبي طاف بي و انثنى
أبي يا أبي
و يجهش في قاع قلبي نواح
أبي يا أبي
أبي يا أبي في صفير القطار
أبي يا أبي في صياح الصغار
خفاف الخطى يعبرون الدروب
بلا غاية يقطفون الثمار
و لا يطعمون ابنة جائعة
و لي منزل في سهول الجنوب
إذا كنت أسعى من السابعة
إلى أوبة الطير عند الغروب
فكي أطعم الجائعين
وراء نوافذه شاخصين
إلى الدرب أين الأب المطعم )
أبي يا أبي و الدجى مظلم
و جيكور خلف الدجى و الدروب و خلف البحار
يوم ارتوى الثأر
بشراك هذا الذلة انقشعا
وانفك عن ساعيك القيد وانقطعا
ازلزل الشر ما خلفت زاوية
يندس فيها ولا أبقيت منتجعا
يا أمة ما انهوى عن صدرها صنم
الا وأوصى لدانمنه فافترعا
من كل جازي يد بالزاد تطعمه
غلا ومن آكل الثدي الذي رضعا
هاك اسمعي الصور والموتى اذا انبعثوا
فاليوم كل سيجزى بالذي صنعا
الله أكبر ما أمهلت طاغية
الا لكي يحصد النار التى زرعا
جيل من الأعين الغضبى وقافلة
من غيظ جيلين في ميعادك اجتمعا
وانحط منها على الباغي وزمرته
ظل تخطى اليه السور والقلعا
كالسيل من حمم والنار من ظلم
والموت لو كان يحوي ذلك الفزعا
ما رعب قابيل اذ يعدو فتتبعه
عينا أخيه المسجى حيثما نزعا
شق الثرى عنه من لحظيهما شبح
أزجى عليه الدم المطلول فاتسعا
يوما بأوفى من الرعب الذي فجأت
نكبأؤه الصرصر الطاغوت فامتقعا
يوم اشتفى كل قلب كان فاجمعه
وزلزل القصر حتى مال وانصدعا
وامتد من حيث ولى باع محتجز
واسود من حوله الفولاذ والتمعا
في موقف تنفس الشحاذ ذلتها
فيه الأمير الذي من جوعها شبعا
وزمرة من لصوص كل ما جمعت
ما رد عنها قضاء الشعب أو دفعا
أنزلت بالثورة البيضاء عاليها
سفلا وعاجلت منها الرأس فاقتطعا
لم يرتو الثأر من جلاد أمته
حتى وان جندلته النار وانصرعا
فاقتض من جيفة الجلاد مجتزيا
منها عداد الضحايا من دم دفعا
هذا الذي كل ثكلى فهو مشكلها
والمستحل الضحايا ليته ارتعدا
والسارق النور من عيني أطفأه
والجاعل النوم في مهد ابنني وجعا
بالأمس كنا سبايا دون سدته
فاليوم نعطيه ما أعطى وما منعا
ما قطعته الجموع الثائرات ولا
أدمته الا بما أدمى وما قطعا
لم يكذب الجيش الا ظن شرذمة
خالته في كل ما تبغى له تبعا
والجيش ما كان الا سور أمته
والرافع الجور عنها كلما وقعا
ان تعل وان تمس بنائبة
مسته أدهى وان نادت به سمعا
والجيش ما كان الا سر قائده
هذا الذي حرر الأعناق اذ طلعا
عبد الكريم الذي أجرى بثورته
ماء ونورا كغيم ممطر لمعا
أمسرى وبغداد تحت الليل غافية
في سجنها وسهيل بعد ما طلعا
فما تنفس أو كاد الصباح نها
الا وقد حطم الأوثان واقتلعا
في ثورة عاد منها الشعب منتصرا
والحق مزدهرا والبغي منصرعا
حتى ازدهى كل شبر في العراق ففي
مينائه اليوم نور الفجر قد سطعا
يوم السفر
من لقلبي على اقدر
قضي الأمر بالسفر
آه لو أنه مضى
معهم يتبع الأثر
أترى كان ينثني
عن محبيه لو قدر
من معيبي على الغرام
إذا ضج أو زخر
زحم القلب موجة
فعنا القلب و انقهر
أسفا زورق المنى
وسط أمواجه اندثر
أقبلت فتنة الفؤاد
و في عينها الخبر
عبرات على التراب
تهاوين في ضجر
إنها خمرة الغرام
سقينا بها الحجر
يوم أن لاح انها
لحرام على البشر
إنه يومنا الأخير
عن الفرقة انحسر
خلديه بقبلة
تصرف الهم و الكدر
لذة تنتقي و ذكرى
ستبقى مدى العمر
لن أرى جنة الهوى
لا ولن أقطف الثمر
من شفاه حوالم
برؤى اللثم كالزهر
و بعيد عن البلوغ
لقاء و إن قصر
قد جلت ساعة الوداع
شتاتا من الصور
أدمع فابتسامتان
فيأس فمصطبر
يوم الطغاة الأخير
إلى الملتقى و انطوى الموعد
و ظل الغد
غد الثائرين القريب
يدا بيد من غمار اللهيب
سنرقى إلى القمة العالية
و شعرك حقل حباه المغيب
أزاهير القانية
نرى الشمس تنأى وراء التلال
و بين الظلال
قد رف مثل الجناح الكسير
على كومة منحطام القيود
على عالم بائد لن يعود
سناها الأخير
تقولين لي هل رأيت النجوم
أأبصرتها قبل هذا المساء
لها مثل هذا السّنا و النّقاء
تقولين لي هل رأيت النجوم
و كم أشرقت قبل هذا المساء
على عالم لطخته الدماء
دماء المساكين و الأبرياء
تقولين لي هل رأيت النجوم
تطل على أرضنا و هي حرّه
لأول مرّة
نعم أمس حين التفتّ إليك
تراءين كالهجس في مقلتيك
و إذ يستضيء المدى بالحريق
فيندكّ سجن و يجلى طريق
و يذكي بأطيافه الدافئة
محيّاك باللهفة الهانئة
تقولين نحن ابتداء الطريق
و نحن الذين اعتصرنا الحياة
من الصّخر تدمى عليه الجباه
و يمتص ريّ الشفاه
من الموت في موحشات السجون
من البؤس من خاويات البطون
لأجيالها الآتية
لنا الكوكب الطالع
و صبح الغد الساطع
وآصاله الزاهيه